اخر الاخبار

لبنان تدخل تعديلاتها على مقترح وقف إطلاق النار.. هذه شروطنا للموافقة

كشف مسؤول لبناني كبير، اليوم الخميس، أن بلاده تسعى...

عبر كابلات الشحن.. طريقة مبتكرة لسرقة معلوماتك وبياناتك

خرجت تقارير صحفية خلال الأيام الماضية لتكشف عن كابل...

“قرار تاريخي”.. العراق يدعو العالم للقبض على نتنياهو وتسليمه للجنائية الدولية

أصدرت الحكومة العراقية، بياناً بشأن إصدار مذكرة اعتقال بحق...

العراق يطلب من الجامعة العربية عقد جلسة طارئة لمواجهة “تهديدات الكيان”

قدمت الحكومة العراقية، اليوم الخميس، طلباً لعقد جلسة لمجلس...

الاتحاد الأوروبي “يدعم” اعتقال نتنياهو: قرارات الجنائية ملزمة

اعتبر الممثل الأعلى للاتحاد الأوروبي للشؤون الخارجية والأمنية جوزيب...

ذات صلة

“إيشان” تتقصى خلايا الموساد.. من العراق حتى تركيا وإيران: المنطقة تنام على “بركان الجواسيس”

شارك على مواقع التواصل

بينما تهبط صواريخ الحرس الثوري الباليستية، على مواقع في أربيل وسط إقليم كردستان، وبينما يشتد وطيس المواجهة العسكرية “غير المباشرة” بين فصائل المقاومة الإسلامية في العراق ولبنان وسوريا واليمن، ضد التحالف الأمريكي – البريطاني، والسفن البحرية وسط أمواج البحر الأحمر، يواصل الموساد الإسرائيلي توسيع عملياته في المنطقة، الأمر الذي يعني أن النار بدأت تقترب لفتيل الحرب الشاملة. 

الموساد بمواجهة باليستي الثورة 

في منتصف أيلول الماضي، وفي خطاب غير معهود، هدد رئيس الموساد دافيد بريناع بأن إسرائيل ستنتقل لمرحلة “استهداف العمق الإيراني” ، وهكذا فتح على الشرق الأوسط باباً لن تغلقه إلا “الحرب الشاملة” ، لما اتضح بعد ذلك من أحداث رافقتنا حتى أيامنا هذه، في تداعيات باتت فيها المواجهة المباشرة بين تل أبيب وطهران على المحك.  

وتعرضت إيران لسلسلة هجمات إرهابية، أودت بحياة العشرات من المدنيين والعسكريين، كان آخرها التفجير الإنتحاري الذي ضرب مدينة كرمان قرب قبر الجنرال قاسم سليماني، والذي أودى بحياة العشرات، لتقول بعد ذلك السلطات الإيرانية، أنها القت القبض على الشبكة المنفذة وأنهم على صلة بالموساد الإسرائيلي، لتشهد المنطقة على إثر ذلك تصعيداً أمنياً خطيراً، من البحر الأحمر حتى الخليج العربي. 

وقبل وبعد تفجير كرمان، خسرت إيران قيادات عسكرية مهمة مرتبطة بالحرس الثوري الإيراني، بضربات أمريكية وإسرائيلية، خصوصاً في سوريا، في عمليات تبنتها إسرائيل علناً، فيما توعدت إيران بالرد. 

ولم تنتظر إيران وقتاً طويلاً للرد على هجوم كرمان، وما تتعرض له من محاولات لبتر مخالبها في الشرق الأوسط، فقد قصف الحرس الثوري الإيراني ما سماها “مراكز تجسس وتجمعات لجماعات إرهابية مناهضة لإيران وفي العراق وسوريا وباكستان”.

واستخدمت إيران لتنفيذ هجماتها صواريخ باليستية من طرازي خيبر شكن وفاتح 110 لتنهال بالتزامن تقريبا على أهدافها، رغم اختلاف مسافاتها من الأراضي الإيراني.

وفي مؤتمر دافوس الأخير بسويسرا، أعلن وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبد اللهيان لكل دول العالم، أن طهران قدمت معلومات مخابراتية للعراق بشأن أنشطة جهاز المخابرات الإسرائيلي (الموساد) في إقليم كردستان، ليعلن بطريقة غير مباشرة عن بدء المواجهة الشاملة مع الموساد الإسرائيلي، فيما تواجه بالمقابل إسرائيل الحرس الثوري الإيراني، لتكون بذلك “ حرب الجهاز الأول إيرانياً مقابل الجهاز الأول إسرائيلياً” . 

وبحسب خبراء، فإن في اختيار 3 نقاط لعملية الحرس الثوري رسائل متفاوتة لأكثر من جهة، بدءا من جنوبها حيث تطال الصواريخ الإيرانية مسافات شاسعة من المياه الإقليمية والدولية، ثم كرمنشاه القريبة جدا من العديد من القواعد الأجنبية في المنطقة، وصولا إلى شمال غربي البلاد حيث منطقة القوقاز، والتي تراقب طهران فيها أي تحرك أمني أجنبي قرب حدودها.

وفي حزيران 2021، حذر وزير الاستخبارات الإيراني السابق علي يونسي من أن تغلغل الاستخبارات الإسرائيلية في إيران وصل إلى حد بات على جميع المسؤولين الإيرانيين القلق على حياتهم.

