أكد رئيس مجلس الوزراء محمد شياع السوداني، أن إيقافَ ما يحدُثُ في فلسطينَ والمنطقةِ من انتهاكاتٍ هو مسؤوليةُ الجميع، وفيما أشار إلى أن العراق يشهد تنفيذ خطّة شاملة للإعمار والتنمية، عدّ اختيارَ العراق لرئاسةِ مجموعة الـ 77 والصين انتصاراً للدبلوماسيةِ المنتجة.
وقال السوداني في كلمة امام الجمعية العامة للأمم المتحدة بدورتها التاسعة والسبعين في نيويورك، والتي تنعقد تحت عنوان (عدم ترك أحد خلف الركب: العمل معاً من أجل السلام والتنمية المستدامة والكرامة الإنسانية للأجيال الحالية والمقبلة)، ان ” الدورةُ التاسعةُ والسبعونَ لاجتماعاتِ الجمعيةِ العامةِ للأممِ المتحدةِ تأتي في خضمِّ ظروفٍ خطيرةٍ تمرُّ على الشرقِ الأوسط، يواجهُ فيها النظامُ الدوليُّ العالميُّ امتحاناً صعباً يهددُ وجودَه، ويجعلَهُ عاجزاً عن تحقيقِ الأهدافِ التي تأسسَ من أجلها، ومنها الحفاظُ على الأمنِ والاستقرارِ الدوليَينِ وحقوقِ الانسان”، مبينا: ” إذ نشهدُ اليومَ سوابقَ تُخرَقُ فيها المواثيقُ والأعرافُ الدوليةُ كافة، ويتمُّ تحييدُ المُؤسساتِ الدوليةِ المُفترضِ بها أن تساهمَ في إدارةِ العلاقاتِ الدوليةِ وتنظيمِها، بما يعززُ السلمَ والاستقرار، ويرتقي بالعلاقاتِ الإنسانيةِ بعيداً عن العُنفِ والتعاملِ الوحشي”.
أدناه نص الكلمة:
بسم الله الرحمن الرحيم
السيدُ رئيسَ الجمعيةِ العامة
السيدُ الأمينُ العام
السيداتُ والسادةُ الحضور
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
تأتي الدورةُ التاسعةُ والسبعونَ لاجتماعاتِ الجمعيةِ العامةِ للأممِ المتحدةِ في خضمِّ ظروفٍ خطيرةٍ تمرُّ على الشرقِ الأوسط، يواجهُ فيها النظامُ الدوليُّ العالميُّ امتحاناً صعباً يهددُ وجودَه، ويجعلَهُ عاجزاً عن تحقيقِ الأهدافِ التي تأسسَ من أجلها، ومنها الحفاظُ على الأمنِ والاستقرارِ الدوليَينِ وحقوقِ الانسان، إذ نشهدُ اليومَ سوابقَ تُخرَقُ فيها المواثيقُ والأعرافُ الدوليةُ كافة، ويتمُّ تحييدُ المُؤسساتِ الدوليةِ المُفترضِ بها أن تساهمَ في إدارةِ العلاقاتِ الدوليةِ وتنظيمِها، بما يعززُ السلمَ والاستقرار، ويرتقي بالعلاقاتِ الإنسانيةِ بعيداً عن العُنفِ والتعاملِ الوحشي.
وجرى تجاهلُ مبادئَ مهمةٍ مثلِ السيادةِ والسلامةِ الإقليميةِ والتعاونِ المُتعددِ وقوانينِ الحرب، والقوانينِ الإنسانية والقانونِ الدولي الإنساني، ومسؤوليةِ الحماية، وحقِّ تقريرِ المصير، وأصبحَ العالمُ يُدفعُ دفعاً إلى مواجهاتٍ وصراعاتٍ شاملة، بينما يقفُ مجلسُ الأمنِ الدولي عاجزاً بلا دور.
ومع غيابِ هذهِ المسؤولية، قد يجري اللجوءُ الى آلياتٍ بديلةٍ، وتجاهلُ هذه المؤسساتِ ينذرُ بعودةِ العلاقاتِ الدوليةِ الى حالةِ الفوضى.
في ذاتِ الوقت، علينا أن لا ننسى الإشادةَ ببعضِ المواقفِ الشُجاعةِ لبعضِ الشخصياتِ التي تترأسُ هذه المؤسساتِ الأممية، ومنهم الأمينُ العامُّ للأممِ المتحدةِ السيد أنطونيو غوتيريس، إلّا أننا نرى وبوضوح، وبالرغمِ من المجهوداتِ الكبيرة، غيابَ التأثيرِ الفعّال.
