حذّر الخبير الاقتصادي منار العبيدي من استمرار ما وصفه بـ“الوهم الاقتصادي” في العراق، مؤكداً أن البلد يقترب من صدمة مالية واقتصادية خطيرة، في ظل إصرار بعض الأطراف على تقديم صورة وردية لا تعكس الواقع الفعلي للأزمات المتراكمة.
وأوضح العبيدي أن الاعتقاد بقدرة العراق على تجاوز أزماته تلقائياً أو عبر حلول شكلية هو “خداع خطير”، مشيراً إلى أن البلاد تتجه نحو مواجهة قاسية ستطال ملايين المواطنين، في وقت يلجأ فيه صانعو القرار إلى “حلول تخديرية” تؤجل الانفجار ولا تمنعه.
وأكد أن الحكومة المقبلة ستجد نفسها أمام خيارين فقط:
الأول، مواجهة الحقيقة عبر “عمليات جراحية اقتصادية” تشمل إعادة هيكلة الإنفاق العام، وتخفيض الالتزامات التشغيلية، وإصلاح منظومة الدعم، وهي خطوات مؤلمة لكنها ضرورية.
أما الخيار الثاني، فهو تكرار مسار التأجيل عبر إصدار نقدي إضافي أو زيادة الاستدانة لسد العجز الناتج عن تضخم النفقات التشغيلية، وهو ما يعمّق الأزمة ويدفعها نحو سنوات أكثر صعوبة.
وأشار العبيدي إلى أن من ينتقد التحذيرات الاقتصادية ويتهم أصحابها بـ“التصعيد” أو “السعي للتسقيط” يتجاهل أن مفهوم الأزمة لا يرتبط فقط بقدرة الدولة على دفع الرواتب، بل يشمل انهيار المنظومة الصحية، وتراجع التعليم، وتدهور الأمن المائي والغذائي، واستنزاف الموارد دون إيجاد بدائل، وغياب دور المجتمع في الإنتاج.
وأكد أن العراق يعيش أزمة حقيقية منذ أكثر من عقدين، قامت خلالها الدولة بدور الراعي الكامل لكل شيء، فيما بقي المجتمع خارج دائرة المشاركة الفعلية في بناء الاستدامة الاقتصادية.
وختم العبيدي بأن الاستمرار في سياسات التأجيل، وتوسيع الإنفاق الاستهلاكي، والإصدار النقدي، لن يحل الأزمة بل سيرحّلها إلى المستقبل بشكل أكبر وأخطر، مؤكداً أن الإصلاحات الجريئة اليوم—رغم رفضها من بعض الفئات—هي الطريق الوحيد لبناء مستقبل اقتصادي مستقر للأجيال القادمة.