وأضاف الوزير الذي تولى وزارة الاستخبارات في حكومة الرئيس محمد خاتمي (1998-2005) أنه “ بعد فترة وزارتي، وبسبب منافسة أجهزة الاستخبارات، فإن الأعمال الموازية التي تتم في وزارة الاستخبارات والتنظيمات الجديدة التي تم إنشاؤها مقابل وزارة الاستخبارات، أضعفت هذه الوزارة” ، متابعاً أن “ إهمال الموساد جعله يتسلل ويضرب ضربته بهذا الشكل، إذ إنه يهدد صراحة مسؤولي النظام الإيراني” .

لكن ذلك التحذير من أحد المسؤولين الإيرانيين عن تغلغل “ الموساد”  لم يكن الأول من نوعه، وكان أول من أشار إلى هذا الموضوع القائد السابق لهيئة الأركان المشتركة لـ” الحرس الثوري”  حسين علائي ومن ثم تكررت هذه التحذيرات على لسان قائد “ الحرس”  السابق محسن رضائي والرئيس الإيراني السابق محمود أحمدي نجاد.

ووفقاً لموقع “ إيران وير”  حينها فإن هذا “ يشير إلى تغلغل إسرائيل الواسع في فيلق ’حماية الأنصار‘ المسؤول عن حماية المسؤولين الإيرانيين. في مراحل مختلفة، هرب عدد من الحراس الشخصيين لمسؤولي إيران إلى الولايات المتحدة، وربما نجحت أميركا وإسرائيل في إنشاء شبكة داخل فيلق ’حماية الأنصار‘“ .

بدوره كان الرئيس الإيراني السابق أحمدي نجاد أعلن خلال مقابلة صحافية أن “مسؤول مكافحة التجسس في استخبارات إيران تبين أنه كان نفسه جاسوساً لإسرائيل” ، وأكد في ذلك الوقت وجود اختراق أمني واسع ومنظم داخل وزارة الاستخبارات والمؤسسات العاملة في المجال النووي والصاروخي، مشيراً إلى حادثة لم تعلن طهران عنها سابقاً.

وأوضح نجاد أن وثائق لوكالة الفضاء الإيرانية كانت في خزانة مكتب رئيسها وأن عملاء “ الموساد”  الإسرائيلي “ ثقبوا السقف ودخلوا وفتحوا الخزانة وأخذوا جميع الوثائق، وبعد ذلك تكتمت الجهات الأمنية عن هذا الاختراق والسرقة لأهم الوثائق النووية في البلاد” .

ونادراً ما تعلق إسرائيل على أنشطة “ الموساد” ، لكن شبكة “ بي بي سي”  نقلت عن الجنرال المتقاعد في الجيش الإسرائيلي والمسؤول السابق في وزارة الدفاع عاموس جلعاد في فبراير (شباط) 2022 قوله إن مرد ذلك لسبب وجيه، “ أنا ضد أية دعاية. فإذا كنت تريد إطلاق النار، أطلق النار من دون أن تتحدث في الأمر. سمعة الموساد تعتمد على القيام بعمليات رائعة يزعم أنها سرية من دون أية دعاية” .

في الـ27 من نوفمبر (تشرين الثاني) 2020، اغتيل العالم النووي الإيراني محسن فخري زادة بمقاطعة دماوند شرق طهران، ومنذ اللحظة الأولى ظهر الارتباك جلياً داخل المؤسسات الأمنية والإعلامية الإيرانية في شأن العملية وبدأ تقاذف المسؤوليات حول التقصير في حماية “ أبو القنبلة النووية الإيرانية”  كما يلقب العالم فخري زادة.

وواجهت عملية الاغتيال التي حدثت على الأراضي الإيرانية موجة من الغضب الشعبي الداخلي، وطافت احتجاجات غاضبة شوارع طهران، منددة بالحادثة ومطالبة بـ” الرد السريع” ، ولام كثير من الإيرانيين سلطاتهم الأمنية، وقال بعض المغردين “ في وقت تنشغل أجهزة الاستخبارات والجهاز الأمني بقمع الطلبة والناشطات النسويات والصحافيين وأصحاب الفكر المختلف، يغتال في وضح النهار علماء نوويون في الشارع” .

وكان رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو عرض خلال مؤتمر صحافي في مايو (أيار) 2018 وثائق تمكن جهاز الاستخبارات الإسرائيلية من الوصول إليها في إيران وجلبها إلى إسرائيل، وذكر وقتها تفاصيل مهمة حول البرنامج النووي الإيراني، وقال “ تذكروا هذا الاسم. فخري زادة” .

وبحسب المعطيات الإسرائيلية ترأس فخري زادة مطلع الألفية الجديدة مشروع البرنامج النووي العسكري لبلاده تحت اسم “ الأمل” ، وفي مقالة بعنوان “ ملف فخري زادة”  نشرت في الرابع من ديسمبر (كانون الأول) 2020، ذكر محلل الشؤون الاستخباراتية في صحيفة “ يديعوت أحرونوت”  رونن برغمان أن “ الموساد”  حصل خلال عمليته عام 2018 على أكثر من 55 ألف صفحة من الوثائق السرية في طهران. ولفت إلى أن عملاء “ الموساد”  فتحوا عن طريق أجهزة خاصة خزائن عدة مغلقة بإحكام شديد في مكان محصن لا يمكن الوصول إليه وإلى الوثائق من دون مساعدة أشخاص من داخل المكان نفسه، مؤكداً أن الاستخبارات الإسرائيلية تابعت منذ عام 1993 نشاطات عالم الفيزياء النووية الإيراني، وكان البرنامج النووي حينها يخطو أولى خطواته.