إن إيقافَ ما يحدُثُ في فلسطينَ والمنطقةِ من انتهاكاتٍ هو مسؤوليةُ الجميع، وبالدرجةِ الأساسِ مجلسُ الأمنِ الذي فشِلَ في تحقيقِ أهمِّ أهدافه، وهي الحفاظُ على الأمنِ والسلمِ الدوليين.
وفي فلسطينَ المحتلة، اليومَ نحنُ إزاء شعبٍ يتعرّضُ الى اعتداءٍ من قوّةٍ عسكريةٍ مُحتلة، تُهجّرُ الملايينَ بلا رادع، وتقتلُ الآلاف، ويجري الحديثُ علناً عن تجويعٍ جماعي لإبادةِ هذا الشعب، وعن استخدامِ أسلحةٍ نوويةٍ للقضاءِ عليه، من قبلِ مسؤولينَ كبارٍ في الكيانِ المُحتلِ دونَ أي إجراءاتٍ رادعة، ولم يلتزمِ المجتمعُ الدوليُّ او أيٍّ من أعضائهِ بمسؤوليةِ الحمايةِ الواجبةِ عليهم وفقَ القانونِ الدولي.
حُرِمَ الشعبُ الفلسطينيُّ من حقِّ العيشِِ بكرامة ٍفي دولةٍ كباقي الشعوب، وسطَ عجزٍ عالميٍ مَعيب، بل يجري تمكينُ المُجرمينَ من التمادي والإيغالِ وتوسيعِ الصراعِ والهجومِ على الآخرين، من خلالِ دعمِهم وضمانِ إفلاتهم المُتكررِ من العقاب.
وكما شهدنا المزيدَ من الاستهتارِ الذي جعلَ القانونَ الدوليَّ وقراراتِ مجلسِ الأمن مجرّدَ حبرٍ على ورق، في سلسلةِ اعتداءاتٍ على دولِ المنطقةِ واحتلالِ الأراضي وضمِّها وتغييرِ الحدودِ الدوليةِ باستخدامِ القوّة، وبالضّدِّ من قراراتِ مجلسِ الأمنِ الدولي، وهي سوابقُ خطيرةٌ تهددُ النظامَ الدوليَّ برمته، وتضربُ عِمادَ المؤسساتِ الدولية، ما يرتّبُ آثاراً وخيمةً على الإنسانيةِ جمعاء.
وإمعاناً في التطرّف، يستدلُ الاحتلالُ بقرارِ مجلسِ الأمنِ رقمِ ألفٍ وسبعِمئةٍ وواحدٍ كذريعةٍ للعدوانِ على لبنان، ويختارُ هذا القرارَ وبعضاً من بنودهِ بشكلٍ انتقائي، في حين يتجاهلُ القراراتِ العديدةَ والمبادئَ التي لا تقبلُ الجدلَ في القانونِ الدولي، الصادرةَ عن مجلسِ الامن، من ضِمنها، القراراتُ مئتانِ واثنانِ واربعون، مئتانِ وستةٌ وأربعون، مئتانِ واثنانِ وخمسون، مئتانِ وخمسةٌ وستون، مئتانِ وسبعةٌ وتسعون.
ونشهدُ حملةً وحشيةً للقتلِ العشوائي واستخدامِ التكنولوجيا لتنفيذِ التفجيراتِ عن بُعد، دونَ اكتراثٍ للمدنيين العُزّل، في سابقةٍ خطيرة تؤشّرُ مدى تورّطِ حكومةِ الاحتلالِ وانغماسِها في ارتكابِ جرائمَ ضدَّ الإنسانية.
يقفُ العراقُ اليوم، بحكومتهِ وشعبه، وبتوجيهاتِ المرجعيةِ الدينيةِ العليا، مع لبنانَ وشعبهِ الشقيق، وهو يواجهُ صفحةً جديدةً من العدوانِ الوحشي المُبيّت، الساعي الى إغراقِ المنطقةِ بالصراعات، وهو ما سبقَ أن حذّرنا منه، وسنمضي بتقديمِ كلِّ مُساعدةٍ ممكنةٍ لتجاوزِ آثارِ هذه الاعتداءات.
موقفُنا هذا مبنيٌّ على تاريخٍ من الترابط، وثباتٍ عراقيٍ مَعروفٍ يرفضُ العُدوانَ والاحتلال، ويرفضُ سلبَ حقِّ الشعوبِ في أرضها وتراثها ومُقدساتها، ويُدينُ مُكرراً أيَّ دعمٍ دولي أو تسويغٍ لمُنطلقاتِ المُعتدي.
