“الحرب طويلة”، هذا ما تؤكده المعطيات، فلا محور المقاومة الذي تدعمه إيران دخل بكامل قواه إلى المعركة، ولا الكيان أشرك أمريكا معه بالقصف على مواقع المقاومة في العراق وسوريا ولبنان واليمن، رغم أنه طوّر المعركة بهدف جرّ المنطقة إلى حرب شاملة.
إسماعيل قاآني، قائد الحرس الثوري الإيراني وصل إلى بغداد قبل أيامٍ قليلة، وبعد عملية الكيان بتفجير هواتف الـ “بيجر” بيد اللبنانيين، ووسائل الإعلام والمحللون، تحدّثوا عن واقع جديد من المعركة.
حتى نائب الأمين العام لحزب الله، نعيم قاسم، قد أكد أن المعركة أخذت مساراً جديداً مع الكيان، وتحوّلت إلى ما سمّاها بـ “الحساب المفتوح”، بعدما وجّه حزب الله صواريخ “فادي ١ وفادي ٢” إلى أراضي الاحتلال، وأحرق أجزاءً من المستوطنات هناك.
في العراق، تتأهب المقاومة للاشتراك بالمعركة تحت إمرة الأمين العام لحزب الله، حسن نصر الله، لكن مصادر تفيد بأن “بعض أطراف المقاومة، عارضت الاشتراك بشكل كامل في المعركة، حتى تدخّل قاآني بالقضية”، وفق ما أظهرته التسريبات.
يأتي هذا التصعيد على أرض الميدان، تزامناً مع تواجد رئيس الوزراء، محمد شياع السوداني في نيويورك، وعيّنه تبقى على العراق خشية من اشتراكه بشكل علني في الحرب ضد الكيان، فهو دائماً ما يحث على “وقف التصعيد، وتجنب انزلاق الأوضاع في المنطقة”.
لم تتوقف المقاومة العراقية عن ضرب أهداف في الكيان، لكن بعمليات منفصلة، حتى استهدفت فجر اليوم، ما سمّته بـ “هدف في غور الأردن”، وهو ما يؤكد مشاركة ضمنية من المقاومة في الحرب على الكيان.
حسب المصادر التي تحدثت عن وصول قاآني إلى العراق، فإنه “قد حثّ الفصائل العراقية على خفض التصعيد، وعدم المشاركة بالمقاتلين في حرب لبنان مع الكيان”.
ويوم أمس السبت، أبدى الأمين العام لحركة عصائب أهل الحق، قيس الخزعلي، استعداده لأن يزجّ المقاومين بالحرب، تحت إمرة حسن نصر الله، حين قال له في رسالة: “نعلنها أمام العالم أجمع: كل المقاومين الشرفاء، كل الأحرار، كل الشرفاء في بلدي وما أكثرهم، نحن جميعًا يا سيد حسن نصر الله جنودك وبين يديك حاضرين، لن ندفع أرواحنا وأموالنا من أجل قضيتنا الواحدة مجاهدين واستشهاديين بالعدة والعدد، ولن نكلفكم شيئًا، حتى مواكبنا الحسينية جاهزة وحاضرة وستكون معنا”.
وتشير مصادر سياسية أخرى إلى أن “السوداني قبل توجهه إلى أمريكا، حاول إقناع الفصائل بعدم التصعيد في حال اندلعت الحرب جنوب لبنان، لكي يجنّب العراق معركة مفتوحة مع الكيان”.
ووفقاً للمصادر، فإن السوداني “سيلتقي مسؤولين أمريكيين وأوروبيين في نيويورك، ويحثهم على الضغط على الكيان الصهيوني، من أجل وقف عدوانه المتكرر على دول المنطقة، بهدف منع اندلاع الحرب الشاملة”.
منذ أن انفجرت هواتف الـ “بيجر” بيد اللبنانيين، حتى عرف العالم، أن الكيان قد بدأ حربه ضد المقاومة في لبنان، وما ترجم الأمر على أرض الواقع، الأمين العام لحزب الله، حسن نصر الله، حين خرج بخطابٍ، حمل دلائل كثيرة، أبرزها “الخلفية” التي جاءت باللون الأحمر.
لم يتوقف الكيان عند تفجير هواتف البيجر، بل سارع إلى تنفيذ غارات داخل بيروت، بعد أن رشقه حزب الله بـ ١٣٠ صاروخاً، استهدفت الأراضي المحتلة.. كل هذه الأمور، دلائل على بدء الحرب وانتهاء مرحلة “المناوشات” بين الطرفين.