أما صحيفة “ ذا تايمز”  البريطانية، وضمن تحليل نشر في ذلك الوقت، فاعتبرت أن عملية “ الموساد”  في قلب طهران كانت بمثابة “ فضيحة لأجهزة الأمن الإيرانية” ، لا سيما بالنسبة إلى جهاز استخبارات الحرس الثوري المسؤول عن الجزء العسكري من البرنامج النووي الإيراني والذي يوظف لهذا البرنامج أشخاصاً من دوائره الضيقة.

و اغتيل أربعة من العلماء النوويين الإيرانيين، هم مسعود محمدي ومجيد شهرياري وداريوش رضائي نجاد ومصطفى أحمدي روشن خلال عامي 2010-2012 داخل طهران باستخدام القنابل المغناطيسية في اغتيال ثلاثة منهم، وأطلق الرصاص على الرابع أمام منزله. واتهمت السلطات الإيرانية كلاً من إسرائيل والولايات المتحدة بالوقوف وراء هذه العمليات. ورفضت إسرائيل التعليق على الاتهامات، ولكن وزير الدفاع الإسرائيلي السابق موشيه يعلون كان أعلن أن “ إسرائيل لا يمكن أن تقبل تحت أي ظرف من الظروف أن تمتلك إيران سلاحاً نووياً، نحن نفضل أن يتم ذلك عن طريق اتفاق أو عقوبات، لكن في نهاية المطاف إسرائيل ستدافع عن نفسها أمام أي خطر” . 

وفي العام 2022، نشر موقع “نور نيوز” الإيراني المقرب من المجلس القومي الإيراني، وفقاً لما أطلق عليه “الأخبار الواردة” إليه، عن “ اعتقال عناصر هذه الشبكة المعقدة بعد زراعة متفجرات شديدة الانفجاروقبيل سويعات من تنفيذ المرحلة الأخيرة من عمليتهم”.

وبحسب الموقع، فإن المستهدف من هذا التفجير، الذي وصف بـ”الخطير”، كان أحد المراكز الحساسة الإيرانية في محافظة أصفهان.

وتقع محافظة أصفهان في وسط إيران، وتضم منشآت عسكرية ونووية تعرضت مرارا وتكرارا لهجمات سايبيرية وتفجيرات وأشهرها منشأة نطنز النووية.

وذكر موقع نور نيوز أن “عناصر هذه الشبكة دخلوا إيران عبر إقليم كردستان العراق قبل أشهر بتوجيه من الموساد هناك، وبعد تحديد أحد المراكز الحساسة في البلاد في محافظة أصفهان، خططوا لتفجيره”.

وحسب تقرير نور نيوز، تدربت “العناصر التنفيذية لهذه الشبكة منذ شهور في دولة إفريقية لتنفيذ هذه العملية، وقامت عدة مرات بمحاكاة العملية هناك”، ولم تكشف عن اسم الدولة الإفريقية المزعومة.

وما يثير الانتباه أن الكشف عن هذه “الخلية التخريبية التابعة للموساد” جاء بعيد تأكيد وسائل الإعلام الرسمية الإيرانية، أن الموساد الإسرائيلي تمكن من استجواب عضو في الفرع اللوجستي للحرس الثوري الإيراني، يد الله خدمتي، وذلك على الأراضي الإيرانية، الأمر الذي كشف المزيد من الثغرات الأمنية والاستخباراتية في الأجهزة الأمنية الإيرانية والتي تستغلها إسرائيل بين الحين والآخر.

وبما أن قناة “إيران إنترناشيونال” حصلت حصرياً على فيديو استجواب الضابط في الحرس الثوري، يد الله خدمتي، حاول موقع نور نيوز ربط بث هذا الفيديو باعتقال أعضاء الخلية وكتب: “بعد الإعلان عن تدمير شبكة تجسس وتخريب محترفة تابعة للموساد في إيران، أصبح من الواضح أن الهدف من وراء بث التقرير الإخباري المتسرع وغير الاحترافي تماما بواسطة شبكة إنترناشيونال (إيران انترناشيونال) قبل بضعة أيام، كان الإيحاء بسيطرة الموساد للحفاظ على سمعة الكيان

التغول الإسرائيلي في تركيا

وخلال السنوات القليلة الماضية، توسع عمل خلايا الموساد الإسرائلي في تركيا، بشكل غير مسبوق، وهو ما اعتبره خبراء بأنه “تهديد كبير” لإيران المجاورة لتركيا، وايقاع لحكومة أردوغان بمصيدة إسرائيل التي تحاول منع تركيا من أن تكون درعاً حامياً لقيادات حماس والجماعات المسلحة التي تعمل ضدها داخل وخارج فلسطين، كما أنها تريد تحول تركيا إلى “خنجر” بخاصرة إيران، الأمر الذي يخشى التراك تفاقمه، وهو ما يعني، توسع إسرائيل وأمريكا في العمق التركي. 

