اخر الاخبار

الخارجية العراقية تعلن تعرض مبنى قنصليتها في إسطنبول إلى إطلاق نار من مجهولين

أعلنت وزارة الخارجية العراقية، تعرض مبنى قنصليتها في إسطنبول...

في الشرق والغرب.. السيد السيستاني يجيب عن دلالات المجتهد الأعلم: يحددها الموثوق بهم

  أجاب المرجع الديني الأعلى السيد علي السيستاني، على استفتاء...

ذات صلة

التقسيم يعصفُ بسوريا.. هل تتحقق الدويلات الطائفية؟

شارك على مواقع التواصل

بعد أشهر من هدوء حذر شهدته سوريا إثر سقوط نظام بشار الأسد وسيطرة فصائل الجولاني على مفاصل الدولة، عاد اليوم مشهد التقسيم إلى الواجهة مجدداً، لا سيما مع ارتكاب مجازر بحق الطائفة العلوية.
ومنذ اندلاع الأزمة السورية عام 2011، أثيرت العديد من السيناريوهات حول مستقبل سوريا ووحدة أراضيها، ومع استمرار النزاع المسلح وتدخل القوى الإقليمية والدولية، بدأ الحديث يتزايد عن احتمال تقسيم سوريا إلى دويلات قائمة على أسس طائفية وعرقية وجغرافية، وهو ما يثير القلق بشأن مصير الدولة السورية الموحدة.
تتميز سوريا بتنوع طائفي وعرقي غني، تتوزع فيها عدة مكونات رئيسية تشمل العرب السنة، العلويين، الأكراد، الدروز، والمسيحيين، وقد حافظت على وحدتها السياسية منذ الاستقلال عام 1946، رغم توترات داخلية متكررة، أبرزها صراعات على السلطة والانقلابات العسكرية، وصولًا إلى اندلاع الحرب الأهلية في 2011.
بفعل الحرب المستمرة والتدخلات الأجنبية، تشهد سوريا اليوم حالة من التقسيم الفعلي غير المعلن، إذ تسيطر جهات متعددة على مناطق مختلفة من البلاد.
حيث تسيطر الإدارة الجديدة على العاصمة دمشق ومعظم المدن الكبرى، في حين تسيطر قوات سوريا الديمقراطية على مناطق واسعة شمال شرقي سوريا، أبرزها محافظة الحسكة وأجزاء من الرقة ودير الزور، بدعم أميركي، وهذه المناطق ذات غالبية كردية، مع تواجد عربي واضح.
عدة تقارير استراتيجية ودراسات غربية تناولت إمكانية تقسيم سوريا إلى كيانات أو دويلات وفقًا لما يلي: (دويلة علوية: تقام على الساحل السوري في محافظتي اللاذقية وطرطوس، دويلة كردية: في الشمال الشرقي، تضم الحسكة والقامشلي وأجزاء من الرقة ودير الزور، وتكون تحت حكم الإدارة الذاتية الكردية، دويلة سنية: تضم دمشق ومناطق إدلب وريف حلب والرقة، وتخضع لتأثير تركي مباشر، دويلة درزية: في السويداء وجبل العرب، وهو سيناريو طرحته بعض الجهات الخارجية، رغم رفض غالبية أبناء الطائفة لأي تقسيم.
وفي هذا الشأن يقول المختص بالشأن الدولي والعلاقات الخارجية علي يحيى، إنه “من الصعب أن يرسم سيناريو واحدا لسوريا، وذلك باعتبارها أرض خصبة وجغرافية سياسية متغيرة.
يحي يشير لمنصة “إيشان”، إلى أنه “بعد الانقلاب الجيوسياسي في سوريا، استنفذ الجولاني وإدارته جزء من المهلة التي أعطيت إليه لشكيل نظام مقبول بعد إصراره على تشكيل سلطة مذهبية من لون واحد”.
ويلفت إلى أن “الامعان في الاغتيالات والاعتقالات والفصل التعسفي من الوظائف على اساس طائفي، أدى لتفجير الأوضاع وتقويض الجهود الدبلوماسية التي قادها وزيري الخارجية السوري والتركي الشيباني وحاقان فيدان خلال الأشهر الماضية”.
ويؤكد المختص بالشأن الدولي، أن “المجازر التي وقعت في الساحل السوري ستجر لحرب عصابات وستقوض شرعية سلطة الجولاني في الساحل ومناطق أخرى يتوقع أن تمتد اليها الاشتباكات كحمص وحماة”.
ويبين، أن “هذه الأحداث ستتعزز المطالبة بإقليم جديد سيلقى دعما من روسيا والإمارات ومصر والعراق ودول أخرى، كمقدمة لمحاولة تغيير الواقع السياسي في دمشق، إلا إن سارعت سلطة الجولاني وسلطة أردوغان خلفه للدفع لتشكيل حكومة وطنية جامعة فشلت فيها تركيا حتى الآن”.
وبحسب المختص، فإنه “من المتوقع أن يتم الإعلان عن تنسيق بين قسد والمجلس العسكري المشكل في الساحل السوري والمجلس المشكل في السويداء والذي ستنضم قوى أخرى”.
تاريخياً، أدت التحولات السياسية في سوريا إلى تبدل خرائط إقليمها ومساحته وأوزان اللاعبين المؤثرين فيه حتى شملت التغيرات ألوان علم البلاد وشعارها واسمها الرسمي.