كما نسجّلُ الاستهدافَ المُمنهجَ المستمرَّ للوكالاتِ الدوليةِ والمنظماتِ الإغاثيةِ في الأراضي المحتلة، والجرأةَ في إلحاقِ الأذى بأفرادِها، ومنها وكالاتُ الأممِ المتحدة، بما في ذلك وكالةُ الأممِ المتحدةِ لإغاثةِ وتشغيلِ لاجئي فلسطين (الأونروا) في غزّة، التي من المُفترضِ أن تكونَ محميةً بموجبِ القانونِ الدولي.
وأودُ التذكيرَ بأنَّ هذه التعدّياتِ لا تعطّلُ العملَ الإنسانيَّ فحسب، بل تنتهكُ أيضاً المعاييرَ الدوليةَ التي تحمي المدنيينَ والقائمينَ على تقديمِ المساعدةِ في مناطقِ الصراع.
إن هذه التحرّكاتِ الأخيرةَ للاحتلالِ تبتغي تهديدَ استقرارِ بلدانِ المنطقةِ عبر إشعالِ حربٍ إقليميةٍ واسعةِ النطاق، وإنّ العراقَ، بصفتهِ عضواً مؤسساً للأممِ المتحدة، يأملُ بأنْ تحققَ هذه المؤسسةُ الأهدافَ التي تأسست من أجلها في حفظِ السلمِ والأمن، وتجنيبِ العالمِ مخاطرَ الحروبِ والمآسي التي ذاقها على مرِّ التاريخ.
إسمحوا لنا أن نعبرَ عن خيبةِ أملنا إزاءَ عدمِ نجاحِ مَجلسِ الأمنِ والمنظومةِ الدوليةِ في الوفاءِ بواجباته.
السيداتُ والسادة
نلاحظُ زيادةً كبيرةً في جرائمِ الكراهيةِ والتعصّبِ التي تؤثرُ على أمنِنا واستقرارِنا؛ ونحن بأمسِّ الحاجةِ إلى التعاونِ الدولي من أجلِ إشاعةِ روحِ التسامحِ والاحترامِ المُتبادل، ومكافحةِ خِطابِ الكَراهيةِ والتمييزِ والعُنفِ الذي هو في تزايدٍ مُطّردٍ حول العالم، حيث نرى أنَّ أحدَ أوجهِ خطابِ الكراهيةِ البارزِ هو تنامي ظاهرةِ الإسلاموفوبيا، التي تقوّضُ الجهودَ العالميةَ لتحقيقِ السلامِ والأمنِ والتعايش، وتهيئُ الأجواءَ لهجماتٍ تستهدفُ قيمَنا الاجتماعيةَ والأخلاقية، التي هي جزءٌ من وجودِنا الإنساني، ولذلك أدعو الأممَ المتحدةَ الى بذلِ جهودٍ أكبرَ لتعزيزِ الحِوارِ والتفاهمِ بين الثقافاتِ والأديانِ المختلفة، وأؤكدُ على ضرورةِ تعزيزِ الوحدةِ والوئامِ في مواجهةِ الاستقطابِ المتزايد، مع التأكيدِ على ضرورةِ وقوفِ قادةِ الدُولِ ورؤساءِ المؤسساتِ الدوليةِ ضدَّ التعصّبِ الديني والكراهية.
أصحابَ السيادة
أمّا في العراق، وعلى النقيضِ مما تقدّم، فهناك تطوراتٌ طيبة، فالبلدُ الذي احتلَّ داعشُ ثلثَ أراضيه، وكانَ الكثيرُ من المراقبين يرى بأنها كانت نهايةَ العراقِ الذي نعرفه، اليومَ وبعدَ عشرةِ أعوام، يشهدُ تنفيذَ خطّةٍ شاملةٍ للإعمارِ والتنمية، وإعادةِ الحياةِ الى المُدن، وترتفعُ المباني العاليةُ والبُنى التحتية، ويعمُّ الأمان.
ولا زال أمامَنا الكثيرُ من التحدياتِ الأساسيةِ في تحقيقِ الإصلاحاتِ الاقتصاديةِ والإداريةِ والبيئيةِ وتنويعِ الاقتصاد، ولقد خطونا خطواتٍ كبيرةً في مجالِ تحقيقِ الأمن، وحققنا انتصاراً على الإرهاب، وقريباً سنتوجُ هذا الانتصارَ على هذا التنظيمِ الإرهابي بإعلانٍ مشتركٍ ومهم، مع حلفائِنا وأصدقائِنا الذين وقفوا الى جانبِ العراقِ وساندوهُ ضدَّ عدوٍّ وحشي شكلَ خطراً على العالمِ أجمع.
