بينما تبحث الحكومة عن تقليل الإنفاق والضغط على الموازنة، وأعلنت وقف التعيينات، ينتظر مبنى مجلس النواب، أن يفتح أبوابه لأكثر من مئة نائب، وفقاً لنتائج التعداد السكاني الأخير، الذي أظهر عدد سكان العراق بأكثر من 45 مليون نسمة.
هذا الأمر، سيدفع باتجاه زيادة أعضاء مجلس النواب، ليتكدّس البرلمانيون في المبنى الذي يشمل بالوقت الحالي 329 نائباً.
التوقعات والحسابات تشير إلى أن عدد البرلمانيين سيصل إلى قرابة 450 نائباً، بعدما كان 329 نائباً، تُضاف إليهم المخصصات والحمايات، وهو ثقلٌ جديد على الموازنة.
الخبير الاقتصادي، ناصر الكناني يقول لـ “إيشان”، إن “عدد البرلمانيين الحالي، هو 329 نائباً، ويتمتعون برواتب ومخصصات وحمايات وسيارات وعلاج خارج البلد وسيارات ودور سكن وتأثيث ومولد كهرباء”.
وأضاف، أن “المادة 49 من الدستور، تقول إنه يخصص مقعد واحد لكل مئة ألف شخص، ومع إجراء التعداد، تشير التقديرات إلى ارتفاع عدد المقاعد بما يتناسب مع حجم السكان بأن الزيادة تقدر بأن تكون 101 مقعد”.
وأشار إلى أن “هذه الزيادة سترفع الإنفاق الحكومي، وتضغط على الموازنة العامة، وتؤثر على القطاع الخاص والاستثماري”، مبيناً أن “البيروقراطية الزائدة تمثل العدد الأكثر من البرلمان، وقد يزيد التعقيد الإداري ويبطأ اتخاذ القرار”.
ويؤكد إن “هذا الأمر يأتي بالوقت الذي تحتاج الحكومة إلى تقليص الإنفاق وإيجاد مصادر دخل إضافية دون تحميل المواطن عبء إضافي”.
أمّا الخبير الاقتصادي، نبيل جبار التميمي فيقول لـ “إيشان”، إن “هذه الأعداد قد تكون محل خلاف قانوني قادم، على اعتبار أن الدستور لم يضع سقفاً كحد أقصى لعدد أعضاء مجلس النواب، ووضع القضية مفتوحة بأن التمثيل يكون نائب لكل مئة ألف نسمة، وقد يكون هناك جدل قانوني قادم حول هذا الموضوع”.
وتابع التميمي قائلاً: “قد نشهد نزاعا مقبلا بسبب عدم وضوح هذه المادة في الدستور العراقي، حول أعداد النواب”.
بينما يقول حسن العزاوي، وهو مستشار في مجلس النواب ومدير المركز العراقي الأوربي للتنمية، إنه “وفقًا للدستور العراقي، يُخصص لكل 100 ألف نسمة مقعد نيابي واحد، مما يعني أن عدد النواب سيزداد بشكل ملحوظ من العدد الحالي البالغ 329 نائبًا إلى حوالي 440 نائبًا، إذا تم الالتزام بالنص الدستوري”.
وأضاف العزاوي: “لكن هذه الزيادة ليست مجرد أرقام على الورق؛ فمع ارتفاع عدد النواب، ستزداد أيضًا التكاليف المرتبطة بهم. رواتب النواب الجدد، التي تشمل المخصصات المالية، قد تُكلف الدولة مليارات الدنانير سنويًا”.
وأشار إلى أن “توفير الحماية الشخصية لكل نائب، مع تخصيص فريق أمني، سيضيف عبئًا آخر على الموازنة العامة، في وقت تواجه فيه البلاد تحديات اقتصادية كبيرة”.
ويتابع: “من جهة أخرى، فإن زيادة عدد السكان وتوزيعهم الجغرافي تعيد تشكيل حصة المحافظات من عدد المقاعد. المحافظات الكبرى مثل بغداد ونينوى والبصرة ستشهد زيادة كبيرة في تمثيلها النيابي، بينما قد تظل المحافظات الأقل سكاناً مثل المثنى وديالى في حدودها الحالية أو مع زيادات طفيفة. هذا التوزيع سيؤثر على ميزان القوى السياسية بين المحافظات”.
ويكمل: “وفي ظل هذا الواقع الجديد، يصبح من الضروري التفكير في قانون انتخابي يخدم المرحلة المقبلة. هل النظام الحالي الذي يعتمد على دوائر صغيرة متعددة هو الأمثل، أم أن العراق بحاجة إلى الانتقال إلى نظام دائرة انتخابية واحدة، مما قد يمنح فرصة أوسع للأحزاب الصغيرة والمستقلين؟ أو ربما يكون النظام النسبي مع الدوائر المتعددة هو الخيار الأنسب، خاصة مع ازدياد عدد السكان”.
ويوضح، أن “القضية لا تتعلق فقط بزيادة عدد النواب، بل تتعداها إلى التأثيرات المالية والسياسية والإدارية التي سترافق هذه الزيادة. ومع كل هذه التحديات، يبقى السؤال الأهم: كيف ستوازن الدولة بين التزاماتها الدستورية وضرورات الإصلاح الاقتصادي والإداري؟”.
وهذه الأزمة، تعيد العراق إلى مرحلة تفسير النصوص الدستورية، وخاصة المادة 49 من الدستور، إذ نصح الخبير القانوني علي التميمي في وقت سابق، أن يُرسل طلب التفسير إلى المحكمة الاتحادية، قبل إجراء التعداد العام للسكان.
وقال التميمي في وقتها لـ “إيشان”، إن “هناك آراءً مختلفة بشأن زيادة أعداد أعضاء مجلس النواب، من بينها رأي يقول إن هذه النسبة يجب أن تُحدد بقانون لكنني أختلف معها، لأن القاعدة تقول إن القانون الأدنى لا يقيد القانون الأعلى المتمثل بالدستور وفعل هذا الأمر، يخالف الدستور”.
وأضاف في تصريحه السابق: “الحل لهذه المشكلة، بسيط جداً، وهو قبل إجراء التعداد السكاني، يقوم رئيس مجلس النواب بطلب من المحكمة الاتحادية تفسير المادة 49 على أولاً، وهذا هو اختصاص المحكمة الاتحادية، وهو صريح”.