اخر الاخبار

أمنوا الأرزاق وكدسوا المياه.. قوة خاصة لرصد محاولات ضرب التحالف الدولي

قرر جهاز مكافحة الإرهاب، تشكيل قوة خاصة لرصد أي...

عراقيات أكبر من عمر الدولة العراقية يكشفهن التعداد السكّاني

كشف التعداد السكاني، الذي لم ينتهِ إلى الآن، نسوة...

لبنان تدخل تعديلاتها على مقترح وقف إطلاق النار.. هذه شروطنا للموافقة

كشف مسؤول لبناني كبير، اليوم الخميس، أن بلاده تسعى...

عبر كابلات الشحن.. طريقة مبتكرة لسرقة معلوماتك وبياناتك

خرجت تقارير صحفية خلال الأيام الماضية لتكشف عن كابل...

“قرار تاريخي”.. العراق يدعو العالم للقبض على نتنياهو وتسليمه للجنائية الدولية

أصدرت الحكومة العراقية، بياناً بشأن إصدار مذكرة اعتقال بحق...

ذات صلة

ملامح مقاوم: أحمد الجعبري: “الشبح” الذي لم يُعرف له بيت أو رقم هاتف

شارك على مواقع التواصل

 

أحمد الجعبري قائد عسكري فلسطيني؛ انخرط في شبابه في مقاومة الاحتلال الإسرائيلي فسجنته سلطاته، ثم انضم إلى حركة المقاومة الإسلامية (حماس) التي ترقى فيها سياسيا وعسكريا حتى صار “نائب القائد العام” لذراعها العسكرية كتائب القسام التي أصبحت بإشرافه “جيشا نظاميا منضبطا”. أعلنته إسرائيل “المطلوب الأول” لديها فلاحقته حتى اغتالته في عدوانها على قطاع غزة عام 2012.

 

المولد والنشأة

وُلد أحمد سعيد خليل الجعبري عام 1960 في حي الشجاعية شرقي مدينة غزة جنوبي فلسطين، لعائلة انتقلت مطلع القرن العشرين من مدينة الخليل بالضفة الغربية المحتلة إلى قطاع غزة. وكان أبا لعائلة مكونة من عشرة أبناء وبنتين.

الدراسة والتكوين

حاصل الجعبري على شهادة بكالوريوس في التاريخ الإسلامي من الجامعة الإسلامية بغزة. وكان يتقن اللغة العبرية.

 

الوظائف والمسؤوليات

تولى الجعبري مسؤوليات تنظيمية وسياسية داخل حركة حماس، ثم انتقل من قيادتها السياسية إلى قيادة ذراعها العسكرية “كتائب عز الدين القسام”، حيث تدرج في سلم القيادة حتى أصبح “رئيس أركانها” ونائب قائدها العام محمد الضيف.

 

تجربة المقاومة

افتتح الجعبري مسيرته في مقاومة الاحتلال الإسرائيلي مناضلا نشطا في صفوف حركة التحرير الوطني الفلسطيني (فتح)، فتعرض للاعتقال بتهمة انخراطه في مجموعات عسكرية تابعة لـ”فتح” خططت لعملية فدائية ضد الاحتلال عام 1982.

وفي السجن ارتبط الجعبري بعلاقة واسعة مع قياديي الفرع الفلسطيني من جماعة الإخوان المسلمين من أمثال الشيخ أحمد ياسين وعبد العزيز الرنتيسي وإبراهيم المقادمة، فأنهى علاقته بحركة “فتح”، ثم انضم إلى هذه الجماعة التي أصبحت لاحقا تدعى “حركة حماس” وذلك قبل إنشاء الأخيرة رسميا عام 1987.

وعقب خروجه من سجون الاحتلال عام 1995 أصبح مقربا من القيادة السياسية لحماس فاتجه إلى العمل المؤسسي التنظيمي داخل الحركة، حيث تولى المسؤولية عن “دائرة شؤون الأسرى والمحررين” التابعة لها، ثم صار عام 1997 مسؤولا في “حزب الخلاص الإسلامي” الذي أنشأته حماس لتجاوز عقبات السلطة الفلسطينية المفروضة عليها، وانتخب عضوا في المكتب السياسي لحماس دورتين متتاليتين.