وتنصبُّ جُهودُنا على تعزيزِ العمليةِ الديمقراطيةِ في العراق، والعملِ على ترسيخِ العَقدِ الاجتماعي والتلاحُمِ الوطني، وفقَ ما اختارهُ شعبُنا في دستوره الدائم لعام 2005، حيث قد نظّمنا انتخاباتِ مجالسِ المُحافظات، والتي كانت معطّلةً مُنذ عشر سنوات، وبعد أن تعرقلَ تنظيمُها في كركوك منذ عام 2005، والآن بصددِ تنظيمِ انتخاباتِ برلمانِ إقليم كُردستان العراق، وجُهودنا مُستمرة في تعزيزِ علاقةِ الحُكومة الاتحادية بحكومة الإقليم و بالحكومات المحلّية في المحافظات، وفق ما رسمهُ الدستور والقانون، وحماية وجود الأقليات والأطياف المتآخية، وتأمين احتياجاتهم، حيث أن مِن بين أولوياتنا هو إشاعةُ العدلِ والحفاظِ على التنوّع في بلدنا، الذي نعدّه من أهمّ ثرواتنا.
سيداتي سادتي،
ان أولوياتِ هذه الحكومةِ خمس: توفيرُ فرصِ العمل، وتحسينُ الخدمات، ومحاربةُ الفقر، ومكافحةُ الفساد، و تنفيذُ الإصلاحاتِ الاقتصادية.
تسعى الحكومةُ العراقيةُ الى إعادةِ تأهيلِ المواردِ البشريةِ اللازمة، وأنجزت خطواتٍ واسعةً في بناءِ مؤسساتِ الدولة، وفرضِ سلطةِ القانون، كما تسعى إلى تفعيلِ دورِ القطاعِ الخاصِ ومعالجةِ الترهّلِ الإداري، وتنويعِ مصادرِ الدخل، وإصلاحِ القطاعِ المصرفي والمالي، وإدارةِ التحولِ في مجالِ الطاقةِ ومعالجةِ أسبابِ الأضطراباتِ الاجتماعيةِ والاقتصادية، وبالتالي السياسية.
حيث يشكلُ هذا التحوّلُ بالنسبةِ للعراقِ أمراً معقداً، بسببِ التحدي الهيكلي الاقتصادي، المتمثلِ بالاعتمادِ على القطاعِ العامِّ في استيعابِ القوى العاملة، واستهلاكِ مداخيلِ النفطِ في دفعِ رواتبَ للملايينِ من الموظفين، فإنّ التحدّيَ المزدوجَ الذي يواجهُ العراقَ هو الاعتمادُ المفرطُ على مداخيلِ النفط، وتحجيمُ قدرتهِ على التنويعِ الاقتصادي، وجاء هذا نتيجةَ عقودٍ من الحُروبِ والحِصارِ الاقتصادي، وسياساتِ النظامِ الديكتاتوري الاقتصاديةِ العبثية، وبعض ِجوانبِ سوءِ التقديِر والإدارةِ فيما بعد، وهدرِ المواردِ البشريةِ والماديةِ القابلةِ للتنمية .
كما أنّ الحوكمة، ومكافحةَ الفسادِ ،وإنجازَ التحوّلِ الرقمي والحُكومةَ الإلكترونية، من أبرزِ أولوياتِنا، بوصفِها أهمَّ ستراتيجياتِ الحدِّ من الفساد، والحكمِ الرشيد، ولكننا ننتظرُ من المجتمعِ الدولي دعمَ جهودِنا في استردادِ الأموالِ المنهوبةِ التي هي حقٌّ للعراق، وإنهاءَ العَقباتِ القانونيةِ والتشريعيةِ التي تضعُها بعضُ الدولِ في سبيلِ توفيرِ ملاذٍ آمنٍ لأموالِ الفساد، مثل السرّيةِ المصرفيةِ ومنعِ الكشفِ عن المالكين المنتفعين؛ للمساعدةِ في التهربِ من المحاسبة.
أيها السيداتُ والسادة
إن العراقَ يسعى إلى تحقيقِ الأمنِ و الاستقرارِ الإقليمي، عن طريقِ إيجادِ سبلٍ للشراكاتِ البناءةِ لمواجهةِ التحدياتِ المشتركةِ من خلال التعاونِ بين الأطرافِ المشاركةِ وزيادةِ الاعتماديةِ التبادليةِ بطريقةٍ تصبُّ في مصلحةِ الجميع، ونخططُ لطرحِ مبادراتٍ تعكسُ التكاملَ الاقتصاديَّ والاستقرارَ الإقليميَّ في المنطقة، وعلى رأسِها مشروعُ “طريق التنمية”، الذي يهدفُ إلى تحويلِ العراقِ إلى مرتكزٍ إقليمي رئيسي للتجارةِ والمواصلات، وربطِ الشرقِ الأوسطِ بأوروبا عبر العراق، باستخدامِ شبكةٍ من السككِ الحديديةِ والطرقِ السريعةِ والمدنِ الصناعية، وربطِ ميناءِ الفاوِ الكبيرِ في جنوبِ العراقِ بأوروبا عن طريقِ دولٍ في المنطقة.
