اخر الاخبار

المفوضية تحسم قضية مشاركة التيار الصدري: أغلقنا باب تسجيل المرشحين “نهائيا”

حسمت المفوضية العليا، اليوم الجمعة، قضية مشاركة التيار الصدري...

إيران تعلن استشهاد أحد أبرز علماء الطاقة النووية في حرب الـ 12 يوماً

أعلنت السلطات الإيرانية، اليوم الجمعة، استشهاد أحد أبرز علماء...

من دون الصدريين.. المفوضية تغلق باب التقديم على الانتخابات أمام المرشحين

أعلنت المفوضية العليا المستقلة للانتخابات، اليوم الجمعة، انتهاء مرحلة...

عراقجي: لم نطلب وقف إطلاق النار.. وأي خرق من “إسرائيل” سيُقابل برد فوري

قال وزير الخارجية الإيراني، عباس عراقجي، إن بلاده لم...

باستثناء كردستان… “درع أبراهام” يصنّف العراق ضمن قائمة أعداء “إسرائيل”

نشر تحالف "درع أبراهام"، وهي مبادرة إسرائيلية تسعى لتشكيل...

ذات صلة

معهد كوينسي يهاجم أوهام تل أبيب بشأن عودة رضا بهلوي لحكم طهران

شارك على مواقع التواصل

نشر “معهد كوينسي” مقالًا تحليليًا معمقًا يتناول الأبعاد السياسية والاستراتيجية للحملة الإسرائيلية الراهنة ضد إيران، ويسلط الضوء على الأهداف غير المُعلنة التي تتجاوز الخطاب الرسمي حول الملف النووي.
يستعرض المقال الخلفيات التاريخية للتدخلات الخارجية في إيران، ويطرح تساؤلات حرجة حول رهانات تل أبيب وواشنطن على إسقاط النظام الإيراني عبر الضغوط العسكرية، مع التلميح إلى إمكانية إعادة تنصيب رضا بهلوي، نجل الشاه السابق، بدعم خارجي.
ويوجه المقال نقدًا لاذعًا لفكرة التغيير المدعوم من الخارج، مستعرضًا تجارب قاسية من العراق إلى ليبيا، ومؤكدًا أن مصير إيران يجب أن يُحسم من قبل شعبها لا من عواصم القرار الأجنبية.

أدناه نص المقال كما أورده “معهد كوينسي للحكم الرشيد”:

الشرق الأوسط منطقة نادرًا ما يعيد فيها التاريخ نفسه حرفيًا، لكنه غالبًا ما “يُقَفِّي القوافي” بطريقة تجمع بين المأساوي والعبثي.

ولا يتجلى هذا الأمر بشكل أوضح مما هو عليه في الحملة الإسرائيلية الحالية ضد إيران، وهي حملة تُخفي خلف أهدافها المُعلنة ـــ تفكيك القدرات النووية والدفاعية الإيرانية ـــ طموحًا أعمق وأكثر غرابة: الأمل في إسقاط النظام وتنصيب حكومة صديقة بقيادة رضا بهلوي، نجل الشاه الإيراني السابق المنفي، بل وربما التمهيد لعودة النظام الملكي.

ليست هذه سياسة مُعلنة رسميًا لا في القدس ولا في واشنطن، لكنها تلوح في خلفية التصريحات الإسرائيلية الداعية علنًا للإيرانيين إلى “الانتفاض” ضد الجمهورية الإسلامية. ففي نيسان/أبريل 2023، استُضيف بهلوي في إسرائيل من قبل رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو والرئيس إسحاق هرتسوغ.

وخلال زيارته المنسّقة بعناية، صلى عند حائط البراق (الحائط الغربي)، متجنبًا زيارة المسجد الأقصى فوق جبل الهيكل، ولم يُبذل أي جهد للقاء القادة الفلسطينيين. ووصفت دراسة صادرة عن “مركز القدس للشؤون الأمنية والخارجية” الزيارة بأنها رسالة مفادها أن إسرائيل تعتبر بهلوي “القائد الرئيسي للمعارضة الإيرانية”.

شخصيات إسرائيلية مثل جيلا غامليئيل، وزيرة الاستخبارات السابقة، دعت علنًا إلى تغيير النظام، مصرّحة في العام الماضي بأن “نافذة الفرصة قد فُتحت لإسقاط النظام”.

ما كان ليُعتبر في وقت ما مجرد مناورة دبلوماسية، ارتقى في سياق الحرب الجوية الراهنة ليصبح رهانًا استراتيجيًا مفاده أن الضغط العسكري قادر على خلق ظروف تسمح بنتائج سياسية تختارها إسرائيل.

