يتواصل الجدل في العراق حول قانون الحشد الشعبي، مع دخول البرلمان مرحلة جديدة من الضغوط السياسية والتحشيد النيابي لإقراره بعد أشهر من التعطيل. القانون، الذي يهدف إلى تثبيت موقع الحشد الشعبي في المنظومة الأمنية ومنحه امتيازات الخدمة والتقاعد، عاد بقوة إلى واجهة النقاش بعد أن تحوّل إلى واحدة من أكثر القضايا خلافية داخل المؤسسة التشريعية.
فمنذ منتصف العام، لم يتمكن البرلمان من عقد جلساته بشكل منتظم بسبب الخلافات المحتدمة حول هذا القانون، إذ انقسمت الكتل بين مؤيدة ترى فيه استحقاقاً وطنياً لحفظ مكانة الحشد وتضحياته، ومعارضة تخشى تداعيات سياسية وجيوسياسية داخلية وخارجية. ومع ذلك، يواصل أنصار القانون حشد الدعم عبر مسارات مختلفة، من بينها جمع التواقيع، والضغط الرمزي بارتداء الزي العسكري الخاص بالحشد داخل قبة البرلمان.
تواقيع نيابية
النائب علاء الحيدري أكد لمنصة “إيشان” أن النواب المؤيدين باشروا بجمع تواقيع لعقد جلسة عاجلة والمضي في التصويت، مشيراً إلى أن عدد الموقعين تجاوز 90 نائباً مع تزايد متوقع. وأضاف أن دعم القانون يأتي “وفاءً للشهداء والجرحى وأقل تقدير للقائد أبو مهدي المهندس”، داعياً الكتل الأخرى إلى إعلان مواقفها علناً وعدم الركون إلى الحياد.
الدخول بزي الحشد
وفي الاتجاه نفسه، كشف النائب مختار الموسوي من الإطار التنسيقي أن أكثر من 100 توقيع جُمعت حتى الآن، لافتاً إلى أن الاتفاق داخل البرلمان يقضي بارتداء بدلات الحشد أو رفع شعاراته أثناء الجلسة كخطوة رمزية. كما شدّد رئيس منظمة بدر، هادي العامري، على أن البرلمان أمام “اختبار تاريخي”، مؤكداً أنه سيدخل الجلسة مرتدياً زي الحشد، في موقف بدا موجهاً إلى الداخل والخارج معاً.
الموقف نفسه عبّر عنه مقرر مجلس النواب، غريب عسكر التركماني، الذي أعلن أن التصويت على القانون سيتم خلال الأيام القليلة المقبلة، متحدثاً عن خطوة رمزية تتمثل في ارتداء الزي العسكري داخل البرلمان، تكريماً لضحايا الحشد ومقاتليه.
وفي وقت سابق من اليوم، قال رئيس منظمة بدر، هادي العامري، إن البرلمان أمام اختبار وتحدي تاريخي كبير لإقرار قانون الحشد الشعبي، “بعيداً عن أي تأثيرات داخلية أو خارجية”، فيما أكد أنه “سندخل البرلمان بزي الحشد وفاءً للشهداء والجرحى والمرجعية الرشيدة”.
هذه المواقف تأتي في وقت تزايد فيه الجدل بشأن الإجراءات الحكومية، إذ خاطب رئيس كتلة “حقوق”، سعود الساعدي، أمس السبت، الأمانة العامة لمجلس الوزراء مطالباً بتوضيح أسباب “سحب” مشروع القانون وعدم إعادته إلى مجلس النواب رغم قراءته لمرتين.
بالمقابل، لوّحت أطراف مقربة من الحشد الشعبي، مثل حركة النجباء بزعامة أكرم الكعبي، برد قاس إذا ما جرى المساس بمصالح الحشد أو تأخير تمرير القانون.
وبين شدّ وجذب، يبقى البرلمان العراقي أمام اختبار صعب؛ فبينما يرفع نواب كثر شعار “الوفاء لدماء الشهداء” عبر الحشد والتواقيع والرمزية، تظل الانقسامات السياسية والإجراءات الدستورية عائقاً حقيقياً أمام تمرير القانون. وهنا يبرز السؤال: هل سينجح البرلمان هذه المرة في إقرار قانون الحشد الشعبي، وإخراج المؤسسة التشريعية من حالة الشلل التي أصابتها منذ أشهر؟