اخر الاخبار

الأربعاء 9 تموز هو أقصر يوم في تاريخ البشرية.. لماذا؟

  حذر العلماء من أن اليوم الأربعاء، 9 تموز/يوليو، قد...

إعلامي سعودي وسياسي سوري يشاركان في “اللوبي الصهيوني” داخل الكنيست الإسرائيلي

  كشف موقع "كور" العبري، اليوم الأربعاء، عن مشاركة إعلامي...

إطلاق سراح 7 مهاجرين عراقيين في ليبيا وإعادتهم إلى أربيل

  أعلن سفير العراق لدى ليبيا أحمد الصحاف، اليوم الأربعاء،...

“الموساد” يبدأ دورات مكثفة لتعليم عناصره اللهجتين العراقية واليمنية.. ما الغاية؟

أفادت وسائل إعلام عبرية، اليوم الأربعاء، بأن جهاز الموساد...

ذات صلة

أربيل تسقط أمنياً.. اشتباكات عشائر الجبل تنسف “التبختر” باستقرار كردستان

شارك على مواقع التواصل

ليلة ساخنة في قضاء خبات، على بعد نحو 35 كيلومترًا من مركز مدينة أربيل، حيث دوّت أصوات الرصاص الثقيل، وسُجلت اشتباكات مسلحة بين عناصر من عشيرة الهركي وبين قوات أمن الإقليم، ما أسفر عن سقوط قتلى وجرحى من الطرفين، وسط صمت رسمي جزئي وغياب التفاصيل الدقيقة من السلطات الكردية حتى اللحظة.
هذا الاشتباك، وإن بدا ظاهريًا كحادث عشائري، إلا أنه في جوهره يحمل مؤشرات خطيرة على طبيعة الحكم في الإقليم، ويفضح الواقع المعقد للتحالفات العشائرية – الحزبية، والسياسات القديمة التي بُني عليها نظام السلطة بعد 2003.
من هم الهركي؟ ولماذا يُعتبرون جزءًا حساسًا في المعادلة السياسية؟
تُعد عشيرة الهركي من أبرز وأكبر العشائر الكردية في العراق، وتنقسم تقليديًا بين الحزبين الرئيسيين في الإقليم؛ ففرعها الذي يقوده جوهر آغا هركي يُعرف بقربه من الاتحاد الوطني الكردستاني ويقيم في السليمانية، فيما يتزعم محمود آغا هركي الطرف الآخر المرتبط بعلاقات وثيقة مع الحزب الديمقراطي الكردستاني ويقيم ضمن نطاق نفوذه في أربيل.
في هذا السياق، برز اسم خورشيد هركي – القيادي الميداني البارز ضمن الفصيل القريب من الحزب الديمقراطي – كطرف مباشر في النزاع الأخير. وتشير المعلومات إلى أن قواته اشتبكت مع الأجهزة الأمنية في قضاء خبات، بعد توتر تصاعد منذ أيام، وبلغ ذروته ليلة أمس.
الوساطة العائلية – الحزبية
محاولة لاحتواء الأزمة قادها منصور مسعود بارزاني، نجل زعيم الحزب الديمقراطي الكردستاني، الذي توجه شخصيًا إلى منزل خورشيد هركي. وبحسب ما أوردته وسائل إعلام محلية، فإن المبادرة المعروضة تتضمن اتفاقًا على تسليم خورشيد هركي نفسه طوعًا مقابل ضمان الإفراج عنه لاحقًا، بالإضافة إلى انسحاب القوات الأمنية من محيط المنطقة وتهدئة الوضع.
ووفق الصحفي الكردي المعارض، محمود ياسين كوردي، فإنه “حتى اللحظة، لم تُعلن النتائج بشكل رسمي، في ظل حالة ترقّب متوترة، وسقوط مزيد من الضحايا في الاشتباكات التي تواصلت حتى ساعات متأخرة من الليل”.
ما وراء الاشتباك؟
يرى مراقبون أن ما حدث لا يمكن اختزاله في مجرد خلاف عشائري. فالاشتباكات جاءت نتيجة تراكمات قديمة لنزاع بين عشيرتي الهركي والكوران، بدأ قبل أكثر من سبع سنوات حول أراضٍ ونفوذ في مناطق غرب أربيل.
إلا أن الأخطر من النزاع ذاته، هو أن الطرفين المتقاتلين ينتميان إلى الحزب الديمقراطي الكردستاني، ما يكشف عن حالة الفوضى الداخلية، وتعدد مراكز القرار والقوة داخل الحزب الواحد، وفق آراء كردية.
في هذا الإطار، يعلّق الصحفي والمعارض الكردي محمود ياسين كوردي على الحدث قائلًا: “الاشتباكات في خبات ليست ثورة، وليست مؤامرة خارجية، كما يحاول البعض تصويرها. هي انفجار داخلي نتيجة مباشرة لسياسة الترضية العشائرية التي اعتمدها الحزب الديمقراطي الكردستاني لسنوات طويلة، عبر تسليح العشائر ومنحهم مناصب رسمية ونفوذًا يتجاوز سلطة القانون”.
الإعلام والانقسام الطائفي
يشير محمود ياسين إلى أن الشارع العراقي، وخاصة المتلقي العربي، يُجرّ إلى خطابين متناقضين بشأن ما يحدث في أربيل:
١- الطائفيون: ينكرون أو يهوّنون من الحدث، ويزعمون أنه لا توجد اشتباكات أو اضطرابات، بينما يضخّمون أي حادث صغير في بغداد أو الجنوب”.
٢- الولائيون: يصورون ما يجري في خبات كـ”ثورة عشائرية ضد بارزاني”، وهي رواية لا تعكس الحقيقة، بل تستغل النزاع العشائري لتصفية حسابات سياسية.
وبين هذين الخطابين، تضيع الحقيقة الواقعية، وهي أن ما يحدث في خبات ليس إلّا نتاجًا لانهيار منظومة القانون مقابل تصاعد السلطة العشائرية المدعومة حزبيًا.
دروس قاسية في الحكم المحلي
ما يجري في أربيل يعكس أزمة أعمق بكثير من مجرد اشتباك مسلح. إنها أزمة حكم، تُعيد إلى الأذهان مشهد “الدولة داخل الدولة”، حين تتحول العشائر المسلحة إلى أطراف تفوق نفوذ الأجهزة الرسمية.
فالدماء التي سالت، والضحايا الذين سقطوا، جميعهم يدفعون ثمن خليط خطير من الولاءات العشائرية والسياسات الحزبية، حيث أصبحت الموالاة للحزب تمنح غطاءً لحمل السلاح، وإنشاء كيانات موازية للجيش والشرطة.. هذا ما يقوله الأكراد.
هل يتعلم الإقليم؟
بحسب المحللين الأمنيين، فإن “الاشتباكات في خبات لا يجب أن تُقابل بالتغطية المؤقتة أو التفاهمات العشائرية الشكلية. بل تفرض على حكومة الإقليم إعادة النظر جذريًا في بنيتها الأمنية، وسياستها في توزيع النفوذ على أساس عشائري”.
وفي النهاية، تبقى الحقيقة الأهم: كلما ارتفع صوت السلاح داخل البيت الكردي، خفت صوت الاستقرار والثقة في المشروع الكردي ذاته.