اخر الاخبار

الأنواء الجوية تتوقع أمطاراً خفيفة إلى متوسطة في أول أيام عيد الفطر المبارك

  توقعت هيئة الأنواء الجوية، اليوم الخميس، تساقطاً للأمطار خلال...

بعد “تسريبات سيغنال”.. وزير الدفاع الأمريكي: ترامب كلفنا بإعادة بناء الجيش

  أكد وزير الدفاع الأمريكي، بيت هيغسيث، أن الرئيس الأمريكي،...

خطة العيد.. الداخلية: سنمنع حالات التحرّش والتفحيط وتواجد المتسولين قرب المراقد

  أعلنت وزارة الداخلية خطة تأمين أيام عيد الفطر المبارك،...

جستن ميرام يقترح نفسه لتدريب المنتخب العراقي

  اقترح اللاعب العراقي المغترب جستن ميرام، الذي أعلن اعتزاله...

ذات صلة

رمضان في النجف قديمًا.. روحانية الشهر وعادات لا تُنسى

شارك على مواقع التواصل

تُعرف مدينة النجف، ذات الطابع الديني العريق، بأنها من المدن التي تحتفظ بتقاليد راسخة في استقبال شهر رمضان المبارك، حيث كانت أجواء الشهر الفضيل في العقود الماضية تمتزج بين التعبّد والعادات الاجتماعية التي تعكس هوية المدينة وتراثها العريق. فكيف كان النجفيون يصومون ويحتفلون برمضان قديمًا؟

في الماضي، لم تكن هناك وسائل اتصال حديثة كما هو الحال اليوم، فكانت رؤية الهلال تعتمد على رجال الدين والفلكيين، وعند ثبوت رؤية الهلال، يُعلن دخول الشهر بإطلاق مدفع رمضان، وهو تقليد كان متبعًا في مدن العراق كافة، حيث يُسمع دوي المدفع في أنحاء المدينة، فيهرع الناس لتهنئة بعضهم البعض بقدوم الشهر الكريم.

قبل دخول رمضان، كانت أسواق النجف تشهد حركة غير اعتيادية، حيث يزداد الإقبال على شراء التمور، الأجبان، اللبن، الحبوب، اللحوم، والسكر، بالإضافة إلى المواد الأساسية المستخدمة في إعداد الأكلات الرمضانية. كما كان الأهالي يحرصون على تزيين الشوارع والأسواق بالفوانيس والمصابيح الزيتية، مما يضفي على المدينة أجواءً رمضانية مميزة.

طقوس النجفيين على المائدة

كان الإفطار في النجف قديمًا يبدأ بالتمر واللبن، اقتداءً بالسنة النبوية، ثم يلي ذلك تناول الحساء (الشوربة) والخبز النجفي الذي يُخبز في التنور، إلى جانب أطباق تقليدية مثل: التمن والمرق (الأرز مع المرق المصنوع من اللحم أو الدجاج والخضروات). والهريسة، وهي أكلة شهيرة تُطهى من القمح واللحم، وتعد من أقدم الأكلات الرمضانية في المدينة. كذلك الباقلاء بالدهن الحر، وهي أكلة شعبية يتناولها النجفيون خلال السحور، وتتميز بمذاقها الدسم.

أما السحور، فكان يتكون عادةً من اللبن، التمر، والخبز، إضافة إلى شاي النجف الشهير، وكان الناس يعتمدون على المسحراتي الذي يطوف الأزقة ليوقظ الصائمين بدق الطبل وإنشاد الأهازيج الدينية.

كانت الجوامع والحسينيات في النجف تعج بالمصلين، حيث يقضي الأهالي معظم ليالي رمضان في صلاة التراويح وتلاوة القرآن الكريم، كما كانت هناك جلسات علمية ودروس دينية يلقيها العلماء في باحات المساجد.

إلى جانب ذلك، لم يكن يخلو رمضان من السهرات العائلية، حيث يجتمع الأهالي بعد الإفطار لشرب الشاي النجفي، والاستماع إلى القصص الشعبية والتواشيح الدينية. كما كان الشباب ينظمون مباريات في الألعاب التراثية مثل المحيبس، وهي لعبة شعبية تشتهر بها مدن العراق، وتُقام عادةً بعد الإفطار وتستمر حتى السحور.

العشر الأواخر

مع دخول العشر الأواخر، تتضاعف الأجواء الروحانية، حيث يحرص النجفيون على إحياء ليالي القدر داخل مرقد الإمام علي (عليه السلام)، والذي يشهد تدفقًا كبيرًا للزائرين الذين يحيون الليالي بالدعاء والتضرع.

 وداع رمضان

في ليلة العيد، كانت الأجواء تمتزج بين الحزن على وداع الشهر الفضيل، والفرح بقدوم عيد الفطر المبارك، حيث يخرج الناس إلى الأسواق لشراء الحلويات والملابس الجديدة، فيما يتبادل الجيران أطباق الطعام والحلوى كجزء من التقاليد الاجتماعية.

رمضان في النجف قديمًا لم يكن مجرد شهر للصيام، بل كان تجربة مجتمعية متكاملة تجمع بين العبادة، العادات الاجتماعية، والأجواء العائلية، مما يعكس هوية المدينة التي ما زالت تحتفظ بخصوصيتها حتى يومنا هذا. وعلى الرغم من التغيرات العصرية، تبقى روح رمضان في النجف شاهدة على إرث تاريخي لا يزال حاضرًا في تفاصيل الحياة اليومية للنجفيين.