وفي عملية نوعية نفذتها المخابرات التركية بداية كانون الثاني، وأطلقت عليها اسم «عملية الخلد – المقبرة»، وأيضاً اسم (مدينة الموتى)، ألقي القبض على 34 متهماً بالعمالة للموساد، من بين 46 شملتهم مذكرة توقيف صادرة من مكتب المدعي العام في إسطنبول وتشمل 8 ولايات تركية، في ما عُدّ رداً مباشراً على التهديدات الإسرائيلية باستهداف قيادات “ حماس”  في عدد من دول المنطقة، بينها تركيا، علماً بأن المخابرات التركية وجّهت في الأشهر الأخيرة ضربات متلاحقة إلى أنشطة الموساد الإسرائيلي التي تستهدف على وجه الخصوص ناشطين فلسطينيين وعائلاتهم من المقيمين على أراضيها.

وفي معلومات جديدة عن “ عملية الخلد”  التي لا تزال مستمرة لضبط 12 آخرين من خلايا الموساد، كشفت مصادر أمنية، عن أن ضباط الموساد أعطوا العملاء في تركيا أسماء هؤلاء الناشطين، وأنهم تابعوهم بالفعل والتقطوا صوراً لبعضهم شاركوها، إلى جانب المعلومات الخاصة بهم مع عناصر الجهاز الإسرائيلي.

وأضافت المصادر، أن الموساد جنّد أيضاً هؤلاء لاستخدامهم في أعمال ضد الفلسطينيين وعائلاتهم في تركيا، عبر نشر إعلانات الوظائف أو الروابط التي لا تحتوي على معلومات مفصلة على مواقع التواصل الاجتماعي أو مجموعات الدردشة؛ حتى يتمكن الأشخاص المناسبون من الاتصال بها.

ثم يتم منح الأشخاص الذين استجابوا لهذه الإعلانات والروابط، وظائف مختلفة ويتم إعدادهم للمهمة النهائية. وبعد الاتصال الأول، يحافظ الموساد على تواصله معهم كتابياً فقط عبر تطبيقي «تلغرام» و«واتساب».

ويستخدم الموساد وسطاء وسعاة مباشرين لتسديد المدفوعات لعملائه ويعتمد إخفاء أثر الأموال باستخدام أنظمة العملة المشفرة. كما يتم الدفع بالتسليم باليد أحياناً للعناصر التي يلتقيها الموساد في الخارج، فضلاً عن تسليمهم أنظمة اتصالات مشفرة.

وبحسب المصادر نفسها، فقد وضع الموساد خطة عمل دقيقة خطوة بخطوة لهؤلاء العناصر، مثل جمع المعلومات والبحث والتصوير الفوتوغرافي أو بالفيديو للأهداف والتتبع ووضع أجهزة تحديد مواقع على المركبات المستهدفة والاعتداء بالإصابة والسرقة والحرق العمد والتهديد والابتزاز وإدارة موقع على شبكة الإنترنت ينشر أخباراً كاذبة ومضللة.

وإلى جانب ذلك، تم تكليف هذه العناصر بأنشطة إلكترونية، مثل اكتشاف الكاميرات واختراقها أو التسلل إليها في المناطق المستهدفة، وإنشاء قاعدة بيانات للأفراد الأجانب في تركيا.

وذكرت المصادر، أنه بعد العمليات التكتيكية يتم الاستعداد لمراحل مهمة من الإجراءات المحتملة، مثل تهريب الأشخاص والبضائع من حدود إيران والعراق إلى تركيا، والعثور على قراصنة الكومبيوتر، وتوفير منازل آمنة، وترتيب سيارة إسعاف، وتم أيضاً تضمين الشركة التي سيتم استخدامها في تنفيذ هذه الإجراءات.

وأشارت المصادر إلى أنه تم وضع هؤلاء العناصر تحت المراقبة الجسدية والتعقب الفيزيائي لمدة شهرين، وتم القبض على 34 منهم في 15 حياً في إسطنبول، إلى جانب ولايات أنقرة، وكوجا إيلي، وهطاي، ومرسين، وإزمير، ووان وديار بكر، حيث تمت مداهمة 57 عنواناً.

ورأى الكاتب في صحيفة «حرييت»، نديم شنر، أن هذه العملية رد قيّم على تهديدات رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو لتركيا، وعلى الموساد الذي هدّد بتنفيذ اغتيالات لقادة «حماس» فيها.

وتعدّ «عملية الخلد»، ضربة جديدة من جانب المخابرات التركية التي أعلنت في 3 يوليو (تموز) الماضي عن إحباط مخطط أوسع شمل تحركات لعناصر الموساد في تركيا، وسوريا، وجنوب لبنان ودول أخرى في منطقة الشرق الأوسط، حيث ضبطت 7 عملاء للموساد، ضمن شبكة مكونة من 56 عميلاً، وموزعين على 9 خلايا تدار عملياتها من تل أبيب.

وكان نشاط الشبكة يستهدف مواطنين أجانب في تركيا، كما أنها تعمل على نطاقين إقليمي ودولي وتستخدم اللغة العربية بشكل مكثف.

ووزّعت المخابرات وأجهزة الأمن التركية صور العملاء السبعة الموقوفين، في يوليو الماضي، وهم: التركيان أحمد كوراي أوزجورغون وألب أران إركوت، إضافةً إلى خالد النبهان، وغزوان عموري، ونزار سعد الدين، ومحمد موري، وخالد نجم، ولم يكشف عن جنسياتهم.

