شهدت العاصمة القطرية الدوحة، يومي الأحد والاثنين، انعقاد القمة العربية الإسلامية الطارئة التي جاءت على وقع الهجوم الإسرائيلي الذي استهدف العاصمة القطرية في التاسع من أيلول الجاري، وما تبعه من تداعيات سياسية وأمنية في المنطقة. وجمعت القمة أكثر من خمسين زعيمًا عربيًا وإسلاميًا، في محاولة لصياغة موقف موحد تجاه التصعيد الإسرائيلي المستمر على غزة وسوريا والدوحة.
كلمة أمير قطر: “مخططات نتنياهو لن تمر”
افتتحت القمة بتلاوة آيات من القرآن الكريم، ثم ألقى أمير دولة قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني الكلمة الافتتاحية، واصفًا الهجوم الإسرائيلي على بلاده بأنه “عدوان سافر وغادر وجبان”. وأكد أن “من يعمل على نحو مثابر ومنهجي لاغتيال الطرف الذي يفاوضه يقصد إفشال المفاوضات”، منتقدًا الحكومة الإسرائيلية التي “تتعامل مع المفاوضات كوسيلة لتعمية الرأي العام”.
وأضاف أمير قطر أن الحرب على غزة تحولت إلى “حرب إبادة”، وأن إسرائيل “تريد جعل غزة غير صالحة للعيش تمهيدًا لتهجير سكانها”. واعتبر أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يسعى إلى “تغيير وجه الشرق الأوسط” وتحويل المنطقة إلى ساحة نفوذ إسرائيلية، مضيفًا أن “مخططات نتنياهو لن تمر”.
إدانات من التعاون الإسلامي وجامعة الدول العربية
من جانبه، دعا الأمين العام لمنظمة التعاون الإسلامي حسين إبراهيم طه، مجلس الأمن الدولي إلى تحمل مسؤولياته ومساءلة إسرائيل على “جرائمها”، مؤكدًا ضرورة تمكين الحكومة الفلسطينية من تولي مسؤولياتها في قطاع غزة ودعم حل الدولتين.
أما الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط، فقد وصف الاعتداء على قطر بأنه “جريمة فاقت كل الحدود وتجاوزت كل مبدأ إنساني”، مشددًا على أن القمة “تحمل رسالة إلى المجتمع الدولي مفادها: كفى صمتًا على سلوك هذه الدولة المارقة”. وأضاف أن السكوت على الجرائم الإسرائيلية يقوض النظام الدولي ويعزز شعور قادة الاحتلال بأنهم بمنأى عن العقاب.
مواقف القادة العرب والإقليميين
رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني اعتبر أن الهجوم على قطر “يقتل عن عمد فرص الحلول السلمية”، واقترح إصدار موقف عربي وإسلامي موحد للتعامل مع أي اعتداء على أي دولة في المنطقة باعتباره تهديدًا جماعيًا. كما دعا إلى وضع خريطة طريق لوقف إطلاق النار في غزة وتشكيل لجنة عربية إسلامية لنقل الموقف إلى مجلس الأمن.
العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني أكد أن “أمن قطر هو أمننا”، مطالبًا بقرارات عملية لمواجهة هذا الخطر ووقف حرب غزة ومنع تهجير الفلسطينيين. الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي حذّر من أن “الاعتداء على الأراضي القطرية سابقة خطيرة”، داعيًا إلى آلية عربية إسلامية للتشاور المشترك ومجددًا الدعوة للاعتراف الفوري بدولة فلسطين.
الرئيس التركي رجب طيب أردوغان حذّر من أن “العدوان الإسرائيلي المتصاعد بات يشكل تهديدًا مباشرًا للمنطقة”، داعيًا إلى ممارسة ضغوط اقتصادية على إسرائيل وتقديم المسؤولين عن الجرائم إلى العدالة الدولية. كما أكد أن “لا يمكن القبول بتهجير الشعب الفلسطيني أو تقسيمه”.
أما الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان فاعتبر أن الهجوم على قطر “عمل إرهابي سافر هدفه تقويض جهود الوساطة لوقف العدوان على غزة”، محذرًا من أن أي دولة عربية أو إسلامية “ليست بمنأى عن الهجمات الإسرائيلية”.
رسائل القمة: وحدة الموقف وتدويل القضية
القمة، التي استمرت ليومين، خلصت إلى دعوة المجتمع الدولي لوقف العدوان الإسرائيلي ومحاسبة المسؤولين عنه، والتأكيد على دعم حل الدولتين وتمكين الفلسطينيين من حقوقهم المشروعة. كما شدد القادة على أن أي استهداف للوسطاء والمفاوضين يشكل تهديدًا مباشرًا للاستقرار الإقليمي، وأن السكوت الدولي على هذه الممارسات سيؤدي إلى مزيد من الفوضى في المنطقة.
القمة حملت في ختامها رسالة سياسية واضحة مفادها أن أمن قطر وأمن أي دولة عربية أو إسلامية هو جزء من الأمن الجماعي للمنطقة، وأن استمرار السياسات الإسرائيلية لن يحقق الأمن بل سيزيد من حدة الصراع.
