اخر الاخبار

منح الجنسية لسوريين ومقبرة الخسفة.. لماذا لا تشغل “التريند” العراقي؟

في بلد يعيش على وقع الأزمات المتلاحقة، قد يتوقع...

الرئاسة اللبنانية تعلّق على وصف براك سلوك الصحفيين بـ”الحيواني”

عبرت رئاسة الجمهورية اللبنانية، يوم الثلاثاء، عن أسفها الشديد...

من أبرز المطلوبين.. ضبط متهم بغسيل الأموال وتمويل الإرهاب في الأنبار

    أعلنت مديرية الاستخبارات العسكرية، اليوم الثلاثاء، الإطاحة بممول للإرهاب...

التوسع الصيني في حقول النفط العراقية.. مكاسب اقتصادية أم تبعية جديدة؟

بين من يراه فرصة ذهبية لتنويع الشركاء وجذب الاستثمارات،...

زوجان يرفعان دعوى قضائية ضد “ChatGPT”: تسبب بانتحار ابننا

  رفع زوجان أمريكيان دعوى قضائية ضد "OpenAI" متهمين "ChatGPT"...

ذات صلة

التوسع الصيني في حقول النفط العراقية.. مكاسب اقتصادية أم تبعية جديدة؟

شارك على مواقع التواصل

بين من يراه فرصة ذهبية لتنويع الشركاء وجذب الاستثمارات، ومن يحذر من تحوّله إلى تبعية جديدة، يثير التوسع الصيني في الحقول النفطية العراقية جدلًا واسعًا بين خبراء الاقتصاد والطاقة. فمنذ سنوات، باتت الشركات الصينية حاضرة بقوة في قطاع الطاقة العراقي، لكن حجم هذا الحضور، واتجاهاته المستقبلية، يطرحان أسئلة صعبة حول موازنة بغداد بين شركائها الشرقيين والغربيين.

بين المكاسب والمخاطرة

الخبير الاقتصادي أحمد عبد ربه قال في تصريح لمنصة “إيشان” إن التوسع الصيني “يحمل وجهين؛ فمن جهة هو مكسب مهم لأنه يفتح الباب أمام تنويع الشركاء وجذب استثمارات كبرى تسهم في تطوير البنية التحتية للقطاع النفطي. لكنه في المقابل يفرض تحديًا يتمثل في تجنّب الوقوع في تبعية جديدة أو ارتهان القرار الاقتصادي لطرف خارجي”.

وأضاف أن توقيع العراق اتفاقية مبادئ مع شركة شيفرون الأميركية لتطوير مشروع الناصرية النفطي وحقل بلد والرقع الاستكشافية الأخرى “ليس مجرد عقد جديد، بل هو إشارة فارقة على تحوّل استراتيجي في نهج بغداد تجاه الشركات العالمية، وخصوصًا الأميركية، بعد سنوات من الفتور”.

ويرى عبد ربه أن دخول شركات من مدارس مختلفة – صينية وأميركية – يمنح العراق فرصة لمقارنة أنماط عقود الخدمة والإنتاج المشترك، وتحسين شروط التفاوض مستقبلًا. كما أن وجود خبرات مثل شيفرون “يمكن أن يرفع كفاءة الإنتاج ويطيل عمر الحقول، وهو ما يخفف الضغط عن الحقول التقليدية”.

تحذيرات من الاعتماد الأحادي

من جانبه، أشار خبير الطاقة العراقي المقيم في ألمانيا دريد عبد الله إلى أن توسع الشركات الصينية “سوف يمنح بغداد تمويلا جديدا وخبرة تشغيلية”، لكنه شدد على أن الاعتماد على الصين وحدها “قد يخلق خللًا استراتيجيًا”.

وقال في تصريحه لـ”إيشان”: “الطريق الآمن هو تنويع الشركاء، ومن ثم زيادة المحتوى المحلي، وابقاء القرار سياديا بعيدًا عن اصطفافات المحاور”. ولفت إلى أن الصين تلعب بالفعل دورًا محوريًا في الحقول النفطية مثل غرب القرنة 1 وحلفاية، وتشارك مع الغربيين في الرميلة، مضيفًا أن هذا “يساعد في التسريع بالتطوير، لكنه يضعف موقف العراق التفاوضي إذا انكمش الحضور الغربي”.

وشدد على ضرورة أن “تشترط الحكومة نقل المعرفة وبناء القدرات الوطنية، بحيث يبقى العراق شريكًا وليس تابعًا، بغض النظر عن هوية الشركة”.

الصين تسيطر بهدوء

أما البروفسور ضياء واجد المهندس، رئيس مجلس الخبراء العراقي، فقد ذهب أبعد في توصيفه، قائلًا إن “بينما يتجادل ساستنا حول حصص الوزارات، دخلت الشركات الصينية من الباب الخلفي إلى حقول النفط، وبهدوء تام أمسكت بمفاتيح الإنتاج. اليوم الصين تسيطر على ما يقارب ثلثي إنتاج النفط العراقي”.

وأضاف ساخرًا: “إذا عطس عامل صيني في البصرة ممكن ينخفض التصدير في ميناء البصرة”. وأوضح أن الصين استثمرت 34 مليار دولار في قطاع الطاقة بالعراق، وفازت خلال سنة واحدة بـ 95% من العقود الكبرى، معتبرًا أن العراق أصبح “الفرع الأوسط لشركة النفط الوطنية الصينية”.

ويتابع المهندس: “البعض في بغداد فرحان: شوفوا الصين شكد طيبة، تبني لنا حقول ومصافي وطرق. لكن الحقيقة أن التنين لا يدخل للمضافة مجانًا. الهدف تأمين نفط رخيص ومضمون لبكين، أما العراق فله الفتات: بعض العمالة المحلية وصور تذكارية”.

ويرى أن العراق يحاول أن “يكون ابنًا عاقلًا بين أمّه الصين وأبيه أميركا”، لكنه ينتهي بلدًا “نصفه مربوط باليوان الصيني ونصفه الآخر بالدولار الأميركي”. وانتقد غياب الشفافية، معتبرًا أن “العقود الصينية تمر مثل الظل، بلا نقاش برلماني ولا رقابة”، بينما لم ينجح العراق حتى الآن في تأسيس شركة وطنية منافسة بجدية.

الطريق إلى التوازن

وفي ختام حديثه، دعا المهندس إلى “فتح الباب لجميع المستثمرين: أميركا، أوروبا، تركيا، الخليج”، مؤكدًا أن التنوع يقلل من خطر “الابتلاع”، وأن على الحكومة أن تفرض شروطًا واضحة تتضمن تدريب العراقيين ونقل التقنية. كما اقترح إنشاء لجنة مستقلة لمراقبة تنفيذ العقود بعيدًا عن المحاصصة، مضيفًا: “الأهم أن تُوضَع مصلحة العراق أولًا”.

بين الحذر من التبعية والرهان على التنويع، يبدو العراق اليوم أمام معادلة دقيقة. فالتوسع الصيني في حقوله النفطية قد يمنحه استثمارات ضخمة وفرص تطوير سريعة، لكنه قد يضعه أيضًا أمام مخاطر سياسية واقتصادية طويلة الأمد إذا غابت الموازنة مع الشركاء الآخرين.

فهل ستتمكن بغداد من إدارة هذه المنافسة الدولية بذكاء، وتحويلها إلى فرصة لتعظيم المكاسب، أم ستجد نفسها عالقة بين التنين الصيني والنسر الأميركي؟