والمفارقة يصعب التغاضي عنها: فقد كانت التدخلات الأجنبية نفسها هي من مهّد العداء القائم اليوم. ففي عام 1953، نفذّت وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية والمخابرات البريطانية انقلابًا أطاح بمحمد مصدق، آخر رئيس وزراء منتخب ديمقراطيًا في إيران. ورغم أن السبب المباشر كان تأميمه شركة النفط الأنجلو-إيرانية الخاضعة لبريطانيا، إلا أن الولايات المتحدة تدخلت بدافع من هواجس الحرب الباردة، خشية أن تُفضي الأزمة إلى سيطرة الحزب الشيوعي الإيراني القوي وتحالف البلاد مع الاتحاد السوفيتي.

وقد أعاد الانقلاب تنصيب الشاه، الذي أفضى حكمه الاستبدادي واعتماده على الغرب إلى توليد مزيج عنيف من النزعة المناهضة للاستعمار والحماسة الدينية.

أما الثورة الإسلامية عام 1979، فكانت، بطريقتها الخاصة، ردًا مؤجلًا على أحداث 1953، وإعلانًا جذريًا للسيادة الوطنية في مواجهة المصالح الأجنبية. واليوم، تبدو إسرائيل والولايات المتحدة وكأنهما تؤمنان بأن تدخلًا خارجيًا جديدًا يمكن أن يكون حلًا لمشكلة ساهم التدخل السابق في خلقها.

منذ 12 حزيران/يونيو، تجاوزت الحملة العسكرية الإسرائيلية مجرد استهداف المنشآت النووية، لتطال مؤسسات الدولة ومقرات التلفزيون الرسمي. وفي أكثر الهجمات رمزية حتى الآن، ضربت إسرائيل سجن إيفين، المعروف باحتجاز المعارضين السياسيين.

وأعلن الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب يوم الاثنين أن اتفاقًا تم التوصل إليه لوقف القتال بين إيران وإسرائيل، وهو اتفاق لم يكن مؤكدًا بعد وقت كتابة هذا النص. وقد جاء الإعلان بعد ساعات من هجوم إيراني محدود على قاعدة أمريكية في قطر، أُسقطت خلاله الصواريخ دون تسجيل إصابات.

وصرّح رئيس الوزراء نتنياهو علنًا بأن هذا النزاع يمثل “طريقًا نحو تحرير الإيرانيين”. بل إن اسم العملية الجوية ـــ “الأسد الصاعد” ـــ يشير بدلالاته إلى علم إيران ما قبل الثورة، في لفتة رمزية نحو الإرث الملكي.

وقال نتنياهو في خطاب مصوّر وُجِّه إلى الشعب الإيراني: “بينما نُحقق أهدافنا، نحن أيضًا نُمهّد الطريق أمامكم لتحقيق حريتكم”.

لكن، ورغم كل الحديث عن تغيير النظام، لا يوجد وضوح حقيقي بشأن ما أو من يجب أن يأتي بعده. فعلى المستوى الرسمي، يُصر المسؤولون الإسرائيليون على أن الشعب الإيراني هو من سيختار قادته. لكن تبنّيهم العلني لولي العهد المنفي يروي قصة مغايرة.

رضا بهلوي قضى عقودًا يبني لنفسه صورة رجل دولة ديمقراطي ينتظر الفرصة. وفي مقابلاته، يتحدث عن مستقبل يُحسم باستفتاء شعبي، مدعوم بخطط تفصيلية مثل “خطة الانتقال في 100 يوم”. ولسرور إسرائيل، فإن تقاربه معها لا يقتصر على الرمزية، بل يمتد إلى جوهر الرؤية الاستراتيجية الإسرائيلية.

فخلال زيارته إلى تل أبيب عام 2023، شرح منطق الضربات الإسرائيلية ضد إيران، معتبرًا أن المفاوضات النووية “إضاعة للوقت”، وأن “أسرع طريق للقضاء على كل التهديدات” هو الاستثمار في بديل للنظام الحالي.

ويتصور مستقبلًا يستند إلى ما يسميه “اتفاقات كورش”، في إشارة إلى “الصداقة القديمة” بين الشعبين الفارسي واليهودي، وهي رؤية يعززها بمواقف رمزية قوية، مثل زواج ابنته مؤخرًا من رجل أعمال يهودي أمريكي.

