كاد الصراع أن يشتعل بين القوات العراقية، وقوات سوريا الديمقراطية “قسد”، لو انطلقت رصاصة واحدة اليوم، على الحدود بين البلدين، حين أجبرت بغداد، قسد، على إخلاء مخفر حدودي داخل العراق، سيطرت عليه القوات المدعومة أمريكياً، بين سنتي 2016 – 2017.
أبقى العراق، ذلك المخفر بيد قوات سوريا الديمقراطية، ولم يسترجعه منها، إلا حينما سيطرت “فصائل المعارضة السورية”، بقيادة الجولاني، أو أحمد الشرع، على الحكم في سوريا.
تحرس قسد، سجوناً تكتظ بإرهابيي داعش، ومع التحركات الأمنية هناك، والصراع بين الفصائل السورية نفسها، قرر العراق أن يستعيد المخفر الحدودي، وتتدخل القطعات الأمنية لتستعيده، لكن بشكل لم يشهد أي إطلاق نار.
الخبير الأمني، اللواء صفاء الأعسم، يقول لـ “إيشان”، إن “إخراج قسد، لم يتضمن عمليات قتال وكل ما هنالك، حصلت عودة إلى النقطة الحدودية، وأحيطت من قبل القوات الأمنية العراقية”.
وعن تفاصيل الحادثة، يوضح: “منذ عام ٢٠١٦ – ٢٠١٧، وبعد أن كانت هناك معسكرات لتنظيم داعش الإرهابي قرب الحدود العراقية، استولت قوات قسد، على مخفر حدودي اسمه زاكروس، وبقيت مستقرة به”.
وأضاف، أن “العراق بلغ قوات قسد بمغادرة المخفر، والعودة إلى سوريا، لأنه ضمن الحدود العراقية، وكان هناك اعتراض أو عدم موافقة، ثم تقدمت القوات العراقية إلى المخفر، وكان هناك تهديد لقوات قسد بضرورة إخراجهم من هذا الموقع، وبالنهاية تركوا الموقع وأعيد إلى الداخل العراقي”.
وأشار إلى أن “القوات العراقية استقرت الآن، في المخفر، من دون أي مشكلة، وكان من الممكن أن يكون هناك تصادم، لو بقيت قسد بمكانها”.
وعن مخاوف العراق، يبين قائلاً: “لغاية الآن، هناك مخاوف مما يجري في سوريا، والدليل تواجد القوات العراقية على الحدود بكافة صنوفها”.
ولفت إلى أن “العراق ما زال متخوفاً من التوتر في الأراضي السورية، لأن سوريا الآن شبه مقسّمة بين الأتراك، وقوات سوريا الديمقراطية، إضافة إلى الكيان الصهيوني، وكلها نقاط تشير إلى وجود عدم استقرار، فضلاً عن الدواعش الموجودين في سجون قسد”.
وأصدرت قيادة قوات الحدود، في وقت سابق من اليوم، بياناً بشأن ما حصل مع قوات قسد، حيث قالت: “نود ان نوضح ان قيادة قوات الحدود العراقية عملت على إخراج عناصر من قوات سوريا الديمقراطية الذين كانوا يتواجدون في نقطة داخل الأراضي العراقية ضمن قاطع الفوج الثاني لواء الحدود السابع عشر”.
وأضاف بيانها الذي ورد لـ “إيشان”، أن “هذا الاجراء يأتي من قبل قوات الحدود العراقية لإكمال نصب الجدار الكونكريتي على الشريط الحدودي العراقي السوري والذي يقوم به الجهد الهندسي التابع للقيادة”.
وبين البيان، ان “قيادة قوات الحدود العراقية تؤكد ان أمن الحدود في أعلى مستوياته وتدعو الى توخي الدقة في نقل المعلومات ومعرفة الاخبار من مصادرها الرسمية حصراً وعدم ذكر معلومات غير دقيقة من بينها ما تم تداوله مؤخرا عن وجود توتر في الشريط الحدودي العراقي السوري”.
وتُعد الحدود العراقية السورية من أكثر المناطق حساسية في المنطقة، حيث تشكل نقطة تلاقي بين دولتين شهدتا عقودًا من الصراعات وعدم الاستقرار.
وفي ظل التحديات الأمنية الكبيرة التي تواجهها المنطقة، تبرز المخاوف العراقية من تسلل عناصر تنظيم داعش عبر هذه الحدود، مما يهدد أمن البلاد واستقرارها. ومع تزايد الهجمات الإرهابية وعودة نشاط التنظيم في بعض المناطق، أصبح تعزيز الأمن على الحدود أولوية قصوى للعراق.
تعود مخاوف العراق من تسلل إرهابيي داعش إلى الطبيعة الجغرافية الوعرة للحدود الممتدة بين البلدين، والتي تسهل عمليات التسلل والاختباء.
بعد انهيار التنظيم في العراق وسوريا، لجأت العديد من العناصر الإرهابية إلى الاختباء في المناطق الصحراوية والجبلية، مستغلة الطبيعة الجغرافية المعقدة للمنطقة.
تعزز هذه المخاوف التقارير الاستخباراتية التي تشير إلى محاولات مستمرة من قبل عناصر داعش لاختراق الحدود وإعادة تنظيم صفوفهم في الداخل العراقي.
في مواجهة هذه التهديدات، اتخذت الحكومة العراقية سلسلة من الإجراءات الأمنية لتعزيز حماية الحدود مع سوريا. من بين هذه الإجراءات، إنشاء الحواجز والجدران الأمنية، حيث قامت القوات العراقية ببناء جدران خرسانية وحواجز أمنية على طول الحدود، تهدف إلى منع التسلل غير الشرعي.
ونشر العراق، القوات الأمنية، حيث عزز وجودها على طول الحدود، بما في ذلك قوات الجيش وحرس الحدود، الذين يقومون بدوريات مستمرة لمراقبة أي تحركات مشبوهة.
استخدم العراق، تقنيات متقدمة مثل كاميرات المراقبة والطائرات بدون طيار لمراقبة الحدود من الجو وتحديد أي تهديدات محتملة.
فضلاً عن الإجراءات، يعوّل العراق على الدعم اللوجستي والمعلوماتي المقدم من التحالف الدولي في حربه ضد داعش، مما يساعد في تعزيز قدراته على التصدي لأي تهديدات قادمة من الحدود.
ورغم التحديات السياسية، يعمل العراق على تعزيز التعاون الأمني مع الحكومة السورية لتبادل المعلومات ومكافحة التسلل عبر الحدود المشتركة.
في ظل التحديات الأمنية التي تواجهها المنطقة، تظل الحدود العراقية السورية نقطة حاسمة في جهود العراق لمكافحة الإرهاب والحفاظ على أمنه الداخلي.
ومن خلال تعزيز الإجراءات الأمنية والتعاون مع الشركاء الدوليين والإقليميين، يسعى العراق إلى إحباط محاولات تسلل إرهابيي داعش والحفاظ على استقرار البلاد وسلامة مواطنيه.