اخر الاخبار

الصدر يعلّق على حريق الكوت: الفاجعة تكشف فسادهم

بعد الحريق الذي اندلع داخل مبنى الهايبر ماركت في...

صباحٌ أسود على العراقيين.. جثث متفحمة في الكوت والأهالي يبحثون عن ذويهم

استيقظ العراقيون على صباح أسود، وجثث متفحمة، ما زالت...

أين كانوا “إخوة زينب” حين دخل الجولاني دمشق؟ فيحان يوضح

أكد عدنان فيحان، محافظ بابل والقيادي في حركة "الصادقون"،...

ذات صلة

الجفاف يفتك بالجنوب: الجاموس يحتضر والمزارعون يغادرون الريف

شارك على مواقع التواصل

تواجه الثروة الحيوانية في العراق خطر الانهيار مع استمرار موجات الجفاف التي تضرب البلاد، والتي تسببت في تراجع أعداد رؤوس الجاموس إلى أقل من النصف خلال السنوات العشر الأخيرة، بحسب خبراء محليين وشهادات ميدانية.

في محافظة ذي قار جنوب العراق، يقف المزارع صباح إسماعيل، البالغ من العمر 38 عامًا، وسط قطيعه المتناقص من الجواميس، ليحكي عن التحول الذي أصاب مجتمعه الزراعي. يقول: “الناس رحلوا… لم يتبقَ سوى عدد قليل من المنازل”، مضيفًا: “كنت أملك بين 120 إلى 130 رأساً من الجاموس، والآن لا أملك سوى 50 إلى 60. بعضها نفق، وبعضها بعناه بسبب الجفاف”.

لطالما كانت تربية الجاموس مهنة متجذّرة في التقاليد الزراعية للعراقيين، وارتبطت بإنتاج الحليب ومشتقاته، حتى إن هذه الحيوانات ذُكرت في نقوش سومرية قديمة. إلا أن التغيرات المناخية الحادة، إلى جانب السدود المقامة من قبل تركيا وإيران، والافتقار إلى تقنيات ري حديثة، كلها عوامل ساهمت في تهديد هذه الحرفة التاريخية.

من الريف إلى المدن

بحسب “مرصد العراق الأخضر”، نزحت أكثر من 10,000 عائلة من قرى وأرياف ذي قار منذ عام 2023 وحتى الآن، نتيجة الجفاف الشديد وفقدان مصادر المعيشة. وشملت موجات النزوح مناطق مثل البطحاء وسيد دخيل والشطرة والرفاعي والجبايش، نحو مراكز حضرية مثل الناصرية وسوق الشيوخ وكرمة بني سعيد.

وقالت عضو المرصد، بشرى الطائي، إن المؤسسات الرسمية حاولت إغاثة العائلات المتضررة عبر توزيع سلال غذائية، وأجهزة كهربائية، وتنظيم دورات توعية وتنمية بشرية. لكنها أشارت إلى أن حجم الأزمة يتجاوز الدعم الإغاثي المؤقت، مؤكدة أن “المحافظة خسرت 11 ألف رأس جاموس منذ عام 2023، حيث انخفض عدد الجواميس من 21 ألفًا إلى 10 آلاف فقط حتى الآن”.

وتقول الطائي إن مربي الجواميس يواجهون تحديات إضافية، تتمثل في منعهم من الانتقال إلى مناطق تتوفر فيها المياه، بفعل تعليمات نقاط السيطرة الأمنية، مما يجبرهم على البقاء في أراضٍ قاحلة بانتظار تحسّن الأوضاع.

الأهوار تختنق

بحسب خبير الأهوار جاسم الأسدي، فقد انخفض عدد رؤوس الجاموس على مستوى العراق من 150,000 في عام 2015 إلى أقل من 65,000 رأس هذا العام. ويعزو ذلك إلى “نقص المراعي الخضراء، وتلوث المياه، وانتشار الأمراض، فضلًا عن عزوف المربين نتيجة ضعف العائد الاقتصادي”.

يُعد الجاموس ركيزة أساسية في نظام الحياة داخل الأهوار العراقية، والتي بدأت تتراجع بشكل لافت بفعل الجفاف المتكرر، ما أفرغ مناطق كاملة من سكانها الأصليين، ودفع آخرين إلى هجر المهنة نهائيًا. ويُحذر مربّون محليون من أن الصيف المقبل قد يشهد نفوق نصف ما تبقى من رؤوس الجاموس، في ظل غياب المياه وارتفاع أسعار الأعلاف.

أزمة مستمرة

العراق يُعدّ من بين أكثر خمس دول على مستوى العالم تأثرًا بالتغير المناخي، وفق تقارير الأمم المتحدة، وقد خسر بالفعل مساحات شاسعة من أراضيه الزراعية، ومصادره المائية، وتقلّص غطاؤه النباتي بشكل حاد. وتتداخل الأزمة المناخية مع ضعف السياسات المحلية، وغياب التخطيط طويل الأمد، ما يجعل من أزمة الثروة الحيوانية عنوانًا لأزمة أوسع تطال البيئة والمجتمع معًا.