بعد أن تحولت محافظة البصرة في عام 2008، إلى حلبة للصراع بين “جيش المهدي” والقوات الأمنية التي يقودها نوري المالكي، حين كان رئيساً للوزراء، فسمّى المعركة بـ “صولة الفرسان”، بينما يسميها الصدريون بـ “صولة آل الصدر”.
هذا الصراع بين الطرفين بقيَ مستمراً لغاية اليوم، حتى وصل إلى تمزيق دعايات المرشحين مع دولة القانون في انتخابات مجالس المحافظات.
وفي تلك المعركة، التي قدرت الخسائر البشرية فيها من الطرفين بـ 1500، بينما بلغت الخسائر المادية نحو 27 مليون دولار، وفيها حاصر جيش المهدي القصر الرئاسي وبداخله المالكي، واستعان الأخير بالمروحيات لقصف تلك التجمعات، تجوب مناطق البصرة اليوم، مجموعات تعمل على تمزيق دعايات دولة القانون، مذكرة بمعركة 2008.
الخصام الذي بدأ في 2008 ولم ينته، إلى اليوم، يمثل عصبة الصراع بين الأقطاب الشيعية التي تتصدر الساحة السياسية، على الرغم من انسحاب الصدر منها بعد أزمة “تشكيل الحكومة” التي سبقت تنصيب السوداني برئاستها.
ومع بدء الحملات الدعائية التي استبقت انتخابات مجالس المحافظات المقرر إجراؤها منتصف الشهر الحالي، شهدت البصرة وبعض المحافظات الأخرى، تمزيق صور المرشحين، لا سيما المقربين من المالكي وائتلافه، الأمر الذي عمق من خلاف أنصار زعيم دولة القانون والتيار الصدري، بعد الاتهامات المتبادلة بهذا الخصوص.
ومع انطلاق الحملات الدعائية لانتخابات مجالس المحافظات، مطلع شهر تشرين الثاني الجاري، أحرقت لافتات دعائية لزعيم ائتلاف دولة القانون، نوري المالكي، بمدينة الصدر شرقي العاصمة بغداد، ذات الغالبية الشيعية.
وتداولت منصات التواصل الاجتماعي، مقاطع فيديوية تظهر احتراق لافتة انتخابية لزعيم ائتلاف دولة القانون، نوري المالكي، بعد ساعات من وضعها في ساحة مظفر مدخل مدينة الصدر.
استنكار قدمه مكتب ائتلاف دولة القانون، في البصرة بعد الاعتداءات التي طالت مبنى مقره الرئيسي في المحافظة بقذيفة صاروخية فضلا عن استهداف مكاتب مرشحيه للانتخابات المحلية ليلة امس.
المكتب الذي دان ما حصل يوم أمس، وصف مرتكبي هذه الأفعال، بالاشخاص “الخارجين عن القانون”، قبل أن يشيد بدور الشرطة في تأمين حماية المكتب المذكور.
ويؤكد مكتب دولة القانون في البصرة أن “هذه الممارسات الخارجة عن القانون لا تزيدنا الا اصرار على مواصلة مشروعنا السياسي الذي يؤمن للعراق والعراقيين الحياة الحرة الكريمة والامن والامان”.
حملة الاستهدافات التي تشهدها المحافظات وخصوصاً ما يتعرض له دولة القانون، دفع عضو الائتلاف علاء الحدادي إلى الإقرار بوجود محاولات لإثارة الفتنة والتأثير على سير العملية النتخابية.
ما يحدث في البصرة لا يختلف عن المحافظات، وهذا الأمر أصبح واضحاً بسبب تنامي وصعود حظوظ ائتلاف دولة القانون والمقبولية التي يتمتع بها جماهيرياً، هكذا يقول الحدادي الذي تواصلت معه “إيشان”.
وفصّل عضو الائتلاف، الاستهدافات التي جرت خلال الأيام الماضية، حيث يؤكد تعرض مكاتب دولة القانون في البصرة وواسط إضافة إلى استهدافات، فضلاً عن قصف أحد المرشحين بصاروخ أر بي جي، خطوات تزيد من التوتر بين التيار الصدري والائتلاف.
ولم يستبعد الحدادي، دخول أطراف على خط الأزمة لإثارة الفتنة بين التيار الصدري ودولة القانون، واستغلال التوتر المسبق بين هذين الطرفين.
هذا الاستهداف، دفع حزب الدعوة الإسلامية أيضاً، إلى إصدار بيان دان فيه ما يحدث لمرشحي دولة القانون في البصرة وعدد من المحافظات الأخرى، محذراً من الانجرار إلى معارك بما وصفها بين الساحة الواحدة.
هذا الاستهداف، دفع حزب الدعوة الإسلامية أيضاً، إلى إصدار بيان دان فيه ما يحدث لمرشحي دولة القانون في البصرة وعدد من المحافظات الأخرى، محذراً من الانجرار إلى معارك بما وصفها بين الساحة الواحدة.
وقال الحزب في بيانه الذي ورد لـ “إيشان” إن “الاعتداءات التي حدثت ضد جملة من مكاتبنا ومرشحينا في بعض المحافظات هي أعمال تندرج في اطار الاخلال بالسلم الأهلي وترهيب الآمنين”.
ويضيف: “إذ نعبر عن رفضنا واستنكارنا لهذه الافعال الاجرامية، فإننا نرفض أيضا تحملينا مسؤولية آراء لأشخاص لا يمتون إلينا بصلة قريبة أو بعيدة تنظيميا أو سياسيا، واستخدام تعليقات غير مسؤولة ومرفوضة ومستهجنة لأفراد مجهولين من قبلنا ذريعة لمهاجمة مكاتبنا في بعض المحافظات والمناطق، والتي باتت تتكرر بنحو يثير الدهشة والاستغراب والاستهجان”.