تدريب وتسليح وتمويل 

وبحسب المعلومات التي نشرتها وسائل الإعلام التركية نقلاً عن وثائق المخابرات، أنشأت هذه الخلية مواقع وهمية باللغة العربية بهدف جمع معلومات عن السير الذاتية للأشخاص، واستخدمت أرقام هواتف نقالة مزيَّفة من دول أوروبية وشرق آسيوية، مثل إسبانيا، وإنجلترا، وألمانيا، والسويد، وماليزيا، وإندونيسيا وبلجيكا، ووضعت على واجهة المواقع الوهمية إعلانات للعمل، لجذب الراغبين في التوظيف أو الاستفسارات، ومن ثم جمع معلومات استخبارية عنهم.

وتبين أن الموساد أرسل عناصره من ذوي الأصول العربية في إسطنبول، إلى لبنان وسوريا على وجه الخصوص، لجمع المعلومات الاستخبارية وتحديد المواقع التي يمكن أن تضربها المسيّرات الإسرائيلية.

وبحسب المصادر، تمكن عملاء الموساد من تحديد الإحداثيات الدقيقة لمبنى تابع لـ«حزب الله» في حارة حريك في الضاحية الجنوبية لبيروت، فضلاً عن هويات شخصيات عسكرية وسياسية رفيعة المستوى في الجماعة تقطن في الطابق الثالث من المبنى.

كما تابع العملاء أهدافاً معينة، لمراقبة وتصوير اجتماعات فردية، وهي عملية أشرف عليها إسرائيلي من أصل عربي يدعى سليمان إغباريه.

وتوصلت المخابرات التركية إلى أن الخلية استخدمت الكثير من المواقع المزيفة بلغات متعددة، وعلى رأسها العربية، للحصول على مواقع تقنية وعناوين «آي بي» حقيقية.

وبحسب الوثائق التي نشرتها وسائل الإعلام التركية، استخدم أحد قادة المجموعة، واسمه الرمزي شيرين عليان، لم تتمكن المخابرات التركية من تحديد هويته الحقيقية، خط هاتف ألمانياً لتوجيه الفلسطيني خالد نجم لإنشاء منصات إخبارية مزيفة.

وتضمنت هذه المواقع مقالات محددة بدقة، لجذب الأهداف الذين ينقرون بعد ذلك على روابط الفيروسات؛ ما يمكّن شبكة التجسس من التسلل إلى هواتفهم.

وبحسب المخابرات التركية، تلقت خلية إسطنبول تدريباً عبر الإنترنت ودعماً تقنياً عن بُعد من بريانشي باتيل كولهاري (24 عاماً)، صاحب شركة برامج التجسس سايبرنت إنتليجنس إنترناشيونال برايفت المحدودة»، ومقرها تل أبيب.

وبحسب الوثائق أيضاً، حدّد كولهاري، الذي كان على اتصال دائم بعناصر الموساد، كيفية التسلل إلى الهواتف المستهدفة وأي المقالات الإخبارية سيتم نشرها حتى تجذب الهدف بالنقر عليها.

وقدم قائد آخر في الشبكة، يُدعى عبد الله قاسم، لا تزال هويته الحقيقية أيضاً غير معروفة؛ لأنه يقيم حالياً في إسرائيل، نفسه على أنه عربي أردني يعيش في السويد. وأمر عن بُعد رجلاً يُدعى زيد سعد الدين، بالتقاط الصور وتحليل المستوى الأمني بشكل استراتيجي لمبنى مهم في العاصمة السورية دمشق.

وأفادت معلومات المخابرات التركية، بأن الموساد أرسل عشرات الجواسيس، وبينهم رعايا أتراك، بعد اجتياز 5 مراحل من الاختبارات، في رحلات سياحية سرّية من محطات عدة بينها صربيا وبانكوك، عاصمة تايلاند، حيث لا يحتاج الأتراك إلى تأشيرة دخول. وعند وصولهم إلى بانكوك، ينقلون إلى مركز للتدريب ثم يعاد توزيعهم بحسب المهام الموكلة لهم وبينها تعقب رعايا ورجال أعمال عرب بينهم سوريون ومصريون في إسطنبول وبعض المدن والبلدان الأخرى.

وفي مقال له، يقول الكاتب التركي كمال أوزتورك، إنه ومنذ بدء حرب غزة، صُدم الرأي العام كانون الأول بإعلانَين مهمّين؛ حيث قالت صحيفة “ وول ستريت جورنال الأميركية” : إنّ إسرائيل تخطط لاغتيالات ضد أعضاء حماس الذين يعيشون خارج فلسطين.

وعلاوةً على ذلك؛ صرّح رونين بار، مدير الشاباك – في تسجيل تم بثه في تلفزيون إسرائيل الحكومي “ كان” – بأنّ “ إسرائيل مصممة على قتل قادة حماس في جميع أنحاء العالم، بما في ذلك قطر، وتركيا، ولبنان، حتى لو استغرق ذلك سنوات” .

وبعد هذه التصريحات، تعرض أحد قادة حماس، وهو صالح العاروري، لاغتيال في بيروت وقتل. وكانت المخابرات الوطنية التركية (MİT) مستاءةً جدًا من إعلانات الموساد والشاباك، وأعربت عن هذا الاستياء للاستخبارات الإسرائيلية، وأبلغت بأنه “ إذا حدثت أي أفعال، فستكون عواقبها وخيمة عليهم” ، وقال الرئيس التركي أردوغان في خطاب عام: “ إذا تجرؤوا على ارتكاب مثل هذا الخطأ، فسيدفعون ثمنًا باهظًا جدًا” .

