اخر الاخبار

ملامح مقاوم: عماد عقل.. الملثم ذو “الأرواح السبعة” ومهندس الاشتباك من “نقطة صفر”

  أحد القادة التاريخيين لحركة المقاومة الإسلامية (حماس) ومن أبرز...

هيومن رايتس ووتش: التهجير القسري الممنهج في غزة جرائم حرب ضد الإنسانية

  أكدت منظمة هيومن رايتس ووتش في تقرير اليوم الخميس،...

لم يعرف مصدره.. استهداف مقر لسرايا السلام بصاروخ قاذفة في ديالى

  أفاد مصدر أمني مطّلع، اليوم الخميس، باستهداف مسلح لمقر...

شبكة أنفاق الحزب تؤرق الكيان: المقاتلون يضربون ويختفون

بعد يوم على مقتل 7 جنود إسرائيليين جنوبي لبنان،...

ذات صلة

ملامح مقاوم: ناجي العلي.. “حنظلة” الذي أذاق الاحتلال مر رسوماته بجيش من الكاريكاتير

شارك على مواقع التواصل

 

منذ القدم تعددت أشكال مقاومة الاحتلال في كل أرض وزمان، فهناك من يقاتل بجسده وسلاحه وهناك من لجأ لفنه أو أدبه وشعره، وما سطره رسام كاريكاتير الفلسطيني ناجي العلي، الذي ارتبط اسمه بشخصية “حنظلة”، حين لجأ لمقاومة الاحتلال الصهيوني بتصوير القضية الفلسطينية في رسوماته واخترع شخصيات ما زالت حاضرة في ذاكرة كل عربي، فكان فدائيا بطريقته الخاصة حتى تسببت رسوماته باستشهاده.

ولد عام 1937 في قرية الشجرة التابعة لقضاء طبريا. والده: سليم حسين. زوجته: وداد صالح نصر من بلدة صفورية. أولاده: خالد وأسامة وليال وجودي.

بدأ ناجي العلي تعليمه في مدرسة القرية، ثم اضطر، بعد احتلال القوات الإسرائيلية  قريته، إلى الهجرة مع عائلته إلى الجنوب اللبناني، حيث استقر بهم المقام في مخيم عين الحلوة القريب من مدينة صيدا، فعاشوا في خيمة لا تزيد مساحتها على عشرة أمتار مربعة. ويبدو أن موهبته في الرسم راحت تتفتح منذ ذلك الحين.

بعد أن أنهى ناجي علومه الابتدائية في مدرسة “اتحاد الكنائس المسيحية” وحصل على شهادة “السرتيفيكا” سنة 1951، عمل لفترة في قطاف الحمضيات والزيتون، ثم انتقل إلى مدينة طرابلس في شمال لبنان ليتعلم صنعة في المعهد المهني التابع للرهبان البيض، ونجح سنة 1953 في الحصول على دبلوم في ميكانيك السيارات، وصار يعمل، بعد عودته إلى بيروت، في ورش صناعية عديدة.

سافر ناجي إلى السعودية سنة 1957، حيث بقي سنتين يعمل ميكانيكياً للسيارات، ويرسم أثناء أوقات فراغه. وبفضل القليل من المال الذي جمعه، بنى لعائلته في المخيم غرفة واسعة من الطوب والحديد، مع حمام ومطبخ صغيرين.

التحق ناجي العلي سنة 1959 بـ”الأكاديمية اللبنانية للفنون الجميلة”، إلا أن إعتقاله مرات عديدة خلال تلك السنة في ثكنات الجيش اللبناني، لانتمائه إلى فكر “حركة القوميين العرب” وقيامه بتوزيع منشوراتها، لم يمكّنه من متابعة دراسته في هذه الأكاديمية. ولكن الحظ حالفه إذ وجد عملاً في تعليم الرسم للأطفال في “المدرسة الجعفرية” في مدينة صور جنوبي لبنان.

قام الأديب والصحافي الفلسطيني غسان كنفاني بنشر أولى لوحات ناجي العلي في مجلة “الحرية” في سنة 1962، بعد أن اطّلع على رسوماته وأعجب بها أثناء زيارة له إلى معرض رسومات أقيم في مخيم عين الحلوة. ومنذ ذلك الحين، صارت رسوماته تنشر من وقت إلى آخر على صفحات مجلة “الحرية”.

سافر ناجي سنة 1963، بترتيب من غسان كنفاني، إلى الكويت ليعمل محرراً ورساماً ومخرجاً صحفياً في مجلة “الطليعة” الأسبوعية القومية التوجه. وفي سنة 1966، عاد إلى لبنان، حيث بقي سنة تقريباً يعمل رساماً في مجلة “الحرية” وفي جريدة “اليوم”، رجع بعدها إلى الكويت ليتابع عمله في مجلة “الطليعة”.