وقد شهدت الدولة السورية عمليات مختلفة ومستمرة لإعادة بناء الدولة وتشكيلها بداية من الانتداب الفرنسي على سوريا ولبنان وتقسيم البلاد عام 1920 وإخضاعها للحكم المباشر تحت “الاتحاد الفيدرالي السوري” عام 1922، مروراً بالوحدة بين دمشق وحلب داخل “الدولة السورية” عام 1925، مروراً، أيضاً، باستقلال لبنان عن سوريا الفرنسية عام 1943، ووصولاً إلى نهاية أولى محاولات الوحدة العربية، وخروج دمشق عن عباءة “الجمهورية العربية المتحدة” بانفصال سوريا عن مصر بعد انقلاب عسكري سوري عام 1961.
ومن ثم خسارة هضبة الجولان أمام إسرائيل التي تحتلها منذ حرب 1967، ليضاف كإقليم حدودي محتل داخل الدولة السورية جنباً إلى جنب مع خسارة إقليم لواء إسكندرون الحدودي السوري الذي تحول اسمه إلى “محافظة هاتاي” التركية.
صحيفة “وول ستريت جورنال” نقلت عن مصادر مطلعة أن تعمل على إقناع القوى العالمية بدعم تبني سوريا نظاما اتحاديا من المناطق العرقية المستقلة، مع جعل المناطق الحدودية الجنوبية منزوعة السلاح.
التقديرات تشيرات إلى أن “هذه الرؤية تهدف إلى إضعاف الحكومة المركزية، وهو ما قد يؤدي إلى نتائج عكسية حسب محللين”.
وفي سياق متصل، أعرب رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو عن التزام حكومته بحماية الأقلية الدرزية في سوريا، مؤكدًا: “لن نسمح للنظام الإسلامي الراديكالي الجديد في سوريا بإلحاق الضرر بالدروز”.
وقالت المصادر إن “تل أبيب ترى في التحولات السياسية في سوريا تهديدًا متزايدًا، وتسعى لإقناع الدروز السوريين برفض الحكومة الجديدة عبر خطة إنفاق تفوق مليار دولار”.
وذكرت الصحيفة أن “إسرائيل أعلنت عن تخصيص هذه الميزانية لمساعدة الدروز، في خطوة وصفها محللون بأنها محاولة لتعزيز علاقتها بهذه الأقلية بهدف التأثير على مواقفها السياسية”.
وكما أشار التقرير إلى أن “الدروز في إسرائيل لطالما اشتكوا من التمييز، لا سيما في قضايا الإسكان والتخطيط العمراني، ما دفع تل أبيب إلى اتخاذ إجراءات لتحسين أوضاعهم”.
وأفادت الصحيفة بأن “بعض أفراد الطائفة الدرزية في سوريا أبدوا مخاوفهم من النظام الجديد، بينما عبر آخرون عن دعمهم لإسرائيل ودعوا إلى انفصال مجتمعهم عن دمشق”.
وفي المقابل، خرجت احتجاجات شعبية واسعة في مناطق درزية، منددة بالمخططات الإسرائيلية، وأعلن زعماء الطائفة الدرزية عن تمسكهم بوحدة سوريا.
وفي هذا السياق، صرح ليث البلعوس، قائد مجموعة درزية في السويداء، قائلا: “موقفنا واضح، نحن لا نريد الحرب ولا نريد أن تصبح سوريا طائفية”.
كما كثفت إسرائيل ضرباتها العسكرية خلال الأيام الماضية على مواقع عسكرية سورية جنوب البلاد، مبررة ذلك بمنع وقوع الأسلحة في أيدي الحكومة الجديدة.
من جانبه، حسم الشيخ حكمت الهجري الجدل بشأن وجود مساعٍ انفصالية بمحافظة السويداء جنوب سوريا، بالتأكيد على أن مشروعهم “وطني سوري بامتياز”، داعياً إلى “عدم السعي للانقسام في البلاد”.
وظهر الهجري في مقطع فيديو مصور يقول: “مشروعنا مشروع وطني سوري بامتياز؛ وحدة سوريا أرضاً وشعباً، ولن نناقش أفكاراً تتجاوز ذلك، ولا نسعى، لا سمح الله، إلى الانقسام أو التقسيم. نريد الحفاظ على جذورنا”.
وتعرض الزعيم الروحي حكمت الهجري خلال الفترة الماضية لانتقادات واسعة من أبناء محافظة السويداء ومدينة جرمانا؛ لتأييده احتفاظ الفصائل الدرزية بالسلاح، ومطالبته بمشاركة الدول المؤثرة في الملف السوري للوصول إلى دولة مدنية؛ الأمر الذي عرض أبناء السويداء لحملة انتقادات من السوريين الرافضين التدخل الأجنبي ودعوات التقسيم.
وأعلنت القيادات المدنية في السويداء وجرمانا رفض التدخل الإسرائيلي، وبذلت مساعي بين جميع الأطراف ومع ممثلين عن الحكومة السورية وقوى الأمن لاحتواء التوتر، وإحباط محاولات إسرائيل زعزعة الوضع الداخلي السوري الهش أساساً.
والشيخ حكمت الهجري، أحد 3 زعامات روحية بارزة في السويداء، والآخران هما: الشيخ حمود الحناوي، والشيخ يوسف جربوع، وكلاهما عارضا طلب الهجري مشاركة الدول المؤثرة في الملف السوري للوصول إلى دولة مدنية، ورفضا أي حديث عن الانفصال.