وبحسب أزتورك فقد وركّزت المخابرات الوطنية التركية (MİT) بشكل أكبر على الخلايا التي كانت تتابعها في الميدان بعد تصريحات إسرائيل كانون الأول، ورصدت اثنتَين من هذه الخلايا التابعة لتنظيم الدولة وتحركهما، وأنهما تستعدان للقيام بعمليات في نهاية كانون الأول، وتم الإبلاغ عن القبض على عبدالله الجندي، المسؤول عن “ لواء الصدق”  التابع لتنظيم الدولة، في عمليات في حلب.

وتمّ الكشف عن أن الجندي كان يخطط لمهاجمة قواعد عسكرية تركية، وتم أيضًا القبض على 32 شخصًا من أعضاء تنظيم الدولة في تركيا، وتم تسجيل أنّ هؤلاء الأشخاص كانوا سيشنّون هجمات على كُنُس اليهود والكنائس، وسفارة العراق في تركيا. ولو لم يتم القبض على هؤلاء الأشخاص؛ لكانت حدثت انفجارات كبيرة في بداية العام، مثل تلك التي حدثت في كرمان في إيران، وبغداد في العراق.

ورصدت المخابرات الوطنية التركية (MİT) تحركَ خلايا نائمة تعمل لصالح الموساد في 8 مدن تركية ونفذت عمليات ضدها؛ حيث تم اعتقال 34 شخصًا من جنسيات مختلفة، ومن بين هؤلاء الأشخاص الذين أُحيلوا إلى المحكمة، تمّ اعتقال 15 شخصًا، وتمّ ترحيل 8، وتم الإفراج عن 11 بشروط.

وتابعتُ هذه التطورات من كثب وتحدثتُ مع العديد من المسؤولين الأمنيين، فإذا كانت الخلايا النائمة لإسرائيل في تركيا تتحرك، فهذا يعني أن الخلايا في الدول الأخرى تستيقظ أيضًا، ومن المتوقع أن تحدث اغتيالات مماثلة في دول أخرى كما قُتل العاروري في لبنان.

وعندما بحثتُ في موضوع الأشخاص الذين تمّ القبض عليهم بتهمة التجسس لإسرائيل، ظهرت نتائج مثيرة للاهتمام؛ حيث كانت المخابرات التركية ركّزت على طرق وأساليب عمل الموساد لفترة طويلة وأشارت إلى أنها قد فككتها. لهذا لا يمكن للموساد القيام بأي أعمال في تركيا.

ويرى الكاتب التركي أنّ “ غالبية الأشخاص المقبوض عليهم كانوا من الجنسيات الأجنبية، وقامت إسرائيل بالتواصل مع هؤلاء الأشخاص عبر الشبكات الاجتماعية، ومواقع الوظائف، والإنترنت، وأغلب هؤلاء الأشخاص كانوا نزلاء في فنادق، وضيوفًا في مطاعم فاخرة في الخارج، وتم التسلل بهم إلى تركيا عبر الحدود مع سوريا والعراق سرًا” .

“وتم اختيار هذه الطريقة لتجنب الوقوع في شبكات الأمن التركية، كما تم تحديد أن هؤلاء الأشخاص كانوا يقومون بجمع معلومات ميدانية والحصول على بيانات ومراقبة وجمع مرئيات، وهو ما يُعرف بأنه مرحلة سابقة للأعمال الجادة” ، بحسب الكاتب ذاته. 

وتسبب ظهور أشخاص يرتدون عمائم ولديهم لحى ويبدون كمتدينين بين المعتقلين في حالة كبيرة من الدهشة في تركيا؛ حيث كشفت الاستجوابات أن بعضهم لم يكن يعلم بأنه يعمل لصالح إسرائيل، لكن جميعهم كانوا يعملون مقابل المال.

وتشعر إسرائيل بالقلق الكبير من الدعم المقدم لفلسطين عالميًا، وقد تحاول كسره بإيقاظ خلاياها النائمة مثل تلك التي في تركيا، للقيام بأعمال واستفزازات من ناحية أخرى، كما أن الظهور المفاجئ لتنظيم الدولة- بعد فترة من السكون وتنظيم هجمات بالقنابل في إيران والعراق والتحضير لعمليات في تركيا – لافتٌ للنظر للغاية، فلا ننسى أنّ هذا التنظيم هو الأكثر تعرضًا للتغلغل من طرف أجهزة استخبارات أجنبية.

بعد أكثرَ من شهر على إحباط جهاز الاستخبارات التركية، محاولةَ الموساد الإسرائيلي، اختطافَ مهندس فلسطيني، ساهم في اختراق منظومة “القبّة الحديدية” عامَي 2015 و2016، تعود أنقرة لتعلن اعتقال أكثر من أربعين شخصًا، نجحت الاستخبارات الإسرائيلية في تجنيدهم؛ من أجل القيام بالتجسس والتعقب وخطف ناشطين فلسطينيين مقيمين في تركيا وعائلاتهم. في ضربة هي الكُبرى منذ البدء في إعادة تطبيع العلاقات بين الدولتَين نهاية عام 2022.