لكن هذه الرؤية، مهما بدت جذابة في واشنطن والقدس، فهي شبه مفصولة بالكامل عن الواقع الإيراني. إذ يرى كثير من النقاد، حتى داخل المعارضة المبعثرة، أن هذه الخطابات الديمقراطية ليست سوى استراتيجية محسوبة لإعادة تأهيل صورة الملكية ووضع بهلوي كخيار وحيد ممكن.

أما لقاءاته البارزة مع القادة الأجانب ـــ وعلى رأسهم في إسرائيل ـــ ودعوته للدعم الغربي، فلا تُرى كتحضيرات لديمقراطية مستقبلية، بل كمحاولات لكسب دعم أجنبي لعودته إلى الحكم.

ولا يزال اسم بهلوي ملطخًا في أذهان كثير من الإيرانيين بذكريات غرف تعذيب “السافاك”، والفساد الفاحش، والارتهان للقوى الأجنبية من أجل البقاء. ورغم اتساع رقعة المعارضة للجمهورية الإسلامية، إلا أن شعارات احتجاجات “المرأة، الحياة، الحرية” عام 2022 ــ التي فجّرتها وفاة مهسا أميني خلال احتجازها بسبب الحجاب الإجباري ــ كشفت عن رفض عميق لكافة أشكال الاستبداد، بشعار مثل: “الموت للطاغية، سواء كان الشاه أو القائد”.

فالملكية التي تلمّح إسرائيل إلى إحيائها لم تُسقَط عام 1979 فحسب، بل رُفضت فعليًا من قبل ائتلاف شعبي واسع ضم الإسلاميين واليساريين والقوميين، توحّدوا في وجه قمع الشاه. وهذه الذاكرة الجماعية من الرفض الشعبي تحدّ بشدة من جاذبية رضا بهلوي اليوم.

وفي حين تصوّر مقالات الرأي في الإعلام الإسرائيلي مستقبل إيران على أنه خيار بين الفوضى واستعادة الملكية، لا يحظى بهلوي بدعم ملموس داخل بلدٍ يرى كثيرون فيه أن حركته “انتهازية” و”منفصلة عن الشعب الإيراني”.

أن تتخيل إسرائيل مآلاً مختلفًا لإيران، يعني أن تتجاهل أقسى دروس المنطقة. فمن المجازر الطائفية في عراق ما بعد صدام، إلى الخراب الذي عمّ ليبيا واليمن، علّمت العقود الأخيرة درسًا قاسيًا: أن تغيير الأنظمة بفعل خارجي لا يُنتج حلفاء مطيعين، بل فراغات تملؤها الجماعات المتطرفة، والحروب بالوكالة، والكوارث الإنسانية.

وهذا الدرس المُكلف هو ما دفع دول الخليج العربي إلى الانعطاف نحو الدبلوماسية مع خصوم سابقين كإيران.

أما الأمل الإسرائيلي بأن الضربات الجوية والاغتيالات تُهيئ الشعب الإيراني “للانتفاض”، كما قال نتنياهو، فليس فقط بلا أساس تاريخي، بل هو أمر بالغ الخطورة.

حتى داخل صفوف المعارضة الإيرانية، هناك شك عميق تجاه أي تدخل أجنبي. وكما صرّح ناشطون منفيون لوسائل الإعلام الغربية، فإن الإيرانيين يريدون إسقاط قادتهم بأنفسهم، ولا يريدون “دولة مصطنعة” أو نظامًا مفروضًا من الخارج.

وما يزيد من خطورة هذا الوهم، هو الاعتقاد بأن أي نظام بديل في طهران سيكون بالضرورة صديقًا لإسرائيل، متجاهلين الشكوك العميقة المتجذرة بفعل عقود من العداء والدعاية والصراع، والتي تتعزز اليوم بتدخل خارجي فج. حتى رضا بهلوي، إن وصل إلى الحكم بطريقة ما، سيواجه ضغطًا هائلًا للابتعاد عن أي تصور بأنه “رجل إسرائيل في إيران”.

قد تُضعف الحملة الإسرائيلية الجمهورية الإسلامية، لكنها لا تستطيع أن تستحضر “إيران جديدة وصديقة” من تحت الرماد، لا سيما إذا كان هذا البديل من سلالة ملكية سبق أن لفظها الشعب.

في النهاية، ينبغي أن يُقرر مستقبل إيران في طهران، لا في القدس أو واشنطن ـــ على يد الإيرانيين أنفسهم، وفق شروطهم، وفي توقيتهم الخاص.