لم تغضب واشنطن من قرار مجلس النواب العراقي بتجريم العلاقات المثلية ومحافحة البغاء والشذوذ الجنسي، فحسب، بل راحت إلى ربط هذا القرار بما قد يؤثر سلباً على الاقتصاد العراقي وواقع التنمية والاستثمارات بالمثليين وحقوقهم التي ترفضها المكونات الاجتماعية في البلاد.
وقال المتحدث باسم الخارجية الأميركية ماثيو ميلر: “تشعر الولايات المتحدة بقلق عميق إزاء إقرار مجلس النواب العراقي تعديلاً على التشريعات القائمة، والذي يطلق عليه رسميا قانون مكافحة الدعارة والمثلية الجنسية، والذي يهدد حقوق الإنسان والحريات الأساسية المحمية دستوريًا. يحظر القانون العلاقات الجنسية المثلية مع فرض غرامات باهظة والسجن، ويعاقب أولئك الذين يروجون للمثلية الجنسية. إن تقييد حقوق بعض الأفراد في المجتمع، يضعف حقوق الجميع”.
واعتبر ميلر، أن “تشريع العراق لقانون يكافح المثلية الجنسية، سيضعف قدرة البلد على جذب الاستثمارات الأجنبية، ونموه الاقتصادي، ويهدد هذا التعديل الأشخاص الأكثر عرضة للخطر في المجتمع العراقي، ويمكن استخدامه لعرقلة حرية التعبير والتعبير الشخصي، وعرقلة أعمال منظمات المجتمع المدني في جميع أنحاء العراق. كما يضعف التشريع قدرة العراق على تنويع اقتصاده وجذب الاستثمارات الأجنبية. لقد أشارت الائتلافات التجارية الدولية بالفعل إلى أن هذا التمييز في العراق سيضر بالأعمال والنمو الاقتصادي في البلاد”.
والسبت الماضي، أقر البرلمان العراقي، قانونا يجرم العلاقات المثلية بالسجن لمدد تصل إلى 15 عاما، في خطوة قال إنها تهدف إلى الحفاظ على القيم الدينية. ويهدف القانون، إلى الحفاظ على “كيان المجتمع العراقي من الانحلال الخلقي ودعوات الشذوذ الجنسي التي غزت العالم”. وقد حظي بدعم رئيسي من أغلبية الأحزاب الشيعية التي تشكل أكبر ائتلاف في مجلس النواب.
وتقول وجهة النظر الأميركية، إن “احترام حقوق الإنسان والاندماج السياسي والاقتصادي أمر أساسي لأمن العراق واستقراره ورخائه. يتعارض هذا التشريع مع هذه القيم ويقوض جهود الإصلاح السياسي والاقتصادي التي تبذلها الحكومة”.
كما عبرت السفيرة الأميركية في بغداد إلينا رومانسكي، عن قلق بلادها من تشريع القانون، وقالت في تدوينة لها على “إكس”: “تشعر الولايات المتحدة بقلق عميق إزاء التشريع الذي أقره مجلس النواب العراقي، الذي يهدد حقوق الإنسان والحريات الأساسية المحمية دستورياً، ويهدد هذا الإجراء الأشخاص الأكثر عرضة للخطر في المجتمع العراقي، ويمكن استخدامه لعرقلة حرية التعبير والتعبير الشخصي، وعرقلة أعمال منظمات المجتمع المدني في جميع أنحاء العراق”، مضيفة أن القانون يضعف قدرة العراق على تنويع اقتصاده وجذب الاستثمارات الأجنبية، مشددة على أن “احترام حقوق الإنسان والاندماج السياسي والاقتصادي أمر أساسي لأمن العراق واستقراره ورخائه”.
على إثر ذلك، أعلن النائب المستقل يوسف الكلابي، جمع تواقيع نيابية لاستبدال السفيرة الأميركية في العراق. وقال الكلابي في تدوينة عبر منصة “إكس”، وتابعتها منصة “إيشان”، إنه “تم تقديم طلب إلى رئاسة البرلمان موقعا من 61 نائبا لغرض استبدال السفيرة الأمريكية آلينا رومانوسكي في بغداد واعتبارها شخص غير مرحب به”.
وتواصل “إيشان” مع القيادي في تحالف “قوى الإطار التنسيقي”، عامر الفايز، وقال إن “القانون عراقي ويخص العراق، ونحن نستغرب ردود الفعل الأميركية بشأنه”، مبينا أن “العراق يسعى للحد من الظواهر التي نمت في المجتمع، ومنها ظاهرة البغاء وظاهرة التحرش في الدوائر والمؤسسات الحكومية وغير الحكومية”.
وبشأن ربط الاستثمار في العراق وتطوير المساحات الاقتصادية بالمثليين والبغاء، أشار عضو لجنة الاستثمار النيابية حسن السعبري، إلى أنه “لا يوجد ربط بين قضية الاستثمار في العراق والمثلية الجنسية التي لا يسمح بها الدين وخارجة عن الأعراف”، موضحا أن “أعضاء البرلمان يتجهون لجمع تواقيع لمخاطبة رئيس الوزراء من أجل مفاتحة حكومة الولايات المتحدة لتغيير السفيرة رومانسكي بسبب تدخلها السافر في الشأن العراقي”.
من جانبه، بين الباحث العراقي والمحلل عبدالله الركابي، أن “الأميركيين انزعجوا من قرار البرلمان العراقي بشأن مكافحة المثلية الجنسية والشذوذ والبغاء، بل أنهم ينظرون إلى بعض الممارسات الأمنية المحلية مثل إغلاق بيوت الدعارة في حي البتاوين ببغداد، تجاوزاً على مفاهيم حقوق الإنسان، مع العلم أن واشنطن أكبر الداعمين للكيان الإسرائيلي في حربه ضد أهل غزة”، معتبراً في حديثٍ مع “إيشان”، أن “ليس من حق واشنطن ربط التقدم الاقتصادي العراقي بالمثليين، كما ليس من حقها انتقاد أي قرار عراقي يخص العراق”.