الإعلان عن اعتقال أفراد الشبكة والنجاح في تفكيكها حمل في طيه رسائل تركية في توقيت مهم، لكن قبل التعرض لها دعونا نستعرض تقرير المخابرات الصادر بشأن الشبكة، والذي ألقى الضوء على كيفية عملها.

أثناء تواصل العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، وبعد أقل من شهر من تهديد مدير جهاز الاستخبارات الإسرائيلية “الشاباك”، رونين بار، باستهداف قيادات حماس في كل مكان بما في ذلك تركيا، شنّت الاستخبارات التركية “MIT “ – بالتنسيق مع رئاسة الاستخبارات بالشرطة – عمليات متزامنة في 8 ولايات، في مقدمتها إسطنبول؛ لاعتقال أفراد يعملون لصالح الموساد.

تقرير المخابرات الذي نشرته وسائل الإعلام التركية، تضمن معلومات مهمة عن كيفية تجنيد أعضاء الشبكة، الذين ينتمون إلى جنسيات غير تركية (لم يتم الإفصاح عنهم حتى الآن)، وإرسال الأموال إليهم والاجتماع الدوري بهم، على النحو التالي:

يقول التقرير: إنَّ الموساد جنّد هؤلاء الأشخاص، عن طريق نشر إعلانات توظيف على مواقع التواصل أو مجموعات الدردشة المختلفة، أو وضع روابط معينة، ثم يتم التواصل مع الأشخاص الذين يستجيبون لتلك الإعلانات، ما يفتح الباب أمام الموساد للتواصل معهم عقب إتمام تجنيدهم عبر تطبيقَي تليغرام، وواتساب.

ثم يكون لزامًا على هؤلاء العملاء تجنيد آخرين بعد ذلك؛ لجمع المعلومات المطلوبة عن الفلسطينيين المقيمين في تركيا وعائلاتهم.

يشير التقرير إلى أن الموساد كان يرسل الأموال إلى أعضاء الشبكة باستخدام إحدى الطرق التالية:

إما عن طريق التسليم باليد خارج تركيا، وفي حال كان المبلغ المدفوع كبيرًا، فإن الموساد كان يوفر حقائب ذات أماكن سرية لمنع اكتشاف الأموال أثناء الفحص باستخدام الأشعة، أو يتم تسليم الأموال عن طريق وسطاء، أو باستخدام العملات المشفرة؛ للحيلولة بين الأمن التركي، وبين كشف الشبكة.

يؤكد التقرير أن الموساد كان يجتمع مع عملائه، خارج تركيا؛ لتجنب رصدهم من قبل الأجهزة الأمنية التركية، حيث يتم استقبال عملاء الشبكة في فنادق ذات مستوى عالٍ، ودعوتهم إلى مطاعم فاخرة، وجدولة كل هذه التحركات ضمن برامج ورحلات سياحية خاصة.

وفي تلك الرحلات كان العملاء يخضعون لاختبار كشف الكذب، ثم يقوم خبراء الموساد بتدريبهم على الاتصال السري، من خلال تسليمهم أنظمة اتصال سرية، كما تشمل التدريبات أمن التواصل والتشفير.

كذلك يشير التقرير إلى أن أبرز مهام هؤلاء المجنَّدين القيام بأعمال التصوير بالفيديو والفوتوغراف، وتركيب أجهزة “جي بي إس” في سيارات الأهداف، والاعتداء على الأهداف وابتزازهم، بالإضافة إلى أعمال الدعاية المضللة، ونشر أخبار كاذبة على الشبكة العنكبوتية، وإنشاء قواعد بيانات للأجانب المقيمين في تركيا حتى من خارج الجالية الفلسطينية.

إضافة إلى مهام من نوعية أخرى، مثل: تهريب الأشخاص والبضائع عبر الحدود بين إيران والعراق إلى تركيا، وتوفير منازل آمنة داخل تركيا، وتجهيز سيارات إسعاف لاستخدامها وقت الحاجة.

ونشْرت الاستخبارات التركية تقريرها عقب اعتقال أفراد الشبكة، يؤكد أن هؤلاء العملاء كانوا تحت السيطرة والمتابعة من فترة ليست بالقصيرة، لكن يبدو أن التهديدات الإسرائيلية باستهداف قادة حماس في الخارج، عجّلت بكشف الشبكة أمام الرأي العام.

فتركيا أرادت إرسال رسالة عملية إلى الجانب الإسرائيلي، بالابتعاد عن تصفية الحسابات على أراضيها، وهذا ما أكده مسؤول استخباراتي تركي كبير لموقع “ميدل إيست آي”، حيث قالَ: “تماشيًا مع تحذيرنا السابق من أن أي محاولة للعمل بشكل غير قانوني في تركيا ستكون لها عواقب وخيمة، فإننا نشجع بشدّة جميع الأطراف المعنية على عدم الانخراط في أنشطة مُماثلة في المستقبل.”

كذلك تريد تركيا تذكير إسرائيل أن إبرام أي اتفاقيات أمنية وعسكرية بين الجانبَين، لا يعني السماح باستهداف أيّ من المقيمين على أراضيها، وخاصة الفلسطينيين.

ففي الاتفاقيات المبرمة بين الجانبَين أواخر عام 2022، في إطار التمهيد لتطبيع العلاقات مجددًا، كانت هناك مذكِّرة أمنية تسمح لجهاز “الشاباك” الإسرائيلي بممارسة أنشطة؛ لضمان حماية السفارة والقنصلية الإسرائيليتَين، كما أشارت المذكرة إلى زيادة التعاون في مجالات مكافحة الإرهاب ومكافحة التجسس.

