اشتعلت الحرب في المنطقة، وغطّت أخبارها على كل الأزمات السياسية الأخرى، فمجلس النواب سيكمل طريقه من دون رئيس، حتى الانتخابات النيابية المقبلة في العام ٢٠٢٥، وفق ما تظهره الأحداث الحالية.
بقيت مطرقة رئاسة البرلمان، بيد النائب الأول محسن المندلاوي، ولم تتفق القوى السنية على شخصية معينة، فالصراع بقي دائراً، بين محمود المشهداني وسالم العيساوي.
جحيم الرئاسة، بقي مشتعلاً.. لكن الأحداث داخل المنطقة والحرب الإقليمية والتصعيد الذي عمل عليه الكيان الصهيوني في لبنان وغزة وسوريا، وحتى مع إيران، أطفأ الخلافات السياسية، حتى غابت قضية رئيس البرلمان عن الواقع في العراق.
التحليل السياسي، يظهر أن البيت السني رضخ للواقع، ومطرقة الرئاسة بقيت بيد شخصية سياسية شيعية، المتمثلة بمحسن المندلاوي، الذي سيبقى رئيساً للبرلمان بالإنابة، حتى الانتخابات النيابية المقبلة، التي ستُجرى بعد أقل من عام.
حاول البيت السني أن يقدم شخصية أخرى، يتفق عليها الجميع، ولكنهم يواجهون باباً مغلقاً، متمثلاً بعدم فتح الترشيح لأي شخصية جديدة، وهو الأمر الذي أصرّ عليه الإطار التنسيقي، وعدّه مخالفة واضحة للدستور.
في الثالث من آب الماضي، أعلنت كتل “تقدم” و “حزب الجماهير الوطنية” و”تحالف الحسم الوطني” و “كتلة الصدارة” و “المشروع الوطني العراقي” و “كتلة المبادرة”، التوصل إلى اتفاق لترشيح شخصية جديدة لمنصب رئيس البرلمان، والعمل على اتخاذ الإجراءات اللازمة لفتح باب الترشيح.
وذكرت الكتل مجتمعة في بيان ورد لـ “إيشان”: “إيماناً منَّا بأهمية استقرار عمل المؤسسات وحفظ الاستحقاقات الاجتماعية لمكونات الشعب العراقي وتمثيلها في رئاسة السلطات الدستورية، وإيلاء الدور الرقابي والتشريعي لمجلس النواب أولوية دائمة كونه يمثِّل عصب نظام الدولة البرلماني، وضرورة تفعيل هذا الدور، وهو الأمر الثابت والواجب العمل عليه من جميع الأحزاب والقوى والفعاليات السياسية، ونظراً لمضي فترة طويلة لم يتم خلالها انتخاب رئيسٍ لمجلس النواب العراقي، والتعقيدات والإشكالات التي رافقت جلستي الانتخاب السابقتين، والانقسام الواضح وتباين المواقف بين القوى السياسية في اختيار رئيس مجلس النواب، ومن أجل الحفاظ على هذا الاستحقاق الدستوري والمضي قدماً بالدور التشريعي والرقابي لمجلس النواب، وبعد سلسلة من النقاشات والحوارات واللقاءات مع الطيف السياسي الوطني؛ اتفقت القوى السياسية الممثِّلة للمكون السني المذكورة لاحقاً (بعدد ٥٥ نائباً) على ترشيح مرشحٍ جديدٍ لتولي منصب رئيس مجلس النواب”.
وأضاف البيان، أن المرشح يتم “تقديمه إلى الكتل السياسية الوطنية الموقَّرة لتأييد الترشيح وحصول القبول الوطني لحسم هذا الاستحقاق، والعمل على اتخاذ الإجراءات اللازمة لفتح باب الترشيح، وانتخاب رئيس السلطة التشريعية المُرشَّح من الغالبية السنية الواضحة المطلقة؛ لإكمال الفترة المتبقية من الدورة التشريعية الخامسة، وتأدية المهام الدستورية، وإتمام ورقة الاتفاق السياسي وما تتضمنها من تشريعات وقوانين تخدم الشعب وتحقِّق البرنامج الحكومي بجوانبه التشريعية”.
وفي الأيام الماضية، عقد مجلس النواب جلسات عدة، ولكنها خلت من فقرة انتخاب رئيس البرلمان، بسبب الخلافات التي لم تصل إلى نتيجة واضحة، ولم تُحل.
حتى القوانين الخلافية، دخلت على خط الأزمة، ولكن ليس داخل المكون الواحد، بل بين المكونين الشيعي والسني، حيث الأول يريد تعديل قانون الأحوال الشخصية، بينما الثاني يبحث عن إقرار قانون العفو العام.. والقانونان، تمت قراءتهما مرتين، ولم يتبقَ أمامهما سوى التصويت.
وفي السادس من أيار الماضي، أصدرت تحالفات “العزم والسيادة والحسم”، بياناً مشتركاً دعت من خلاله إلى الإسراع بعقد جلسة انتخاب رئيس البرلمان، وعدم تأخيرها تحت أي ظرف أو مبرر.
وجاء في بيان التحالفات الذي ورد لـ “إيشان”: “انطلاقاً من إيماننا بضرورة الالتزام بقرارات المحكمة الاتحادية والدستور، والاستحقاقات السياسية وحفاظاً على مصلحة البلد العليا وتفعيلا لدور مجلس النواب في التشريعات والرقابة، واستجابة للطلب المقدم والموقع من أكثر من 150 نائباً، ندعو رئاسة مجلس النواب إلى الإسراع في عقد هذه الجلسة بأقرب وقت، وعدم تأخيرها تحت أي ظرف أو مبرر”.
وعدّ البيان، تأخير اختيار رئيس البرلمان، “تهديداً للعملية الديمقراطية في البلد، ويسبب تعطيلا بعمل المجلس ويضر بمصالح البلد العليا”، داعياً “جميع الأطراف إلى أن تتحمل مسؤولياتها الأخلاقية والسياسية بخصوص الاستحقاقات السياسي السني (رئاسة البرلمان)”.