خرجت الحكومة الفلسطينية الجديدة برئاسة، محمد مصطفى، إلى النور بعد مصادقة الرئيس الفلسطيني، محمود عباس، على تشكيلتها، في خطوة جاءت بعد ضغوط وتنسيق من الولايات المتحدة ودول عربية، وتسعى بشكل أساسي إلى رسم مرحلة ما بعد نهاية الحرب الإسرائيلية في غزة، ولكنها تصطدم برفض الحكومة الإسرائيلية والخلاف مع حماس.
وقال مصطفى، وهو رجل الاقتصاد المقرب من عباس: “الأولوية الوطنية هي وقف إطلاق النار والانسحاب الإسرائيلي الكامل من غزة.. سنعمل على وضع تصورات لإعادة توحيد المؤسسات بما يشمل تولي المسؤولية في غزة”.
ولا تتوقف التكهنات في الوقت الحالي بشأن مستقبل غزة بعد الحرب التي تقترب حاليا من الحدود المصرية، حيث يعتزم الجيش الإسرائيلي تنفيذ عملية عسكرية في مدينة رفح الواقعة أقصى جنوبي القطاع، والتي لجأ إليها أكثر من مليون نازح فلسطيني هربا من المعارك والضربات الجوية شمالي ووسط غزة.
وطالما أعلنت إسرائيل أنها لن تتعاون مع السلطة الفلسطينية التي لم تنتقد هجمات السابع من أكتوبر، وتواصل إرسال الأموال لأسر منفذي الهجمات ضد إسرائيل، كما دعت الولايات المتحدة في مناسبات عدة إلى ضرورة إحداث إصلاحات في السلطة الفلسطينية.
ما الجديد؟
قال المحلل الفلسطيني، عبد المهدي مطاوع، إن الحكومة الجديدة “مختلفة تماما عن أي حكومة سابقة”، مشيرا في تصريحاته لموقع “الحرة” إلى أن أسباب وجودها مرتبطة بشكل أساسي بالحرب غزة وسبل إنهائها.
وتابع حديثه مؤكدا أن مهامها الأساسية تتمثل في “توحيد الجهاز الإداري بين الضفة وغزة وصولا إلى الانتخابات، بجانب إعادة إعمار القطاع”.
من المقرر أن تؤدي الحكومة الجديدة اليمين الدستورية، الأحد، وأكد برنامجها الذي نشرته وكالة الأنباء الفلسطينية (وفا)، أنه يتضمن “العمل على إيلاء الوضع الإنساني أولوية قصوى بما يشمل وضع خطة شاملة للمساعدات الإنسانية والإغاثة الفورية في قطاع غزة، والتعافي وإعادة الإعمار في كل من القطاع والضفة وتركيز الجهود الهادفة إلى تثبيت واستقرار الوضع المالي وانعكاسه على الاستقرار الاقتصادي”.
من جانبه اعتبر المحلل السياسي الإسرائيلي، أمير أورن، في تصريحات لموقع “الحرة”، أن الحكومة الفلسطينية الجديدة “لا تختلف جوهريا عن سابقتها المستقيلة”، كما رأى أنها لن تكون قادرة على لعب أي دور في عملية التهدئة بقطاع غزة، حيث الأزمة الأساسية هي حكومة بنيامين نتانياهو، على حد تعبيره.
وأبدى مسؤولون أمريكيون إشادة مبدئية بالحكومة الجديدة، ونقلت صحيفة “واشنطن بوست” عن المتحدث باسم وزارة الخارجية، ماثيو ميلر، قوله إن “الإدارة متشجعة بوجود وزراء ولدوا في غزة في إشارة إلى أن الحكومة تسعى لتمثيل كامل الشعب الفلسطيني”.
كما أبرزت صحيفة واشنطن بوست أن رئيس الحكومة الجديد حليق وثيق لعباس، مشيرة إلى أن ذلك يعني أن رئيس السلطة الفلسطينية يعتزم “الاحتفاظ بالسيطرة السياسية بدلا من التراجع”، وذلك على الرغم من دعوات واشنطن لإجراء إصلاحات مهمة في السلطة.
“توافق” من دون حماس
أضاف مطاوع أن الحكومة الجديدة تشكلت بناء على “توافق عربي وأمريكي”، وتابع: “هذه الحكومة جزء من المقترحات الأميركية ولا يمكن إخفاء ذلك. ستقدم الحكومة نفسها على أنها سلطة فلسطينية متجددة تعالج الإصلاحات المطلوبة وتؤهل نفسها لإدارة قطاع غزة في اليوم التالي للحرب”.
وكان السفير الفلسطيني لدى المملكة المتحدة، حسام زملط، كشف في تصريحات لصحيفة “غارديان” البريطانية، نهاية فبراير الماضي، عن مساعدة قطر ومصر في “تشكيل حكومة تكنوقراط فلسطينية جديدة”، وسط مشاورات بين جميع الفصائل السياسية الفلسطينية، بما في ذلك حركة حماس المصنفة إرهابية في الولايات المتحدة ودول أخرى.
وشدد زملط على أن “حماس لن يكون لها أعضاء في حكومة التكنوقراط الجديدة، لكن حقيقة التشاور معها تظهر أن الجهود جارية لمعرفة ما إذا كانت الوحدة الفلسطينية بين حماس وفتح قابلة للتحقيق”.
وانتقدت حماس ما وصفته بالقرار “الفردي” الذي اتخذه عباس بتعيين أحد حلفائه رئيسا للوزراء وتكليفه بالمساعدة في إصلاح السلطة الفلسطينية وإعادة إعمار غزة.