أثناء نشاطه السياسي توثقت علاقة الجعبري بالقائد العام لكتائب القسام بفلسطين محمد الضيف وبمهندس المتفجرات الأول في حماس عدنان الغول والقيادي العسكري البارز فيها سعد العرابيد، فساهم معهم -إلى جانب الشيخ صلاح شحادة– في تأسيس “كتائب عز الدين القسام” وتولى قيادة منطقة غزة المسماة تنظيميا “لواء غزة”، مما دفع جهاز الأمن الوقائي التابع للسلطة في عام 1998 إلى اعتقاله مدة عامين بـ”تهمة” علاقته بكتائب القسام.

خرج من سجون السلطة إثر قصف الاحتلال لمقرات أجهزتها الأمنية في القطاع مع بداية انتفاضة الأقصى 2000، فنشط في قيادة عمليات الانتفاضة ضد الاحتلال وأصبح من الرعيل الأول للقيادات العسكرية لحماس، فكان ثالث ثلاثة في المجلس العسكري لكتائب القسام إلى حين اغتالت إسرائيل الشيخ شحادة يوم 22 يوليو/تموز 2002.

وحين فشلت إسرائيل في محاولتها اغتيال القائد العام لكتائب القسام محمد الضيف عام 2003 -التي أصيب خلالها بجروح بالغة – صار الجعبري “القائد الفعلي” للكتائب القسام باعتباره نائبا للضيف، وأصبحت القيادات الأمنية والعسكرية الإسرائيلية تسميه “رئيس أركان حماس” و”الرقم الأصعب” في قيادة جناحها العسكري.

برز دور الجعبري العسكري الكبير خلال العدوان الإسرائيلي على غزة أواخر 2008 وبداية 2009، فسطع نجمه واعتبرته وسائل إعلام إسرائيلية “مهندس التصدي” لهذا العدوان الذي دام أكثر من عشرين يوما، وأطلقت عليه لقب “الشبح” بسبب عجز القوات الإسرائيلية عن اغتياله أو الإمساك به أثناء العدوان.

ومن موقعه في قمة الهرم العسكري القيادي لكتائب القسام؛ حقق الجعبري -بشهادة خبراء إسرائيليين وغربيين- إنجازات كبيرة في سنوات توليه مسؤولية “رئيس الأركان”، فقد عمل على تطوير إمكانيات الكتائب وتحويلها خلال فترة وجيزة من نظام المجموعات إلى ما يشبه جيش نظامي يقدر عدده بنحو 20 ألف مقاتل منضبط، ويمتلك ترسانة متنوعة من الأسلحة المتوسطة والخفيفة تمكنه من إدارة معركة كاملة.

أثبت الجعبري قدرات قيادية عالية في إشرافه على العديد من عمليات كتائب القسام العسكرية النوعية، وتحت قيادته أصبحت هذه الكتائب -حسب صحيفة نيويورك تايمز الأميركية (19 نوفمبر/تشرين الثاني 2012)- تتبنى “أنظمة تدريب وتسلسل قيادي واضحين”، وصارت “ذات تنظيم عال ومهنية متزايدة” وأكثر مؤسسية، بحيث إنها لو فقدت قيادتها فإن قيادة جديدة تنهض لتحل محلها إذ “مع القائد العام هناك دائما قادة آخرون”.

وطبقا لما قالته نيويورك تايمز؛ فإن القسام -بقيادة الجعبري- أصبحت خلال عقدين “الفصائل الأقوى والأوسع بين فصائل غزة العديدة”، وذكرت الصحيفة أن القسام “قسمت قطاع غزة إلى ست مناطق جغرافية، لكل منطقة قائدها الذي يخضع لسلطة الجعبري الذي أصبح “بطلا شعبيا تملأ صورته الملصقات واللافتات على نطاق القطاع”.

وأضافت أن “لكل منطقة من هذه المناطق مدفعيتها ومضاداتها (للدبابات والطائرات) وقناصتها ومهندسوها ومشاتها، علاوة على قوات خاصة بالاتصالات والأعمال اللوجستية والتهريب والأسلحة والاستخبارات والعلاقات العامة، وبذلك اتسعت كتائب القسام ونضجت تحت قيادة الجعبري”.

اتهمت إسرائيل الجعبري بالمسؤولية عن تخطيط وتنفيذ عدد كبير من العمليات العسكرية التي نفذتها القسام ضدها، فظل المطلوب “رقم 1” لدى أجهزة مخابراتها واستهدفته بأربع محاولات اغتيال فاشلة، كانت إحداها يوم 18 أغسطس/آب 2004 حين قصفت طائرة إسرائيلية منزل عائلته فأصيب هو بجروح خفيفة، واستشهد ابنه البكر محمد وشقيقه وصهره وأقارب له. كما وضع جهاز “الشاباك” خطتين لاختطافه كانت إحداهما منتصف 2008 باعتباره “الهدف ذا التفضيل الأعلى”.

