في الثامن من أغسطس الجاري، صوت البرلمان العراقي بشكلٍ “سري” على زيادة رواتب أعضائه، ما أثار موجة استياء وجدل سياسي وشعبي، خاصة وأن رئاسة البرلمان لم تكشف عن فقرة الزيادة ضمن جدول أعمال جلساته إلا داخل الجلسة بشكل غير معلن ومن دون إعلام.
عقب التصويت، ظهرت وثيقة صادرة عن رئاسة البرلمان العراقي تتضمن التصويت على القرار. وجاء في الوثيقة أنه “خلال جلسة البرلمان رقم (7) المنعقدة يوم الأربعاء الماضي الموافق 7/8/2024، صوت مجلس النواب على قرار نيابي ينص على زيارة رواتب ومخصصات أعضائه بما يعادل رواتب ومخصصات الوزير، كما تضمن القرار زيادة نسبة الخطورة الممنونة لموظفي المجلس بما يعادل 30% من قيمة الراتب الاسمي”.
وانتقد نواب وناشطين، قيام البرلمان بالتصويت السري على هذا القرار، لا سيما وأن الدستور ينص على علنية جلساته. ويؤكد المؤيدون لتعديل وزيادة رواتب النواب، أنهم بحاجة للزيادة، وأن تتساوى مع مرتبات الوزراء، في حين رأى آخرون أن الأجدر أن يتجه البرلمان إلى خفض رواتب الوزراء.
وقال عضو مجلس النواب خليل غازي لـ”إيشان“، إن “ما حصل في جلسة التصويت على زيادة رواتب النواب، هو العكس تماما مما يتوقعه الناس، فقد انخفضت رواتبنا، وقد انخفضت من 5 ملايين إلى 4 ملايين، فيما لم يتأثر راتب النائب صاحب شهادة الدكتوراه”.
وأضاف غازي، أن “النواب يستقبلون المواطنين ويبحثون في مشاكلهم، ويصرفون كثيراً من مرتباتهم، بالتالي فإنهم بحاجة إلى مصاريف كثيرة، بينما الوزير لديه 4 سيارات، وتصرف له أموال مقابل مصاريف السيارات والصيانة، وهم لا يملكون مكاتب تحتاج إلى مستلزمات مثل النواب”، مبيناً أن “موظفي مجلس النواب، يختلفون هم الآخرين عن بقية الموظفين في دوائر الدولة، لأنهم يلتزمون بمواعيد الجلسات التي تستمر أحياناً إلى أوقات متأخرة من الليل”.
وأشار إلى أن “هناك جهات سياسية وأطراف أخرى تحاول تسقيط مجلس النواب، وتشويه صورته أمام المواطن العراقي، لذلك على الناس ألا تنجرف خلف الدعايات غير الحقيقية”.
أما النائب أحمد الشرماني، فقد بين لـ”إيشان“، أن “القانون العراقي ينص على أن رفع رواتب النواب يعد ضمن حقوق أعضاء البرلمان، لكن الأجدر والأحق بالزيادة هو الموظف البسيط في دوائر الدولة، مضيفاً: “نقف مع أي زيادة لرواتب الموظفين وتلبية احتياجاتهم وعمّال البلدية والفلاحين والمهنيين الذين يتقاضون رواتب زهيدة”.
وبشأن الزيادات على الرواتب، ذكر النائب مصطفى سند في بيان أن “النائب باسم خشان قدم دعوى لدى المحكمة الاتحادية على مدراء مجلس النواب (مدعياً) عدم تخفيض رواتبهم حسب قرار مجلس الوزراء رقم 333 بحكومة رئيس الوزراء الأسبق حيدر العبادي، وأن المحكمة الاتحادية قررت تطبيق القرار على المدراء العامين وعلى النواب أيضاً، كون رواتب النواب تُصرف بقرارات سابقة وليست بقانون”.
وتابع: “بسبب تطبيق قرار المحكمة الاتحادية، ارتفعت رواتب النواب هذا الشهر من حملة شهادة الدكتوراه بنسبة قليلة، وحافظ أصحاب الماجستير على نفس الراتب، بينما انخفض راتب أصحاب شهادة البكالوريوس والدبلوم والإعدادية”، مستكملاً بيانه: “لغرض معالجة هذا الخلل المفاجئ، قرر مجلس النواب تطبيق المادة 64 من القانون وتضمن المادة إرجاع الراتب كما كان قبل شهر وعدم تجاوز الراتب (راتب الوزير)، وهو قرار قانوني ولا يتحمل تبعات مالية بالنسبة لمجلس النواب، أما الموظفين فتم إرجاع 30 بالمائة التي تم استقطاعها منهم بوقت سابق”.
من جانبه، لفت عضو “ائتلاف دولة القانون” والمحافظ الأسبق لمحافظة البصرة خلف عبد الصمد، في بيان إلى أنه “من المؤسف أن يقوم مجلس النواب بالتصويت على زيادة رواتب ومخصصات نوابه لتكون مساوية مع راتب ومخصصات الوزير”. وأضاف: “كان الأولى بالمجلس أن يصوت على تخفيض رواتب الوزراء لتتساوى مع رواتب نوابه إن كان يبحث عن المساواة وأن يعمل على زيادة رواتب الموظفين والمتقاعدين وأن يدعم الطبقات الفقيرة والمحرومة”.
وبرغم موجة الانتقادات على التصويت السري، لكن لم يصدر عن رئاسة البرلمان العراقي أي توضيح بشأن ذلك، كما أنه لم يكشف الأسباب التي دفعته إلى اعتماد التصويت السري والتكتم على الملف.