اخر الاخبار

ترامب “يتريث” بشأن مقترح تحويل غزة إلى “مشروع أمريكي”

قرر الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، اليوم الجمعة، "التريث" بتنفيذ...

تصعيد خطير على الحدود اللبنانية-السورية: اشتباكات مسلحة وتبادل عمليات الخطف

  تصاعدت حدة التوتر على الحدود اللبنانية-السورية خلال الأيام الماضية،...

“أصبح مهدداً”.. تقرير روسي يتحدث عن تغيير في العراق بسبب أوضاع المنطقة

  تحدث تقرير روسي، اليوم الجمعة، عن الوضع الذي يعيشه...

صاحبة خاتم “نجمة داوود” تثير جدلاً في لبنان بعد لقائها الرئيس عون

أثارت نائبة المبعوث الأمريكي الخاص إلى الشرق الأوسط، مورغان...

ذات صلة

الجنوب يواجه الكارثة.. حروب العطش تشتعل: دماء تُراق بسبب الماء

شارك على مواقع التواصل

لم تعد ندرة المياه في العراق مجرد تحدٍّ بيئي، بل أصبحت عاملًا رئيسيًا في تأجيج النزاعات العشائرية، خاصة في المناطق الجنوبية التي تعتمد على الزراعة كمصدر رئيسي للعيش. مع تفاقم أزمة الجفاف وتراجع تدفقات الأنهار، باتت الخلافات على مياه الري تتصاعد إلى مواجهات مسلحة تهدد الاستقرار الاجتماعي في البلاد.

في محافظة ميسان، قُتل شخصان وأصيب آخر في نزاع نشب بين جيران بسبب مياه السقي في قرية الأبيض المحاذية لهور الحويزة، على مقربة من الحدود العراقية-الإيرانية. وبعد أيام قليلة، شهدت المحافظة ذاتها نزاعًا آخر في قضاء قلعة صالح، أسفر عن مقتل خمسة أشخاص، ما يعكس مدى خطورة الأزمة البيئية التي تتفاقم عامًا بعد عام.

ولم تكن هذه الحادثة معزولة، إذ شهد قضاء قلعة صالح في ميسان، قبل أيام، نزاعًا عشائريًا مسلحًا راح ضحيته خمسة أشخاص، بسبب الخلاف على توزيع المياه، في مؤشر متزايد على أن شح الموارد المائية بات يشكل عامل توتر رئيسيًا في المناطق الريفية.

أزمة متفاقمة وتحذيرات متكررة

على مدى السنوات الماضية، حذّر خبراء المياه والمناخ من أن العراق يواجه خطرًا متزايدًا نتيجة التغيرات المناخية، حيث صُنّف خامس أكثر دولة تضررًا في العالم من آثار الاحتباس الحراري، وفق تقارير دولية.

وقد شهدت العقود الأربعة الأخيرة انخفاضًا ملحوظًا في تدفقات نهري دجلة والفرات، اللذين يؤمنان 98% من المياه السطحية للعراق، بنسبة تتراوح بين 30% و40%، بسبب قلة الأمطار وارتفاع معدلات التبخر، فضلًا عن بناء السدود في دول المنبع.

وتشير تقديرات دولية إلى أن العراق قد يواجه عجزًا مائيًا يصل إلى 10 مليارات متر مكعب بحلول عام 2035، في ظل التراجع الحاد في الموارد المائية والتأثير المتزايد للجفاف على الأراضي الزراعية.

نزوح قسري وانهيار بيئي

لم تقتصر تداعيات أزمة المياه على تصاعد النزاعات العشائرية، بل امتدت إلى التأثير على الأوضاع المعيشية لمئات الآلاف من السكان، حيث شهد العراق خلال الأعوام الأخيرة هجرات جماعية من الريف إلى المدن نتيجة فقدان مصادر الدخل الزراعي.

وفي الأهوار العراقية، التي كانت تعدّ أحد أهم النظم البيئية في العالم، تحولت أكثر من 70% من مساحتها إلى أراضٍ جافة، بينما تم استغلال 20% منها للزراعة، ولم يتبقَ سوى 10% من مساحتها الأصلية.

كما تراجع الإنتاج الزراعي في العراق بنسبة 50% عام 2022، ما دفع العديد من المزارعين إلى ترك أراضيهم والهجرة نحو المدن بحثًا عن فرص عمل بديلة، وسط استمرار تدهور الموارد المائية.

نقص الحلول وتفاقم الأزمة

ويرى مختصون أن العراق، رغم مواجهته تحديات مناخية مشابهة لجيرانه، يفتقر إلى القدرات اللازمة للتعامل مع هذه الأزمة. ففي حين استثمرت دول الخليج في مشاريع تحلية المياه وتطوير أنظمة زراعية متقدمة، لا يزال العراق يعاني من بنية تحتية ضعيفة في قطاع المياه، ما يجعله أكثر عرضة للتداعيات البيئية والاجتماعية للتغير المناخي.

ويؤكد وجهاء عشائريون في ميسان أن الأعراف القبلية التي كانت تحكم العلاقات الزراعية لم تعد كافية للحد من النزاعات، حيث أدى تفاقم الجفاف وغياب الحلول الحكومية إلى تصاعد التوترات، ما يهدد السلم المجتمعي ويجعل من أزمة المياه تحديًا وجوديًا للعراق في السنوات المقبلة.