ويتابع بيان حزب الدعوة: “نؤكد مرة أخرى موقفنا الثابت وهو عدم الانجرار إلى معارك بين أبناء الساحة الواحدة وأبناء المذهب الواحد، وحرصا على حرمة دماء العراقيين جميعا”.
ودعا البيان، حكومة السوداني إلى أن “تقوم بواجباتها الدستورية والقانونية في حماية المكاتب والمواطنين، وتضع حدا لهذه الحالات التي قد تؤدي الى فتنة عمياء واضطراب وفوضى”.
واختتم بيانه بالقول: ” أكدنا مرارا البراءة من أي شخص أو كلام أو موقف يسيء لأي طرف سياسي شريك، ونعيد التأكيد أن مراجعنا العظام من الشهداء الماضين أو الاحياء يمثلون قيادتنا الشرعية وأن المساس بهم هو مساس بثوابتنا وتجاوز للخطوط الحمر في مسيرتنا. وإننا نحترم خيارات الآخرين ومواقفهم، ونأمل أن يحترموا خيارات العراقيين وحقهم في انتخاب من يمثلهم عبر انتخابات حرة ونزيهة”.
وكان المالكي، قد خاطب أنصاره، خلال انطلاق الحملة الانتخابية لمرشحي ائتلاف دولة القانون لانتخابات مجالس المحافظات، بأن “محاولات تعطيل العمل من خلال تمزيق أو تكسير صورة لن تنجح”.
وقال المالكي أثناء تجمع انتخابي، إن “الذين يريدون التعويض بتمزيق صورة أو تكسير لافتة لن يوقفوا عملنا”، في إشارة قد تكون إلى التيار الصدري المنحسب من العملية السياسية.
المالكي، قدّم شكره لـ “الجماهير الذين ازداد حبهم لنا، حينما تجاوزوا هؤلاء المراهقون على بعض الصور للمرشحين”، مؤكدا أنه “إذا مزقوا واحده فسنضع اثنتين بدل الواحدة حتى نصل بمسعانا الى ما نريد”.
وتعد مدينة الصدر أكبر معاقل أنصار زعيم التيار الصدري في العراق، مقتدى الصدر، والذي ينتشر أنصاره في أغلب محافظات وسط وجنوبي البلاد.
وبينما تستمر الحملات الانتخابية 45 يوماً على أن تتوقف قبل 24 ساعة من التصويت الخاص في 16 كانون الأول من هذا العام، سيكون من حق أكثر من 16 مليون ناخب من أصل 23 مليوناً، لهم المشاركة في الانتخابات المحلية المقرر إجراؤها في الثامن عشر من كانون الأول المقبل.
التيار الصدري، يدخل على خط الأزمة، حيث وجه مدير مكتب زعيم التيار الصدري في سوريا، صلاح العبيدي، في وقت سابق دعوة الى أنصار التيار الصدري مفادها عدم المشاركة في الانتخابات القادمة وعدم الانجرار الى “المنزلقات التي تنصبها الجيوش الالكترونية في نزاع الانتخابات المقبل”.
وقال صلاح العبيدي في تسجيل صوتي: “الاخوة في التيار الصدري الى الانتباه جيدا وعدم الانجرار الى خلف المنزلقات التي تنصبها الجيوش الالكترونية في نزاع الانتخابات المقبل”، مبينا انه “لا يخفى ان هنالك نزاعاً انتخابياً بين اكثر من جهة شيعية على مقاعد مجالس المحافظات في الانتخابات المقبلة”.
واضاف صلاح العبيدي انه “لا يخفى ان التيار الصدري ليس من الانتخابات في شيء، سواء من قريب او بعيد، وحيادنا حياد سلبي 100%. لا يصوتون لأحد بحجة القرابة او المعرفة او الجيرة لانه انجرار لا يريده زعيم التيار الصدري، ولا ينجرون في الندية لما يجري من تنافس غير منطقي فيما بينهم”.
مدير مكتب الصدر في سوريا، اشار الى ان “واحدة من مفردات التنافس غير الشريف بينهم هو ان مجموعة من الملثمين قاموا بتمزيق دعايات انتخابية تابعة لائتلاف دولة القانون، وأنزلوا الفيديو مع انشودة صدرية بحجة انهم صدريون، ولكن هذا الشيء غير صحيح”، مبيناً أن “هؤلاء من الانداد ومبغضي المالكي من نفس الاطار”.
وحذّر العبيدي من أن “الايام القادمة سيكون الموضوع اكبر، ويجب التاكيد على الحيادية والسلبية في المعركة الدائرة فيما بينهم”، موضحاً: “لا نشارك في الانتخابات ولا نعلق بشيء”، داعياً الصدريين الى “حفظ الصور والمقالات منهم لكي تصبح ادلة ادانة عليهم في المستقبل”.
عصام حسين المحلل السياسي والمقرب من التيار الصدري، رفض تحميل الصدريين، مسؤولية تمزيق دعايات المرشحين وصورهم قائلاً: “هذه العملية ما هي إلا حرب بين الأحزاب المرشحة في بغداد والمحافظات”.
لا يوجد دليل على أن التيار الصدري متورط بالفعل في هذه الحرب، يواصل حسين في حديثه لـ “إيشان”، أن “الأحزاب السياسية الحالية تعتاش على الأزمات المصطنعة، وهي تتعمد استفزاز التيار الصدري”.