بعد توقيف مجلة “الطليعة”، مؤقتاً، سنة 1968، انتقل ناجي العلي للعمل كرسام كاريكاتير متفرغ في صحيفة “السياسة” الكويتية  اليومية حتى سنة 1974.

في آذار/ مارس 1974، صدرت جريدة “السفير” اليومية في بيروت، فعاد ناجي العلي ليعمل رساماً للكاريكاتير فيها، وراحت شهرته تذيع على النطاق العربي منذ ذلك الحين من خلال شخصية الطفل “حنظلة” التي ابتدعها ناجي سنة 1969 عندما كان يعمل في الكويت في صحيفة “السياسة”، وهو الطفل ابن العاشرة، الذي لن يكبر إلاّ بعد عودته إلى فلسطين موطنه الأصلي، والذي يظهر في الرسم وهو يدير ظهره عاقداً يداه خلف ظهره، وقد أصبح “حنظلة” بمثابة توقيع ناجي على رسوماته، فهو “كالبوصلة بالنسبة لي، وهذه البوصلة تشير دائماً إلى فلسطين”، كما كتب.

عاد ناجي إلى الكويت مرة أخرى سنة 1976 للعمل في صحيفة “السياسة” حتى سنة 1978، ثم رجع إلى بيروت للعمل في صحيفة “السفير” حتى سنة 1983.

انضم في مطلع سنة 1983، عقب الاجتياح الإسرائيلي للبنان، إلى أسرة تحرير صحيفة “القبس” الكويتية، بيد أن الحكومة الكويتية قررت بعد سنتين ترحيله عن أراضيها، فلجأ في تشرين الأول/ أكتوبر 1985 إلى لندن وصار يعمل في صحيفة “القبس” الدولية.

في 22 تموز/ يوليو 1987 ، أطلق شاب مجهول النار على ناجي العلي في لندن بالقرب من مقر صحيفة “القبس” الدولية، فأصابه تحت عينه اليمنى ومكث في غيبوبة في المستشفى حتى وفاته في 29 آب/ أغسطس 1987، ودفن في مقبرة بروك وود الإسلامية في لندن. ولم تعرف إلى اليوم الجهة التي كانت وراء الاغتيال على وجه القطع.

وكان ناجي قد انتخب في سنة 1979 أميناً عاماً لـ”رابطة الكاريكاتيريين العرب”، كما انتخب عضواً في الأمانة العامة لـ”اتحاد الكُتّاب والصحافيين الفلسطينيين”.

يعتبر ناجي العلي من أهم رسامي الكاريكتير العرب والعالميين، وتميّزت رسوماته، التي بلغ عددها حوالي 14,000 ألف رسم، بالنقد اللاذع للأوضاع العربية والفلسطينية وصارت وسيلته الوحيدة للتعبير عن همّه ومعاناته وآلام شعبه الفلسطيني، مجسداً بشخصية الطفل “حنظلة”، الفلسطيني المعذب والقوي على الرغم مما يواجهه من صعاب، وبشخصية “فاطمة”، المرأة الفلسطينية التي لا تساوم وتمتلك رؤيا واضحة بشأن القضية الفلسطينية وسبل حلها، وبشخصية زوجها ذي الشاربين الطويلين، الفلسطيني النحيل الكادح، وبشخصية الرجل السمين ذي المؤخرة العارية التي تمثل الزعماء العرب الإنتهازيين، وبشخصية الإسرائيلي، الجندي الذي يقف، في أغلب الحالات، مرتبكاً أمام حجارة الأطفال الفلسطينيين.

فاز ناجي العلي سنة 1979 بالجائزة الأولى في “معرض الكاريكاتير العربي” الذي أقيم في دمشق،  ومنحته “الجمعية العالمية للصحف ولناشري وسائل الإعلام” في باريس، في سنة 1988، جائزة “قلم الحرية الذهبي”، بصفته واحداً من أهم رسامي الكاريكاتير في العالم. واختارته صحيفة “آساهي شيمبون” (Asahi Shimbun) اليابانية، واحداً من بين أشهر عشرة رسامي كاريكاتير في العالم.

بعد استشهاده، أقيم مركز ثقافي في بيروت حمل اسم “مركز ناجي العلي الثقافي” تخليداً لذكراه. وقام الفنان نور الشريف بتجسيد شخصيته في فيلم روائي باسم “ناجي العلي”، أخرجه في كانون الأول/ ديسمبر 1991 المخرج المصري عاطف الطيب وكتب قصته وحواره بشير الديك. كما أخرجت المخرجة الأردنية هناء الرملي سنة 2007 فيلماً وثائقياً قصيراً عن حنظلة ناجي العلي باسم “الأيقونة”.

 

من آثاره:

“كاريكاتير ناجي العلي”. بيروت: المركز العربي للمعلومات، 1983.

“ناجي العلي في القاهرة: كاريكاتور”. القاهرة: دار المستقبل العربي، 1993.

“ناجي العلي 1985-1987: كاريكاتير”. دمشق: أطلس للنشر والتوزيع، 2008.