في تطور ميداني مقلق، تعرضت مواقع حيوية في مناطق عراقية لهجمات جوية متزامنة نفذتها طائرات مسيّرة ومقذوفات مجهولة المصدر، وسط عجز واضح عن تحديد الجهة المنفذة.
فجر الثلاثاء 1 تموز 2025، قالت مصادر في الحشد، إن “سرباً من الطائرات المسيّرة اخترق أجواء قضاء بيجي في محافظة صلاح الدين، قادماً من اتجاه منطقة الفتحة وجبل مكحول، ليشنّ هجوماً مباشراً على مصفى بيجي ومحطة الطاقة الحرارية ومجمع مصانع الزيوت والأسمدة، وهي مواقع حساسة تمثل عصب البنية التحتية الصناعية والطاقوية في البلاد”.
ورغم تمكّن الدفاعات الجوية العراقية من إسقاط طائرة واحدة على الأقل، فإن المعلومات الأولية غير المؤكدة تشير إلى أن اثنتين من المسيّرات استهدفتا المصفى، وسط حالة ارتباك ميداني وانقطاع في الاتصالات اللحظية، في وقت لا تزال فيه الجهة المنفذة مجهولة بالكامل، وفق ما يقول المصدر في الحشد.
على خلفية هذا التطور، أجرى نائب قائد عمليات صلاح الدين اللواء الركن عماد عبيد شنيت المالكي زيارة ميدانية عاجلة إلى قاطع المسؤولية، برفقة آمر الدفاع الجوي الثالث ومدير قسم الاستخبارات، بحسب بيان صدر عن قيادة العمليات هناك.
البيان الذي ورد لـ “إيشان”، جاء فيه، أن المالكي “اطلع على مواقع الانتشار الجديدة لمنظومة صواريخ بانتسير 7410 المخصصة لتأمين المصفى، وأمر بتفعيل آلية الرد الفوري على أي اختراق جوي، بعد الحصول على الموافقات الأصولية”.
وأشار البيان إلى “التنسيق مع إدارة مصفى بيجي لاستكمال إنشاء البنية التحتية الخاصة بانفتاح المنظومة الدفاعية”.
وفي سيناريو متزامن، سقطت في الساعة 11:30 من مساء اليوم نفسه، ثلاث مقذوفات مجهولة المصدر داخل مطار كركوك الدولي.
اثنتان من هذه المقذوفات انفجرتا في القسم العسكري، بينما تسببت الثالثة بحريق محدود قرب البوابة بين الجانبين العسكري والمدني، وتمت السيطرة عليه من قبل فرق الإطفاء.
وأسفر الهجوم عن إصابة شخص بجروح طفيفة، فيما أعلنت إدارة المطار أن جميع الرحلات مستمرة ولا توجد أضرار في المدرج أو البنى التحتية، بحسب بيان إدارة مطار كركوك، الذي ورد لـ “إيشان”.
غموض أم عجز استخباراتي؟
اللافت في هذه السلسلة من الهجمات هو الطابع المنسّق والدقيق، مقابل غياب أي تبنٍ رسمي من أي جهة حتى الآن.
ورغم تداول بعض الأوساط الأمنية فرضيات عن ضلوع تنظيم داعش، إلا أن آخرين يتحدثون عن احتمالات هجوم خارجي تقف خلفه جهة إقليمية ذات قدرات تقنية متقدمة، وُجهت أصابع الاتهام فيها إلى إسرائيل، خاصة وأن بيجي تُعد من الأهداف الاستراتيجية التي تثير حساسية بعض القوى الإقليمية.
ما يعزز هذه التكهنات هو نمط الاستهداف المحسوب، والطائرات المسيّرة المستخدمة، التي يبدو أنها تجاوزت الرصد الراداري إلى حدّ ما، مما يفتح الباب على سيناريوهات تشمل اختراقات سيبرانية أو تعاون داخلي سهّل للمسيّرات دخول المجال الجوي وتنفيذ الهجوم بدقة.
الرد الأمني.. قيد الترتيب
ولم تصدر الحكومة العراقية بياناً رسمياً حتى اللحظة، مع مواصلة تحقيقاتها الاستخبارية لمعرفة نوع المسيّرات ومصدر إطلاقها، وسط توجيهات عليا بإعادة انتشار أنظمة الدفاع الجوي قرب المواقع الحساسة.
ومع تصاعد وتيرة الضربات غير المعلنة، يواجه العراق اختباراً أمنياً حساساً، يتطلب مراجعة جذرية لآلية مراقبة الأجواء والتعامل مع الطائرات غير المأهولة، التي باتت وسيلة الهجوم المفضلة في الحروب غير المعلنة.