تبرز على السطح في سوريا هذه الأيام، ظاهرة اختطاف رجال الأعمال، حيث تم اختطاف ثلاثة رجال أعمال خلال الأيام الأخيرة، دون أن تعلن أي جهة تبنيها للعمليات أو دوافعها، فيما يبدو أن طلب الفدية دافعا رئيسا في العمليات الثلاث.
وتعترف السلطات بوجود عناصر لديها “قد يكونون مسيئين”، إلا إنها تسعى، وفقا لمعرفتها، بقمع هؤلاء وإحالتهم إلى القضاء، مؤكدة أن “المسؤوليات كبيرة والمهمات مضاعفة، والدولة ما زالت في مرحلة البناء والتأسيس”.
وأقدمت مجموعة مسلحة مجهولة، صباح أمس الأربعاء، على اختطاف التاجر “عامر بشير ربيع”، وهو أحد سكان مدينة ، وسط سوريا.
وقالت مصادر محلية، بأنّ عامر ربيع اختُطف من أمام معمله الواقع على طريق حماة-حمص. وأضافت أن عمّال المعمل حاولوا التصدي للمسلحين المختطِفين، إلا أنهم تعرضوا للتهديد بالقتل في حال حاولوا الاقتراب أو التدخل.
وتعد هذه الحادثة هي الثانية من نوعها في مدينة حماة، والثالثة في سوريا، بعد اختطاف رجل الأعمال وعضو مجلس الشعب السابق يوسف الأصفر، في منتصف حزيران الجاري، دون ورود أي أنباء عن مصيره حتى هذه اللحظة
اختُطِف يوسف الأصفر مع سائقه الخاص في مدينة حماة، بكمين محكم شاركت فيه 4 سيارات، عند تقاطع حي الأندلس. حيث تم إيقاف سيارته ومحاصرتها، ثم قام الخاطفون بصعق الأصفر وسائقه، بعصا كهربائية، قبل أن يتم اقتيادهما لجهة مجهولة.
بعد الخطف مباشرة، اتصل الخاطفون بعائلة رجل الأعمال الأصفر، وهدَّدوا العائلة بقتله إذا لم يتم الامتثال لطلباتهم في دفع الفدية، التي لم يُصرَّح عن قيمتها، واكتفى أهله بالقول إنها كبيرة جدا.
وإثر انتشار الخبر، تجمع عشرات من أقرباء الأصفر في ساحة محافظة مدينة حماة، مطالبين بالإفراج عنه ووضع حد لظاهرة الخطف المنتشرة في معظم المناطق بهدف طلب الفدية، حيث كان ابن أخ رجل الأعمال الأصفر، تعرّض أيضًا للخطف في دمشق قبل أيام، وتمَّت مطالبة الأهل بدفع فدية مالية كبيرة.
بعد أيام من اختطاف والده، ظهر ابن رجل الأعمال، حمزة، في شريط مصور، طالب فيه بالكشف عن مصير والده، الذي لم يُعرف إن كان حيا أو ميتا بعد. منتقدا تعامل السلطات مع حادثة خطف والده ومع ظاهرة الخطف ككل.
وقال حمزة الأصفر، إن والدته قابلت محافظ حماة، بعد محاولات عديدة فاشلة، حيث اعترف المحافظ وفقا لحديث الابن، بالانفلات الكبير الحاصل في المحافظة والعجز عن ضبط ظاهرة الخطف؛ بسبب قلة الإمكانيات.
الأصفر الابن قال إن السيارات التي شاركت في خطف والده ما زالت “تتبختر في الشوارع وأمام بيوتنا وأنظارنا” ضاربةً عرض الحائط بكل السلطات، دون أن تستطيع أي جهة فعل شيء تجاهها، مطالبا السلطات العليا بمتابعة ملف والده ومعالجة ملف الانفلات الأمني في محافظة حماة.
سبق عمليتا الخطف في حماة، عملية أخرى في دمشق، كان ضحيتها رجل الأعمال الدمشقي هاشم أنور العقاد من قبل عصابة مسلحة، وفقا لمصادر محلية. وقال رجل الأعمال وائل رنكوسي، وهو ابن شقيقة العقاد، إن خاله اختطف في وضح النهار بمنطقة المزة بالقرب من فندق “غولدن مزة”.
ويشغل العقاد منصب رئيس شركة “أبناء أنور العقاد” الوريثة لشركة “أنور عقاد” المؤسسة بدمشق عام 1935 وتشارك في 14 كيان اقتصادي.
يعتقد ناشطون وحقوقيون أن هذا الانفلات الكبير الذي تشهده سوريا، والذي يعبر عن نفسه في انتشار جرائم القتل والخطف والفوضى، هو أحد ثمار الخطيئة الكبرى لفتح السجون بشكل عشوائي يوم التحرير.
في هذا السياق، تقول المحامية والناشطة في حقوق الإنسان، ريما أوشو، لـ”إرم نيوز”، إن عشرات الآلاف من المجرمين الخطرين خرجوا من السجون في الثامن من ديسمبر 2024، وهم يسرحون ويمرحون اليوم. منهم من كان ملاحقا من الأمن لسنوات حتى تم القبض عليهم. من ضمن هؤلاء شبكات مخدرات و تجار أعضاء وقتلة، واليوم ندفع ثمن إطلاقهم خارج السجون، حسب قولها.
وحول جرائم الخطف، توضح أوشو، أن الخطف الذي يحدث اليوم لا يشبه أي مرحلة مرت بها سوريا خلال حربها الدموية، فسقوط النظام فتح الساحة بعرضها أمام تشكل عصابات محلية أو أجنبية أو عشائرية مسلحة.
وإذ تحاول السلطات الجديدة مجاراة هذا الانفلات الأمني ومحاولة ضبطه، عبر العديد من القرارات, ومن ضمنها منع تجوال الدراجات النارية التي يحمل أفرادها سلاحاً، إلا أن ذلك ليس كافياً وفق المحامية أوشو، فالمدن السورية ضخمة، وشوارعها وأزقتها متشعبة للغاية، ومن الصعب جداً المطاردة ضمنها.