يمثل هذا المشروع اهم خطوات تعزيز التعاون والتكامل الإقليمي ويتماشى مع اهداف العراق الاوسع في إعادة بناء الاقتصاد وتحسين الخدمات.
السيداتُ والسادة
يواجهُ العراقُ تحدياتٍ بيئيةً جسيمةً نتيجةً للتغيّر المناخي والتصحّر، وهي تحدياتٌ لا يمكنُ التصدي لها بدونِ تعزيزِ التعاونِ الدولي، إذ يؤدي التصحّرُ وانكشافُ الغطاءِ النباتي إلى نزوحِ الملايينِ بحثاً عن الاستقرار، الأمرُ الذي يفاقمُ الأزماتِ الاجتماعيةَ والسياسية.
إننا ندعو إلى التكاتفِ الدولي لمواجهةِ التحدياتِ البيئيةِ والعملِ على زيادةِ الوعي بأهميةِ الإدارةِ المستدامةِ للمواردِ المائية، التي تعتبرُ قضيةً محوريةً بالنسبةِ للعراق، كما أن هذا التحدي يتطلبُ الالتزامَ بمبدأِ المسؤوليةِ المشتركةِ والعادلةِ بين الدول، إذ يواجهُ تحدياتٍ وجوديةً تتعلقُ بنقصٍ حادٍّ في المواردِ المائية، بما يهددُ الزراعةَ وينعكسُ سلباً على الاقتصاد، ويهددُ حياةَ الملايينِ من العراقيين.
ومن هنا فإن الحكومةَ تولي أولويةً قصوى لهذه الملفات، وتعملُ بالتعاونِ مع دول الجوار للوصولِ الى حلولٍ مستدامةٍ وسياساتٍ للتعاملِ مع هذه المؤثرات.
أخيراً..
أودُّ أن أعربَ عن امتناني العميقِ للأممِ المتحدةِ على الدعمِ الذي قدمتهُ للعراقِ خلالَ العقدينِ الماضيين، ونحن نتطلعُ الى مرحلةٍ جديدةٍ من التعاونِ مع الأممِ المتحدةِ في العراقِ ستبدأُ بنهايةِ عامِ 2025، ونأملُ أن يكونُ ذلك إيذانًا ببدايةِ حقبةٍ جديدةٍ مليئةٍ بالاستقرارِ والازدهارِ لشعبنا، وصفحةٍ جديدةٍ من صفحاتِ الشراكةِ مع الأممِ المتحدة، ونحن نعملُ بجدٍّ لبناءِ مستقبلٍ أفضلَ لأجيالِنا القادمة، ونتطلعُ إلى استمرارِ الشراكةِ مع المجتمعِ الدولي لتحقيقِ ذلك.
إنّ اختيارَ العراقِ لرئاسةِ مجموعةِ الـ 77 والصينِ لعامِ 2025، يُعدُ انتصاراً للدبلوماسيةِ العراقيةِ المنتجة، والساعيةِ الى تحقيقِ أهدافِ التنمية، وردمِ الفجوةِ التكنولوجيةِ بين دولِ الشمالِ ودولِ الجنوب، وتحقيقِ التكاملِ وإصلاحِ المنظومةِ الاقتصاديةِ الدولية.
ونتطلعُ خلالَ رئاستنا لأكبرِ مجموعةٍ دوليةٍ تنضوي في عضويتِها 134 دولةً للعملِ نحوَ عالمٍ أكثرَ استقراراً وعدالةً، تتفاعلُ وتتوفرُ فيه فرصُ التنميةِ لشعوبِ العالمِ كافة.
وفي الختام..
إن سياستَنا تضعُ العراقَ وشعبهُ وأمنهُ وسيادتهُ وازدهارهُ أولاً، ونمضي بكلِّ ثقة، في محوِ آثارِ الماضي بما فيه من حروبٍ ودكتاتوريةٍ وإرهاب، مثلما نمضي في إعمارِ العراقِ ووضعهِ في مكانتهِ الإقليميةِ والدوليةِ التي يستحقُّها بجدارة.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته،