تشهد مدينتي النجف وقم، وكلاهما عاصمتان لرجال الدين الشيعة، استنفارا لتقديم المساعدات للبنان، بالتزامن مع ما تشهده البلاد من عدوان إسرائيلي، لا سيما مع إطلاق مرجع الطائفة، علي السيستاني “فتوى الإغاثة”، لـ”بذل كل جهد ممكن” لمساعدة لبنان.
ويشن الكيان الصهيوني أعنف وأوسع هجوم على لبنان منذ بدء المواجهات مع حزب الله قبل نحو عام، ما أسفر عن ارتقاء 2119 شهيدا و10019 جريحا، أغلبهم من المدنيين والنساء والأطفال، بحسب آخر بيانات السلطات الصحية في لبنان، في حصيلة تواصل الارتفاع يوميا.
فيما حذرت لجنة الأمم المتحدة الاقتصادية والاجتماعية لغربي آسيا (الإسكوا) وبالتعاون مع منظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسف) في دراسة جديدة من أن لبنان يقف على حافة انهيار كارثي بسبب العدوان الإسرائيلي.
استنفار في النجف
“منذ إطلاق فتوى الإغاثة من المرجعية العليا، وكل المدارس الحوزوية في النجف، بإداراتها وأساتذتها وطلابها، في حالة من الاستنفار لنجدة الشعب اللبناني الصامد أمام العدوان الصهيوني الغاشم”، يقول أحد رجال الدين في النجف، والذي تحفظ على ذكر اسمه.
ويضيف: “بالطبع مساعدة شعب يتعرض لانتهاك من قبل عدو يتحصن بترسانة مسلحة وعقيدة تشجع على القتل، لا تتطلب فتوى، لكن إطلاق الفتوى يلزم الأتباع والمقلدين لتوحيد الجهود لتقديم كل ما يمكن لمساعدة أهلنا في لبنان وجنوبه على وجه الخصوص”.
ومضى قائلا: “الفتوى بحد ذاتها دعم معنوي للمقهورين من المدنيين، وللمجاهدين في الوقت ذاته، رسالة تضامنية، بأنهم ليسوا وحدهم هناك”.
ويلفت إلى أن طلاب الحوزات، رغم الأجور التي يتقاضونها والتي تكفي لـ”تمشية امورهم على حد الكفاف”، خلال أيام الدراسة، فإنهم خصصوا جزءا منها لتقديم التبرعات والمساعد، بما جادت أيديهم”.
“هذا أوان الجنوب”
في قم الإيرانية، لا يبدو الحراك “الإغاثي” أقل من نظيره في النجف، يقول أحد أساتذة الحوزة، أن “الأساتذة والحوزة في المدارس الدينية يساهمون بكل ما تجيد به أنفسهم لإغاثة شعبنا الصامد في لبنان وجنوبه”.
ويشير إلى أنه ودع عددا من طلبته اللبنانيين الأسبوع الماضي، مع احتدام المواجهات في لبنان، ويلفت إلى أن “الطبلة التحقوا ببلادهم تاركين عوائلهم في قم، بتصرف شخصي، إذ لم يصلهم بلاغ بالحاجة إلى مقاتلين، ولكنهم ذهبوا لمؤازرة المواطنين وشد عضد المقاتلين”.
وبالتواصل مع أحد الطلبة الذين ينوون الاتحاق ببلادهم، قال إنهم سيذهبون إلى سوريا ومن هناك التوجه إلى لبنان، في مسار عكسي لطريق النازحين.
وأشار الطالب الذي تحفظ على ذكر اسمه لدواعٍ أمنية، إلى أن الطلبة يتحركون بقرار شخصي، وهم يدرسون في جامعة المصطفى العالمية، ويسكنون مع عوائلهم في مجمعات تابعة للجامعة، بعضهم يسكن إيران منذ 4 سنوات، وبعضهم يتم دراسته خلال مدة تصل إلى 10 سنوات.
وعن ضرورة التحاقهم بالجبهات، قال إن “ما يحركنا وازع ديني وإنساني، ووطني، نحن أبناء هذه الأمة، أمة الجنوب، فهذا أوانها، وهو واجب على عاتقنا قبل غيرنا، نذهب من منطلق التعبير القرآني: سنشد عضدك بأخيك”.
وبشأن مصير عوائلهم في حال تعرضهم للخطر، قال إن “الحافظ الله، والحوزات لن تتخلى عن عوائل رجالها، إنهم بحفظ الله ورعايته لا خوف عليهم”.