في تصريح خطير، صدر من رئيس وزراء الكيان الصهيوني بنيامين نتنياهو.، أعلن فيه، استخدام حوب دينية كما هو مكتوب في التوراة.
نتنياهو قال في تصريحات صحفية: “كما هو مكتوب في التوراة سألاحق أعدائي وسأقضي عليهم”
وأضاف: “تغيير موازين القوى يجلب تحالفات جديدة لأننا منتصرون”.
وتابع رئيس وزراء الكيان الغاصب: “نعمل بمنهجية على اغتيال قيادات حزب الله وتغيير الواقع الإستراتيجي في الشرق الأوسط كله”.
ونثر نتنياهو ما في جعبته بحثا عن حجج تسند روايته لمواصلة حربه على الفلسطينيين في قطاع غزة، ولبنان فكان استدعاء النصوص التوراتية القديمة ترسانته المساندة لتأجيج المشاعر الدينية عند الجمهور.
وفي وقت سابق، وعبر خطاب متلفز، استدعى نتنياهو ”نبوءة إشعياء” في إطار سعيه لمواصلة حرب الإبادة على قطاع غزة، وقال “نحن أبناء النور بينما هم أبناء الظلام، وسينتصر النور على الظلام”.
وأضاف نتنياهو “سنحقق نبوءة إشعياء، لن تسمعوا بعد الآن عن الخراب في أرضكم، سنكون سببا في تكريم شعبكم، سنقاتل معا وسنحقق النصر”.
كما استدعى نصا دينيا آخر، حين قال “يجب أن تتذكروا ما فعله عماليق بكم، كما يقول لنا كتابنا المقدس. ونحن نتذكر ذلك بالفعل، ونحن نقاتل بجنودنا الشجعان وفرقنا الذين يقاتلون الآن في غزّة وحولها وفي جميع المناطق الأخرى في إسرائيل”.
العماليق وكي الوعي
وكلمة العماليق تحيل إلى قبيلة من البدو الرحل سكنوا شبه جزيرة سيناء وجنوبي فلسطين، وصارت تعني في الثقافة اليهودية “ذروة الشر الجسدي والروحي”.
لذلك نقرأ في سفر صموئيل الأول “اذهب وحارب عماليق، اقض عليهم قضاء تاما، هم وكل ما لهم. لا تشفق عليهم، اقتل جميع الرِجال والنساء والأطفال والرضع، واقتل ثيرانهم وغنمهم وجمالهم وحميرهم، وحاربهم حتى يَفنوا”.
ويبدو أن مصطلح “كي الوعي” الذي كان رئيس أركان الجيش الإسرائيلي السابق الجنرال موشيه يعالون أول من استخدمه، ينطبق تماما على هذا التوصيف.
فهذا المصطلح يشير إلى استخدام القوة الطاغية في الانتقام الشرس من قوى المقاومة، بتنفيذ سياسات العقاب الجماعي ضد المدنيين، وسفك الدماء وتدمير المنازل على رؤوس أصحابها، وإعادة الحياة قرونا إلى الوراء.
ومن مضامين هذا المصطلح أيضا استخدام سياسة الحصار والإذلال، والقضاء على مصادر الرزق، ومنع حرية الحركة ومنع الخدمات الصحية، وشن عمليات الاعتقال والتعذيب، في محاولة من جيش الاحتلال لهزيمة الفلسطيني نفسيا وإشعاره بالعجز ليستسلم للأمر الواقع.
ولما كان قادة الاحتلال يحاولون دائما تثبيت مقولة إن الجيش الإسرائيلي “هو أكثر جيش أخلاقي في العالم”، فقد لجؤوا إلى هذه المقولات التوراتية لتسويغ حربهم في غزة واعتبارها “حربا أخلاقية” تهدف إلى إبادة “مجموعة من العصابات التي لا تفهم معنى الإنسانية”.
الأغيار في التوراة
ولم تكن تصريحات وزير التراث الإسرائيلي عميحاي إلياهو، التي دعا فيها إلى إلقاء قنبلة نووية على قطاع غزة وإعادة بناء المستوطنات فيه، خارج سياق الفكر التلمودي، بل إنها تعبر عن تيار كبير متغلغل داخل المجتمع الإسرائيلي، ويحظى بنفوذ داخل دوائر صنع القرار السياسي.
ويبرر هذا التيار -الذي تقوده التعاليم التوراتية المحرفة- العنف ضد من يسميهم “الأغيار” من غير اليهود وطردهم مما يزعمون أنها أرض إسرائيل أو قتلهم، فليس أمام هؤلاء الأغيار خيار غير الإبادة أو التهجير، وفق معتقداتهم.
تطبيق عملي
يحفل التاريخ الإسرائيلي القريب بكثير من المذابح والمجازر التي نفذت ضد الفلسطينيين على مدار عقود، وعلى سبيل المثال لا الحصر، يذكر المؤرخ العسكري الإسرائيلي أرييه يتسحاقي أن “القوات الإسرائيلية ارتكبت في عام واحد فقط بين عامي 1948 و1949، أكثر من “10 مذابح كبرى” ضد سكان الأرض، لكن نادرا ما وصفت تلك المذابح على المستوى السياسي بأنها حرب إبادة.
ومع الأيام الأولى للعدوان الحالي على غزة، أعلن وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت أنه أمر بفرض “حصار كامل” على قطاع غزة، وشدد على أن ذلك يترجم بالنسبة لسكان القطاع البالغ عددهم 2.3 مليون نسمة بـ”لا كهرباء، ولا طعام، ولا مياه، ولا غاز. سنعلق كل شيء”.
كما أعلنت وزارة الدفاع الإسرائيلية أنها أمرت بقطع “فوري” لإمدادات المياه إلى غزة، وصدر قرار وزير البنية التحتية الإسرائيلي يسرائيل كاتس، “بالقطع الفوري للمياه والطاقة عن قطاع غزة”.
وتم بالفعل تطبيق هذه البنود حرفيا على السكان في قطاع غزة، فكان الحصار المطبق وسياسة التهجير والتعطيش والتجويع في ظل قصف متواصل أسفر -حتى الآن- عن استشهاد أكثر من 13 ألف فلسطيني.
ولم يؤثر على قوانين الإبادة الصارخة هذه تعرض مئات الآلاف من السكان لخطر المجاعة في ظل أزمة إنسانية كبيرة ونقص فادح في المواد الغذائية وانقطاع في مياه الشرب، فضلا عن انتشار الأمراض وغياب المأوى.