كما ركض العراقيون إلى سوح القتال حين دخلت عصابات التكفير إلى أراضيهم، وصدرت فتوى من المرجعية العليا في النجف، ينظم اليوم الآلاف منهم، حملات لإغاثة اللبنانيين، بينما ينتظر البقية “إشارة” تجعلهم ينطلقون إلى جنوب لبنان، بعد بيان أصدره السيد علي السيستاني، رآه الكثير أنه يمثّل “فتوى الإغاثة”.
الآليات تزاحمت، والعراقيون ركضوا إلى الأماكن المحددة لجمع التبرعات وإرسالها إلى لبنان، يسند هذه الحملة، دعم من الحكومة التي أرسلت أكثر من طائرة محمّلة بأطنان المساعدات الغذائية والإنسانية والطبية.
يقول عراقيون عبر حساباتهم على مواقع التواصل الاجتماعي: “ننتظر إشارة من السيد السيستاني، لنذهب إلى الكيان ونؤدبه، ونوقفه عند حدّه”، فيما كتب آخرون: “احنه قاتلنا داعش الهمجي، نعرف شلون نقاتل إسرائيل ومَن معها”.
هذه الحملة التي تفاعل معها العراقيون، والتفوا حولها، تأتي بالتزامن مع ارتفاع حصيلة شهداء اللبنانيين، إذ وصل عددهم إلى أكثر من ١٢٠٠، فيما هجر الأراضي، نحو ٥٢ ألفاً، بعد القصف المدمّر.
وفي وقت سابق، أعلن الأمين العام لحركة عصائب أهل الحق، قيس الخزعلي، الجهوزية الكاملة لأن يكون عناصر الحركة تحت إمرة الأمين العام لحزب الله، حسن نصر الله، فيما قال له: نحن جنودك وبين يديك حاضرين لأن ندفع بأرواحنا وأموالنا.
وقال الخزعلي في المؤتمر العام لحركة الصادقون: “نعلنها أمام العالم أجمع كل المقاومين الشرفاء كل الأحرار كل الشرفاء في بلدي وما أكثرهم نحن جميعا يا سيد حسن نصر الله جنودك وبين يديك حاضرين لان ندفع ارواحنا وأموالنا من أجل قضيتنا الواحدة مجاهدين واستشهاديين بالعدة والعدد ولن نكلفكم شيئاً حتى مواكبنا الحسينية جاهزة وحاضرة وستكون معنا”.
وأضاف الخزعلي في رسالته الموجهة إلى نصر الله: “معركتكم معركتنا بل معركتنا واحدة لأن الله سبحانه وتعالى يقول “وقاتلوا المشركين كافة كما يقاتلونكم كافة”.
وتابع: “ما أصابكم هي الضريبة التي يدفعها حزب الله الآن دفاعا عن القدس وعن فلسطين في وقت تخاذل فيه حكام العهر والفجور الذين لا يملكون قطرة واحدة من شرفكم”.
يوم أمس، وبينما كانت الأنظار شاخصة نحو المآسي التي يتعرض لها لبنان من قبل الكيان الإسرائيلي من دون موقف دولي رادع، رفع المرجع الأعلى للشيعة، علي السيستاني أكف الضراعة إلى الله ليحميهم، موجها بـ”بذل كل جهدٍ ممكن من أجل وقف العدوان الصهيوني الهمجي المستمر على لبنان، وحماية الشعب اللبناني من آثار العدوان المدمرة”.
بيان المرجعية انتشر كالنار في الهشيم داخل الأوساط العراقية المختلفة، وسرعان ما أُطلِقَ على البيان “فتوى الإغاثة”، في إشارة لفتواه الشهيرة “الجهاد الكفائي” (2014) التي أدت إلى تحرير العديد من مناطق العراق من سيطرة تنظيم داعش.
السوداني يستجيب
“هذا الموقف ليس بالجديد على المرجعية العليا في النجف الأشرف، التي طالما أعلنت وعلى مدى سنوات، عن تشخيصها الحكيم لأصل وجود الكيان الصهيوني واحتلاله لفلسطين ومحاولاته زرع الفتنة وتوسعة الصراع في المنطقة”، قال رئيس الوزراء محمد شياع السوداني.
السوداني سارع بالاستجابة لبيان المرجعية ووجه ببذل كل ما من شأنه أن يخفف من معاناة الأشقاء في لبنان، من خلال جسر جوّي وبرّي، وتسهيل إرسال الوقود لتشغيل محطات الكهرباء التي تحتاجها المستشفيات والمؤسسات الخدمية اللبنانية، كما دعا إلى “العمل لعقد قمة إسلامية، لبحث تداعيات العدوان الصهيوني”.
كان ذلك أمس، أما اليوم فوجه السوداني بتمديد سمة دخول المواطنين اللبنانيين المتواجدين في العراق دون الحاجة إلى السفر لمدة ثلاثين يوما، وإعفاء اللبنانيين المخالفين بالوقت الحاضر من العقوبات المنصوص عليها بالقانون، واستمرار منح سمات الدخول مجاناً للمواطنين اللبنانيين الواصلين الى المنافذ الحدودية العراقية.
قلب الحنانة
زعيم التيار الوطني الشيعي، مقتدى الصدر تضافر صوته مع صوت المرجعية، إذ دعا أصحاب المواكب الحسينية لفتحها أمام النازحين من لبنان على طريق كربلاء، وجمع التبرعات المالية لفتح مواكب في سوريا ولبنان، على أن يكون تسليم التبرعات في مقر البنيان المرصوص في النجف حصرا.