لكن في مقابل ذلك تعهد الموساد بعدم تنفيذ أي اغتيالات ضد الفلسطينيين على الأراضي التركية.

لكن الأنشطة الاستخباراتية الإسرائيلية، كانت تشير إلى عكس ذلك، ففي ديسمبر الماضي، أعلن المدعي العام في إسطنبول، لائحة اتهام ضد 17 شخصًا بتهمة العمل لصالح الموساد الإسرائيلي، حيث ذكر تقرير المخابرات التركية بشأن القضية أن المتهمين خططوا “لارتكاب جرائم مثل القتل والاختطاف والتهديد والابتزاز في تركيا باستخدام البيانات السرية التي حصلوا عليها من المؤسسات العامة”.

وهذا يعني أن الجانب الإسرائيلي كان يجهز لعمليات قتل نوعية داخل الأراضي التركية متى احتاج إليها.

ومع عملية “طوفان الأقصى”، كان القرار الإسرائيلي باستئناف الاغتيالات خارج فلسطين المحتلة، الأمر الذي دفع أردوغان إلى تحذير تل أبيب من الإقدام على تلك الخطوة، ثم اتخذ الأمن التركي تدابير ملموسة، ليثبت لتل أبيب أن الإجراءات المتخذة لن تتوقف على مجرد التحذيرات الشفهية، بل ستتعداها إلى استهداف المتعاونين مع الموساد.

الرسائل التركية ربما لا تتوقف هنا على تل أبيب وحدها، بل ربما تريد أنقرة إيصالها إلى جارتها إيران أيضًا، والتي تورطت قبل ذلك في محاولة اغتيال إسرائيليين على الأراضي التركية، قبل أن ينجح الأمن التركي في الوصول إلى المسؤولين عنها واعتقالهم.

كما سبق أن وجهت أنقرة الاتهامات إلى موظفين إيرانيين رسميين باغتيال معارضين للنظام الإيراني على أراضيها، كان آخرها اعتقال الموظف في القنصلية الإيرانية، محمد رضا ناصر زاده، قبل نحو ثلاثة أعوام، للاشتباه في تورطه في اغتيال المعارض، مسعود مولوي، في إحدى مناطق إسطنبول عام 2019.

ومع إمكانية تصاعد الصراع بين طهران وتل أبيب على هامش “طوفان الأقصى”، تعمل تركيا على الحيلولة دون استخدام أراضيها لتصفية تلك الحسابات.

المفارقة أنه في مساء نفس يوم إعلان تركيا عن شبكة الجواسيس، اغتالت إسرائيل نائب رئيس المكتب السياسي لحركة حماس، صالح العاروري وآخرين في الضاحية الجنوبية بالعاصمة اللبنانية بيروت، لتتأكد أنقرة أن ضرباتها الأمنية الاستباقية ضرورة ملحّة لا ينبغي التهاون بشأنها.

وأفادت صحيفة واشنطن بوست أن العلاقات بين إسرائيل وتركيا وصلت إلى حد من التوتر، حيث قدمت حكومة رجب طيب أردوغان إلى المخابرات الإيرانية معلومات عن هوية 10 جواسيس إيرانيين اجتمعوا مع عناصر الموساد في تركيا.

وأوضح ديفيد إيغناتيوس، الكاتب في هذه الصحيفة أن تركيا وجهت “صفعة إلى إسرائيل” عبر الكشف عن هذه المعلومات السرية.

وأضاف أن إسرائيل تقوم بتوجيه جزء من شبكة تجسسها على إيران عبر الأراضي التركية بسبب سهولة سفر المواطنين الإيرانيين إلى هذا البلد.

وأكد ديفيد إيغناتيوس أن الأمن التركي يقوم بعمليات استطلاعية كثيرة على الحدود ويراقب الاجتماعات السرية بين المواطنين الإيرانيين وعناصر الموساد على أراضي البلد.

وكانت إيران قد أعلنت في عام 2012 عن كشف شبكة تجسس إسرائيلية كبيرة، لكن لم توضح ما إذا كانت الشبكة المذكورة هي التي حصلت على معلومات بشأنها من الحكومة التركية.

وبث التلفزيون الرسمي بعدها اعترافات مجيد جمالي فشي، وقال إنه عميل للموساد، ومن منفذي عملية اغتيال العالم النووي مسعود علي محمدي وأعدم المتهم في العام نفسه بتهمة محاربة الله والرسول والإفساد في الأرض.

وذكرت واشنطن بوست أنه المسؤولين الأميركيين وصفوا الكشف عن نشاط الجواسيس الإيرانيين بـ “الخسارة الأمنية المؤسفة” لكنهم لم يحتجوا على تركيا بل شهدت العلاقات بين البلدين تطورا ملحوظا في الفترة التي تلتها.

وأشارت الصحيفة أن أداء حكومة رجب طيب أرودغان ربما مثل ردة فعل على الهجوم الإسرائيلي على السفينة التركية التي حملت مساعدات إنسانية إلى قطاع غزة في عام 2010، ما أدى إلى مقتل 9 من الرعايا الأتراك خلال الهجوم.

واعتبر المصدر أن كشف شبكة الجواسيس ربما يبرر عدم اعتذار رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو من أنقرة بسبب مقتل رعاياها.