تصاعدت ألسنة اللهب من الطوابق العليا لفندق “قلب العالم” وسط بغداد، فيما وقفت فرق الإطفاء عاجزة عن الوصول إلى النيران. انتشرت المقاطع المصوّرة على مواقع التواصل الاجتماعي كالنار ذاتها، وأظهرت مضخات المياه وهي ترش منسوبًا لا يلامس حتى الطوابق المتوسطة.
لم يكن الحريق حادثًا معزولًا، بل فتح أبواب التساؤل: هل تملك فرق الدفاع المدني في العراق – خصوصًا في العاصمة بغداد – الإمكانيات والكوادر اللازمة للاستجابة الفعالة في حوادث البنايات المرتفعة في المدن المتكدسة؟
جهاز يعاني “ضعفا”
يقول رياض العقابي، رئيس اللجنة المالية وعضو اللجنة الأمنية في مجلس محافظة بغداد: إن “الحكومة غير مهتمة اهتمامًا جديًا بملف الدفاع المدني. نعاني من ضعف في الكوادر نتيجة ضعف التدريب، فضلًا عن قلة الإمكانيات والمعدات والآليات”.
ويضيف العقابي في تصريح لمنصة “إيشان” أن “الآليات التي وصلت إلى موقع حريق فندق قلب العالم لم تكن قادرة على التعامل مع المرتفعات العالية، وهو أمر خطير في مدينة مثل بغداد”.
وبحسب العقابي، فإن مجلس المحافظة ناقش هذا الملف “في اللجنة الأمنية”، وخرج بتوصيات واضحة للحكومة المحلية: تدريب عالي المستوى لكوادر الدفاع المدني، والتعاقد مع دول متطورة للحصول على تقنيات وآليات حديثة تُمكِّن الفرق من إنقاذ الأرواح في الوقت الحرج.
“أسطول حديث”
في المقابل، يرى مسؤولو الدفاع المدني أن الصورة التي نُقلت عبر مواقع التواصل الاجتماعي لا تعكس الواقع الكامل.
نؤاس صباح، مدير إعلام مديرية الدفاع المدني، قال لمنصة “إيشان”: “نمتلك أسطولًا متطورًا من الآليات الحديثة، من آليات إطفاء وحوضيات ساندة، بالإضافة إلى عجلات استجابة سريعة قادرة على المناورة والتعامل مع الحوادث”.
وأكد صباح أن فرق الإطفاء استلمت مؤخرًا “دفعة جديدة من الآليات من شركة مرسيدس، موديل 2025″، وأن هذه الآليات “شاركت فعليًا في حادث فندق قلب العالم، وهي مزودة بتقنيات للوصول إلى ارتفاعات عالية جدًا”.
لكن صباح أوضح أن حرائق الأبراج لا تعتمد فقط على الجهد الخارجي: “إخماد الحرائق في البنايات العالية يتم غالبًا عبر منظومات الإطفاء الرطبة والجافة داخل البناء، أما جهد فرق الإطفاء الخارجي فهو جهد ساند”.
المشكلة لا تقتصر على البنايات المرتفعة، بل تشمل حتى المنشآت المتوسطة. ففي مدينة الناصرية، اندلع قبل أيام حريق في جسر المشاة المكيّف، وهو على بُعد أمتار قليلة من محطة إطفاء، لكن شهود عيان أفادوا بأن “مضخات المياه لم تكن قادرة على الوصول إلى النيران، رغم قُرب المسافة”.
وعن هذا الحادث، قال صباح إن الجسر “لم يكن بارتفاعات عالية، وكان يمكن لأي آلية التعامل معه”، لكن الخطر كان في نوعية المادة المستخدمة في تغليف الجسر. “الجسر كان مغلفًا بمادة الكوبوند، وهي مخالفة لتوصيات الدفاع المدني، وتُسرّع من انتشار النيران بشكل كبير”. ومع ذلك، يؤكد أن “فرق الدفاع المدني نجحت في السيطرة على الحريق”.