وفي العراق، تتأهب المقاومة للاشتراك بالحرب ضد الكيان، فـ “السيل البشري العراقي” ينتظر إشارة من نصر الله، حسب ما قال الأمين العام لكتائب سيد الشهداء، أبو آلاء الولائي، حين وجّه خطاباً إلى نصر الله.
أبو آلاء قال في رسالته الموجهة لنصر الله، واطّلعت عليها “إيشان”: “إننا يبن الزهراء حاضرون على خط الشروع، ننتظر منك إشارةً لنرفع عن نهر الرجال بوابة الانتظار، لتستقبل سيلاً بشرياً عراقياً تكتظ به حدود لبنان وخنادقها، فإن فقدتم ألفاً من الشهداء، سنمدّكم بمائة الف من الابطال، والله على ما نقول شهيد”.
وأضاف: “اننا يا ابا هادي الحبيب، بمقاومتنا وسلاحنا واموالنا وارواحنا، جنودٌ مجندة تحت أمرك، فخض بنا البحر، واضرب بعصاك الحجر، لتتفجر تحت أقدام الغزاة نيراناً، من شمال الاحتلال حتى جنوبه، وأضف الى قائمة عديد حزب الله عديدنا، برجالنا ونسائنا وشيوخنا واطفالنا، فلن نقول ما قاله الملأ لموسى (عليه السلام): (فَاذْهَبْ أَنتَ وَرَبُّكَ فَقَاتِلَا إِنَّا هَاهُنَا قَاعِدُونَ)، بل نقول لك يبن الانبياء والاوصياء: اذهب انت وربك فقاتلا إنّا معكم مقاتلون”.
ومنذ اغتيال إسماعيل هنية في طهران نهاية تموز الماضي، وما زالت إيران “تهدد” بالرد على عملية الإسرائيليين، والعالم يترقّب ما يحصل، وعيون العراقيين على أرضهم، وهم ينتظرون أن تندلع الحرب “الشاملة”.
“لن يسلم أحدٌ من الحرب”، هذا ما يتوقّعه المختصون في الجانب الأمني والسياسي، فالمنطقة ما زالت مشتعلة منذ أن شنّ الكيان عدوانه على غزة، وما زال يوغل بقتل الفلسطينيين، حتى وصل عدد الشهداء إلى أكثر من ٤١ ألفاً.
المسيّرات من العراق، ما زالت تنطلق باتجاه الأراضي المحتّلة، ومن اليمن، تتواصل الصواريخ واستهداف المصالح الصهيونية، ومن لبنان، لم تتوقف رشقات الصواريخ والمسيّرات، لكن الكيان يشنُّ بأوقات مختلفة غارات وعدواناً على محور المقاومة.
حتى وزير الدفاع الأمريكي، لويد أوستن، لم يستطع زيارة الأراضي المحتّلة، وأجّلها إلى وقت لاحق، بعد أن فجّر الصهاينة أجهزة الـ “بيجر” بيد اللبنانيين، وقتل العديد من المدنيين فيها، وأصاب أكثر من ٣ آلاف آخرين.
الحرب تقترب من المنطقة أكثر، وقد لا تتوقف عند لبنان، لأن العراقيين، سيكون لهم رأيٌ في الصراع، ومقاومتهم ستدخل الميدان، وربما تتسع لتشمل أطرافاً أخرى، وهو ما يبحث عنه الكيان، كي يجرّ الحرب خارج الأراضي التي يحتّلها.
زعيم التيار الوطني الشيعي، مقتدى الصدر، كان من المقرر أن يُخرج تظاهرة وصفها بـ “المليونية” لدعم غزة.. لكن تفجير أجهزة الـ “بيجر” جعله يلغي التظاهرات، ويراها: “غير مُنفعة”، حتى برزت تساؤلات عدة، أبرزها: “هل سيدخل الصدريون إلى الميدان؟”.
“طبول الحرب يقرعها الكيان”، هذا ما تظهره مجريات الأحداث في المنطقة، فالاحتلال استهدف في سوريا قبل يومين، المستشار الأمني لكتائب حزب الله “أبو منتظر الخفاجي”.
ومن سوريا، وجّه غاراته إلى لبنان، حين أعلن استهداف اجتماع ضمّ قيادات لحزب الله اللبناني، وتحدثت وسائل الإعلام عن اغتيال إبراهيم عقيل، مسؤول العمليات في حزب الله.