ومع إنجازاته العسكرية الكبيرة؛ سطع نجم الجعبري-الذي يوصف إسرائيليا بأنه “كان في الوسط بين المستوى العسكري لحماس والمستوى السياسي لها”- بصورة أكبر في قيادته (بدءا من 2009) لمفاوضات صفقة الجندي الإسرائيلي جلعاد شاليط، الذي أشرف هو بنفسه على أسره يوم 25 يونيو/حزيران 2006 خلال عملية “الوهم المتبدد” التي نفذتها كتائب القسام، وظل في عهدته طوال ستة أعوام لم تستطع إسرائيل فيها العثور على أي معلومات عنه.

توجت هذه المفاوضات المعقدة وغير المباشرة مع إسرائيل بمبادلة جنديها شاليط بـ1047 أسيرا وأسيرة فلسطينية بعضهم من ذوي الأحكام العالية، وهي الصفقة التي اكتمل تنفيذها بين أكتوبر/تشرين الأول وديسمبر/كانون الأول 2011 وسمتها حماس “وفاء الأحرار”. وقد جعل نجاحه في إتمام العملية العارفين به يصفونه بأنه “كان ناجحا في إدارة شؤون الأسرى نجاحه في قيادته العسكرية”.

وصفت صحيفة نيويورك تايمز الجعبري بأنه كان “أكثر العناصر عملية داخل حركة حماس، وهو رجل حماس القوي المسؤول عن اختطاف جلعاد شاليط وعن تطبيق اتفاقيات وقف إطلاق النار (بين حماس وإسرائيل) التي توسطت فيها المخابرات المصرية”.

وأضافت الصحيفة أن الجعبري “لم يكن مستعدا للتخلي عن إستراتيجية ‘المقاومة‘ ضد إسرائيل، لكنه كان يقر بالحاجة لنهج جديد وكان مستعدا للموافقة على وقف طويل المدى لإطلاق النار”.

ويقول مقربون منه إنه “كان يمتلك ملكة فريدة في تعليم عناصر القسام الكثير من الأساليب الأمنية، خصوصا فيما يتعلق بتحديد سبل الرد على انتهاكات الاحتلال”، وقد ساعده في ذلك إتقانه للغة العبرية ومتابعته لوسائل الإعلام الإسرائيلية التي كان يدرك من خلالها ما يخيف سلطات الاحتلال وتخشاه. وكان حريصا على تعليم عناصر المقاومة اللغة العبرية ليكونوا قادرين على فهم عدوهم عن قرب وبشكل صحيح.

عاش الجعبري في سرية تامة حيث أبعد نفسه بشكل تام عن وسائل الإعلام فلم يظهر إلا في برنامج وثائقي واحد تحدث فيه عن نفسه وعن كتائب القسام، وكان يتخفى بشكل كبير ولا يُعرف له بيت أو رقم هاتف لأنه كان “يملك حسا أمنيا عاليا لدى تحركه من مكان إلى آخر”، حسب قول مقربين منه.

ولذلك فإنه ظهر فقط في بعض التدريبات العسكرية للقسام ويوم تسليم الجندي الإسرائيلي شاليط إلى المخابرات المصرية، إذ كان ممسكا به إلى جانب القيادي القسامي رائد العطار. كما ظهر في بعض المناسبات الخاصة بتكريم الأسرى المحررين مدة دقائق قبل أن يختفي. لكنه كان يشارك في بعض الاحتفالات والمهرجانات الجماهيرية الشعبية ويجلس في الصفوف الأخيرة التي لا تلتفت إليها أنظار الناس.

 

الوفاة

في مساء يوم 14 نوفمبر/تشرين الثاني 2012 اغتال الاحتلال الإسرائيلي أحمد الجعبري بغارة جوية استهدفت سيارته بالقرب من مجمع الخدمة العامة بمدينة غزة، وذلك بعد أسبوع فقط من عودته من مكة المكرمة حيث أدى مناسك الحج. وكان اغتياله مقدمة لعدوان عسكري إسرائيلي كبير على القطاع دام حوالي عشرة أيام.

وحتى لحظة اغتياله؛ ظل الجعبري -الذي قالت كتائب القسام في بيان نعيه إنه “رئيس أركان المقاومة في فلسطين وأبرز قادة كتائب الشهيد عز الدين القسام”- وفيا لمقولته التي تؤثر عنه: “ما دام الصهاينة يحتلون أرضنا الفلسطينية فليس لهم سوى الموت أو الرحيل عنها”.