ما أن انتهى الاقتراع العام لانتخابات مجالس المحافظات، يوم أمس الاثنين، حتى انتشر في شوارع العاصمة جنود ليسوا عسكريين، كان همهم اغلاق الصناديق، بهدف الفوز بالغنيمة.
الغنيمة التي تمثلها دعايات المرشحين وصورهم، ومنذ أن بدأت الحملة الانتخابية، كان يسيل لعاب “الدوارة” عليها مترقبين يوم الاقتراع لتحميلها في عجلاتهم وستوتاهم وحتى تكاتهم.
دعايات المرشحين وصورهم التي امتلأت بغداد بها، بدأت تختفي شيئاً فشيئاً، من شوارع العاصمة التي شبع أهلها من الوعود الفضفاضة على مدار عشرين عاماً الماضية.
وبين الدوارة وموظفي أمانة بغداد، ينقسم “حديد” الزعايات إلى من يصل الحملة الانتخابية أولاً، للانقضاض على الغنيمة.
وفي منشورات تهكمية نَشرت على مواقع التواصل الاجتماعي، كتب أحد العراقيين في فيسبوك: متسائلاً: شباب منو أخذ القطعة مال الحلاقة بشرفكم!
عراقي آخر تساءل متهكماً أيضاً: “الي اخذ القطعة مال الأسواق مالتي، ليش تخلوني اروح للفار!”
وهنا ينهمك العراقيون في مقاطعة العملية الانتخابية، في جوانب عدة أبرزها تلك التي تتعلق بدعايات المرشحين وصورهم ووعودهم.
في غضون ذلك، أعلنت أمانة بغداد، اليوم الثلاثاء، رفع 90% من لافتات المرشحين في شوارع العاصمة،
وأشارت إلى أن “بعض اللافتات والصور وضعت في أماكن مرتفعة على أسطح البنايات وتعود بعضها إلى القطاع الخاص وتم توجيه إنذار برفعها خلال هذا الأسبوع”.
وبينت الأمانة، أنه “في حال عدم رفعها سيتم فرض غرامات مالية وترصد بأرقام جبايات على كل بناية تضع صورا غير مرخصة على اعتبار أن المدد القانونية التي سمحت بها المفوضية المستقلة للانتخابات للمرشحين كانت شهرا قبل الانتخابات وتزال بعدها بيومين”.
وأضاف، أن “الأمانة ستمنح يومين إضافيين لرفع ما تبقى من صور ولافتات من الأماكن المرتفعة والبنايات بصورة عامة”.
وباتت الدعاية الانتخابية التي كلفت ملايين الدولارات كنزا للفقراء في العراق من خلال الاستفادة منها عبر اعادة تدويرها.
وبعد انتهاء الاقتراع، انتشر المئات من الاشخاص في شوارع العاصمة بغداد، بحثا عن بقايا الدعايات الانتخابية للمرشحين.
ويصف بعض هؤلاء، بأن موسم الانتخابات يمثل فرصة ثمينة لا تعوض، إذ تسمح البلدية، وحتى المرشحين، بحمل بقايا الدعايات الانتخابية، خاصة الحديد والألمنيوم، وبعض البوسترات (الإعلانات الترويجية)، بعذ نهاية الانتخابات.
ويتوجب على مرشحي الانتخابات إزالة دعاياتهم الانتخابية بأنفسهم، فيما تفرض البلدية غرامات مالية على أصحاب الدعايات الذين يرفضون ذلك أو يتأخرون عن إنجاز المهمة، لكن كثيرا من المرشحين لا يكترثون بذلك، ولا يبدو أنهم في وارد الاستعداد لدفع أموال إضافية لإزالة دعاياتهم.
وعلى رغم القوانين النافذة، فإن العاصمة بغداد، ما زالت تنتصب بعض اللوحات الدعائية لمرشحي الانتخابات، خاصة في المناطق البعيدة عن مركز العاصمة، وتمثل بذلك موردا جيدا للباعة المتجولين، وشريحة من الفقراء، الذين يستخدمون أدوات تلك الدعايات في أغراض مختلفة، كما تشكل الإطارات المصنوعة من الألمنيوم، مصدر رزق جيد، حيث تجمع وتباع بالكيلوغرام.
وبالإضافة إلى الحديد، فهناك البوسترات كبيرة الحجم، التي تستخدم كسقوف معدنية للمنازل البسيطة، أو بناء أحواش للحيوانات، لكن اللافت أن الدعايات ذات الإطار الخشبي تبقى معلقة على الأعمدة لحين تعرضها للتلف والسقوط بسبب التقلبات الجوية.