مع بدء العد التنازلي للانتخابات المحلية العراقية المقرر إجراؤها في الثامن عشر من الشهر المقبل، كشفت مصادر عراقية من داخل مفوضية الانتخابات عن ارتفاع كبير في نسبة المرشحين من أسر وأقرباء مسؤولين وقيادات سياسية بارزة في البلاد، وسط ترجيحات بانخفاض نسبة المشاركة في عملية الاقتراع من قبل العراقيين.
ونشرت صحيفة “العربي الجديد” تقريراً تابعته “منصة “إيشان”، ان “هذه الانتخابات يخوض قرابة 70 حزباً وتحالفاً سياسياً، وأكثر من 6 آلاف مرشح يتنافسون على مقاعد مجالس المحافظات في الانتخابات المحلية، المقرر إجراؤها في 18 كانون الأول القادم”.
وتابعت الصحيفة في تقريرها أن “هذه الانتخابات تجري بعد عشرة أعوام من إجراء آخر انتخابات محلية في البلاد، في ظل تفشي البطالة وتدهور السوق العراقية بفعل انخفاض قيمة الدينار مقابل الدولار، وعدم إنهاء ظاهرة السلاح المنفلت، وسيطرة الأحزاب النافذة على مقدرات الدولة والمناصب الهامة، وزيادة ملحوظة في تنامي الفقر، ناهيك عن انهيار عامل الثقة ما بين الناخب والمرشح”.
ونقلت الصحيفة عن مسؤول بارز في مجلس أمناء مفوضية الانتخابات العراقية، لم تسمه، قوله إنّ “أحد الأسباب التي تدفع الباحثين والمختصين لتوقع مشاركة منخفضة في الانتخابات هي ارتفاع عدد المرشحين من أقرباء وأسر قيادات سياسية وحكومية، إلى جانب تكرار الوجوه القديمة في ترشيح نفسها، ورفع الشعارات والوعود الانتخابية ذاتها التي رُفعت في انتخابات سابقة”.
وأضاف المسؤول أن “نحو 30 بالمائة من المرشحين للانتخابات هم ما بين أشقاء وأبناء وزوجات وأزواج وأقارب أعضاء في البرلمان ومسؤولين حكوميين وقيادات حزبية وأخرى في الفصائل المسلحة”، وتابع المسؤول ذاته، مشترطاً عدم ذكر اسمه، أن “هذه النسبة كبيرة وهي أكبر من نسبتها في الانتخابات التي جرت في السنوات السابقة، وهناك أسر رشح فيها الأب وابنه وأسر أخرى الزوج وزوجته”.
وأكد أن “ترشيح هؤلاء غير مخالف للقانون، فلا يوجد نص يمنع ذلك، وأن المفوضية عملت في الفترة السابقة على مطابقة جميع المرشحين للشروط المحددة للترشح، وتم استبعاد المخالفين، وأن هؤلاء ممن تنطبق عليهم شروط الترشيح لخوض الانتخابات”، مستدركاً: “إلا أن هؤلاء ستنفذ عليهم شروط الحملات الانتخابية، وستتم محاسبة أي منهم تثبت مخالفته للشروط وتجاوز الحد المقرر للحملات الانتخابية”.
وشدد على أن “المفوضية تتابع الحملات الانتخابية، كما أنها تتلقى بلاغات من مواطنين بشأن الحملات المخالفة، وأن إجراءاتها وإن تأخرت إلا أنها ستتخذ بحق كل من يثبت عليه مخالفته للشروط”.
من جهته، أكد عضو التيار المدني علي الغراوي أن “التنافس الانتخابي صعب للغاية أمام الدعم والأموال التي يبذلها المرشحون من إخوان وأقارب المتنفذين في الدولة في حملاتهم الانتخابية”، مبيناً لـ”العربي الجديد”، أن “هؤلاء تجاوزوا كل حدود الحملات الانتخابية التي حددتها المفوضية، وأن المفوضية لن تتخذ بحقهم أي إجراء”.
وأشار إلى أن “هذا النفوذ الكبير للمرشحين واستغلال أموال الدولة وآلياتها بحملاتهم الانتخابية، أمر خطير ويؤشر إلى اتساع نفوذ العوائل في مؤسسات الدولة”، محملاً مفوضية الانتخابات “مسؤولية متابعة تلك الحملات ومحاسبتهم بعيداً عن المجاملات”.
وانتقد النائب السابق عن القوى الكردية عبد الباري الزيباري، في تدوينة له على منصة “إكس”، ما سماه بـ”توريث السلطة”، قائلاً إنّ “التوريث المطلق للسلطة سلبي على العائلة والمجتمع، ويؤدي إلى انهيار شامل للدولة والعائلة، وتذهب في مهب الريح كل التضحيات”.
أما الناشط سلام الحياوي، فقد عد وجود هؤلاء في التنافس الانتخابي تأكيداً على حجم الفساد الخطير الذي ينخر في البلاد، وقال لـ”العربي الجديد”، إن “هؤلاء هم الوجه الواضح للفساد في البلاد، إذ إنهم يستغلون أموال الدولة في حملاتهم، ويشترون أصوات الناخبين من أموال الدولة، ويضمنون الفوز بتلك الأموال، وبعد فوزهم سيتسلطون على مقدرات الدولة”.
وشدد على أن “هذا التوغل خطير للغاية، ويؤشر إلى أن البلاد ستبقى تدور في حلقة الفساد ما بقيت الأحزاب ذاتها تقود البلد”.