دخلت مرتبات قوات “الحشد الشعبي”، دائرة الضغط الأميركي على الحكومة العراقية، بعد مرور نحو أسبوعين على تأخر استحقاق دفع مرتباتهم عبر مصرف الرافدين الحكومي، وسط صمت رسمي حكومي.
وهذه المرة الأولى التي تتأخر فيها حكومة بغداد بدفع مرتبات ما يفوق عن 200 ألف عنصر من أفراد “الحشد الشعبي”، إذ كان من المقرر أن تصل إليهم عبر مصرف الرافدين الحكومي، ومن خلال حساباتهم في شركة “كي كارد” العراقية المحلية في 22 من الشهر الماضي.
لكن لغاية الآن لم يتم دفع أي من مستحقاتهم الشهرية، كما أن الموازنة التشغيلية لـ”الحشد الشعبي”، الخاصة بالوقود والمعدات وغيرها التي تصدر شهرياً من حساب “هيئة الحشد الشعبي” في مصرف الرافدين، لم تُطلق منذ مطلع الشهر الماضي.
ويعتمد العراق على شركة “كي كارد” بشكل أساس وسيطاً في إرسال المرتبات للموظفين بالقطاع الحكومي. وهي شركة تعمل في مجال الدفع الإلكتروني منذ عام 2007 وسيطاً بين القطاعين العام والخاص، ومعتمدة من قبل مصرف الرافدين الذي يتولى عملياً توزيع مرتبات موظفي الدولة العراقية. وتعتبر هذه الشركة أكبر جهة لإصدار بطاقات الدفع الإلكتروني في العراق، وتقدم خدمات الدفع الإلكتروني لما لا يقل عن 12 مليون عراقي وتمتلك منافذ لها في مختلف مدن البلاد.
وخلال الأيام الماضية، رفعت عدة منصات على وسائل التواصل الاجتماعي، وُسوماً مثل “أين مرتبات الحشد”، و”وين الرواتب”، خصوصاً بعد تسلم باقي موظفي الدولة العراقية ومن مختلف المؤسسات مرتباتهم بالموعد المقرر، بمن فيهم المنتمون لفئة المتقاعدين.
وغاب أي توضيح من الحكومة أو وزارة المالية، بينما تحدثت شخصيات مقربة من “الحشد الشعبي” في تصريحات عن “خلل فني” في نظام الدفع. لكن ميثم الزيدي، قائد “فرقة العباس”، وهو فصيل مسلح تابع لمرجعية النجف ومقرب من المرجعية الدينية ضمن ما يُعرف بـ”حشد العتبات”، ظهر خلال الأيام القليلة الماضية في تسجيل مصور على مواقع التواصل الاجتماعي.
وقال فيه إن السبب المباشر لتأخر صرف رواتب منتسبي “الحشد الشعبي” هو إنذار رسمي من وزارة الخزانة الأميركية، وُجّه إلى الشركة المسؤولة عن دفع مرتبات “الحشد”، وهي شركة “كي كارد”، ما دفعها إلى الانسحاب وإبلاغ مصرف الرافدين و”هيئة الحشد الشعبي” بذلك.
وكشف الزيدي، أن “عقوبات أميركية قد تحرم عناصر الهيئة من رواتبهم والجهات المعنية، وإذا لم تتخذ إجراءات معينة فإن وزارة الخزانة الأميركية ستفرض عقوبات على الشركة الوسيطة المكلفة بتسليم الرواتب”.
وأضاف الزيدي أن “البنك الفيدرالي ووزارة الخزانة الأميركيين أبلغا هيئة الحشد الشعبي ومصرف الرافدين بضرورة إيقاف الشركة المشرفة على توزيع مرتبات منتسبي الحشد، رغم أن الرواتب مؤمنة وتم صرفها من قبل وزارة المالية”.
وذكر أن “المشكلة تكمن في طريقة صرفها، بسبب امتناع شركة الدفع كي كارد عن ذلك خشية تعرضها لعقوبات أميركية”، مشيراً إلى أن “المشكلة تقع على عاتق الإدارة المالية في هيئة الحشد الشعبي، فعليها العمل بشكل سليم لمعالجة المشكلة، كما يجب الإسراع بتسليم الرواتب بالطرق القديمة أي نظام التسليم المباشر، كما يجب تجنب الوقوع في مشاكل مقبلة مع الجانب الأميركي”.
وكان ماجد شنكالي، النائب في البرلمان العراقي عن الحزب الديمقراطي الكردستاني، قال في تصريح صحافي، إن “موضوع تأخر صرف الرواتب موضوع مصرفي بحت، إذ إن أميركا تبحث عن آلية صرف مبلغ 2.7 مليار دولار باعتباره ميزانية للحشد”. وأوضح أن “الجانب الأميركي يرى أن تلك المبالغ يذهب القسم الكبير منها لجيوب متنفذين فاسدين مقربين من إيران”.
من جهته، قال المستشار الحكومي عائد الهلالي، لـ”إيشان”، إن “تأخير رواتب موظفي ومنتسبي الحشد الشعبي جاء بسبب ضغط أميركي على شركة كي كارد، بالتالي فإن ملف رواتب الحشد بات يتعرض إلى ضغوط دولية”، مشيراً إلى أن “الحكومة سارعت لمعالجة الأزمة عبر تحويل ملف توزيع رواتب الحشد الشعبي إلى مصرف النهرين، وحتى لو لم تكن الإجراءات سريعة لكنها تحل المشكلة وقتياً، لذلك نحن بحاجة لمزيدٍ من الصبر لأجل حل الأزمة”.