مواقف:
لا يمكن حصر المواقف التي أعلنتها الشخصيات السياسية والكيانات والمؤسسات، فضلا عن المواكب الحسينية التي استجابت لبيان المرجعية، لكن أبرزها كانت كالتالي:
الأمين العام لحركة عصائب أهل الحق، قيس الخزعلي دعا إلى “فتح أبواب التبرعات أمام العراقيين الشرفاء، أصحاب النخوة والشهامة والكرم ، ولتكن ملحمة عطاء عراقي كبير، يُعبر عن عمق الارتباط وحقيقة التضامن مع أهلنا اللبنانيين”.
رئيس هيئة الحشد الشعبي فالح الفياض أعلن “التضامن الكامل مع الأشقاء في لبنان أمام الغطرسة الصهيونية وآلة القتل اليومية التي تتنقل بين فلسطين ولبنان وسوريا، واستعدادنا الكامل واستنفارنا التام لإبداء كل أنواع المساعدة الممكنة على الصعيد الإغاثي والطبي والإنساني لإخواننا في لبنان استجابة لنداء المرجعية الدينية العليا وانطلاقا من الواجب الإنساني والأخوي والديني”.
هيئة الحشد الشعبي، أعلنت “انطلاق الحملة الإغاثية الشعبيّة الكُبرى في العراق بعنوان (فزعة عراقية) إسناداً لإخوتِنا من أبناء الشعب اللبناني العزيز وهم يتعرضون لعدوان صهيوني همجي غاشم، بالمبالغ المالية والمواد العينية اللازمة والمساعدات الإنسانية والطبية المطلوبة”.
العتبة الحسينية المقدسة أرسلت وفدا الى العاصمة اللبنانية بيروت، للاطلاع على الوضع الصحي للمؤسسات الطبية كافة، وشرعت بتشكيل لجنة إغاثة عليا من قبل العتبة الحسينية.
العتبة الكاظمية المقدسة مساعدات إنسانية عاجلة للشعب اللبناني جانباً الى جانب مع بقية العتبات المقدسة.
العتبة العلوية المقدسة تفتح جميع الفنادق ومدن الزائرين لاستقبال المهجرين من لبنان.
الأمين العام للعتبة الحسينية، الشيخ عبد المهدي الكربلائي: سنرسل قوافل من المساعدات عبر البر والجو لإغاثة الشعب اللبناني.
الإطار التنسيقي عقد اجتماعه الدوري، أمس الاثنين، في مكتب رئيس ائتلاف دولة القانون نوري المالكي، وأعلن استعداده الدائم للوقوف إلى جانب الأشقاء اللبنانيين في محنتهم بكل الوسائل الممكنة، دعمًا لصمود ومقاومة حزب الله الأبطال. ودعا جميع أبناء الشعب العراقي وأصحاب الهيئات والمؤسسات، إلى فتح باب التبرعات وتسيير قوافل الدعم الإنساني.
رئيس تيار الحكمة الوطني عمار الحكيم دعا “أبناء تيار الحكمة الوطني (تنظيمات وكوادر ومؤسسات) والمؤمنين كافة وأصحاب الضمائر الحية إلى المبادرة العاجلة في تقديم الإغاثة الإنسانية للشعب اللبناني العزيز”.
حزب الدعوة دعا مكاتبه وفروعه إلى “تشكيل لجان في كل المحافظات من اجل جمع التبرعات والدعم لإخواننا اللبنانيين الذين يمرون بظروف صعبة جدا”.
كتلة دولة القانون أعلنت تبرع نوابها براتبهم لتقديمِ المساعدات الإنسانية والطبية واللوجستية لأبناء الشعب اللبناني استجابة لبيان المرجعية الدينية العليا.
الأمين العام لمنظمة بدر، هادي العامري شدد على “أبناء شعبنا العراقي الغيور وتلبيةً لنداء المرجعية العليا، وكما عهدناه شهماً معطاءً متفانياً، أن يقفَ بجانب الأشقاء في لبنان التحدي والإباء”، داعيا “البدريين” لفتح مكاتبهم ومقراتهم فوراً لتلقي وتنظيم عمليات الدعم، والعمل على إيصالها الى مقاصدها بأقصى سرعة ممكنة.
عشرات المواكب الحسينية تعلن فتح باب جمع التبرعات لتوفير المواد الإغاثية والعلاجية لمستشفيات لبنان.
الهلال الأحمر العراقي يجهز مستشفيات وعيادات طبية متنقلة ومحطات استراحة لنشرها على المنافذ الحدودية العراقية لاستقبال العوائل اللبنانية النازحة جراء القصف الصهيوني على لبنان
مئات الشهداء وآلاف الجرحى
وفي آخر تحديث مساء الاثنين، أعلنت وزارة الصحة اللبنانية ارتفاع حصيلة ضحايا الغارات الإسرائيلية على لبنان إلى 492 شهيدا بينهم 35 طفلا و58 سيدة و1645 جريحا، في حصيلة مرشحة للارتفاع بقوة، نظرا لهول الدمار بالمباني المكتظة بالسكان التي استهدفها الطيران الإسرائيلي.
ونزح آلاف اللبنانيين من منطقة جنوب لبنان باتجاه بيروت والشمال، وأعلنت الحكومة اللبنانية فتح المدارس لإيواء النازحين.
وتوعد رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو بتنفيذ المزيد من الهجمات وتوسيع العمليات العسكرية في لبنان، معتبرا أن ما تقوم به إسرائيل هو “تغيير موازين القوى”.