“عندما يمتد العمر بالإنسان ويرى الشيب قد ملأ لحيته وشعره، يصبح خائفا من أن يموت مريضا أو على الفراش، بعد أن كان حاضرا في جبهات القتال”، يقول الأمين العام لحزب الله، الراحل حسن نصر الله، ويشير إلى أن الراحلين، نائب رئيس هيئة الحشد الشعبي، أبو مهدي المهندس، وجنرال فيلق القدس، قاسم سليماني من هذا النوع.
“الشهادة عند المجاهدين وعند القادة هي مشروع شخصي، هم لا يريدون الشهادة للأمة”
يستذكر نصر الله، سليماني حينما قال له: “يا سيد (نصر الله)؛ يبدوا أن المعركة شارفت على النهاية، وقد استشهد من استشهد وبقيت على قيد الحياة، وقد طال بي العمر وشاب رأسي ولحيتي، ادع الله أن تكون عاقبتي الشهادة”.
وفي موضع آخر، ينقل عن سليماني قوله: “ضاق صدري في هذه الدنيا من شدة شوقي للقاء الله والشهداء الذين مضوا”.
ويعلق نصر الله: “ربما الذي حصل عليه هو أكثر من الذي كان يتمناه أن تكون الخاتمة بلا رأس كالحسين وبلا يدين كالعباس والجسد مقطع إربا إربا كعلي الأكبر، لا أدري إذا كانت هذه الصورة هي التي كانت حاضرة في مخيلة الحاج قاسم والحاج أبو مهدي”.
اللقاء الأخير
“لن أدعو لك أن يعجل الله بالشهادة بل أدعو لك أن تكون عاقبتك الشهادة”
يستذكر أيضا اللقاء الأخير مع أبي مهدي المهندس، قبل عدة أشهر من استشهاده في حادثة المطار، ويتذكر كيف أنهما عندما كانا يطلبان من السيد علي خامنئي أن يدعو لهما بتعجيل الشهادة، يمازحهما بالقول: “إن شاء الله، بعد عدة أعوام، المهم أن تكون عاقبتك الشهادة”.
يتذكر حينما قال لأبي مهدي: “لن أدعو لك أن يعجل الله بالشهادة بل أدعو لك أن تكون عاقبتك الشهادة”.
120 قائدا
وعن سقوط الموصل عام 2014، يقول نصر الله إن “الحاج قاسم حضر شخصيا مع شخصيات من الحرس الثوري الإيراني لبغداد، واتصل بالعراقيين، وفصائل المقاومة، وهو أول من نزل للميدان، وحادثة طريق بغداد سامراء معروفة، وكاد أن يقتل فيها”، وذلك في بداية إعلان فتوى الجهاد الكفائي.
ويشير إلى أن “الحاج قاسم أتى في لك الوقت من مطار بغداد إلى دمشق ثم بيروت والضاحية ووصل إليّ عند الـ12 ليلا، وقال لي إنه مع طلوع الفجر أريد 120 قائد عمليات من اللبنانيين، وأنا استغربت ذلك في وقت متأخر، لكنه قال لي: “إننا إن أردنا الدفاع عن الشعب العراقي والعتبات المقدسة ومحاربة داعش، ليس لدينا خيار آخر”.
وأضاف أن “سليماني قال إنه يريد قادة ولا يريد مقاتلين”، مبينا: “أمّنا يومها 6 قادة، بعضهم ممن كان في سوريا والبعض أيقظناهم وجئنا بهم من بيوتهم، لأن الحاج قال إنه يريد أخذهم معه بعد صلاة الفجر، وهذا ما تم بالفعل، وغادر إلى دمشق ومعه حوالي 60 من القادة الميدانيين لحزب الله وذهب بهم إلى جبهات القتال، ولم يتركني إلا بعد أن أخذ مني تعهدا بأن أرسل بقية الأخوة (القادة) في الأيام القادمة”.
- المادة مأخوذة من كلمات متفرقة للأمين العام لحزب الله، الراحل السيد حسن نصر الله، مجموعة في كتاب “يحبهم ويحبونه”.