ما زال الكيان، يتربص بالعراق شرّاً، ويريد أن يستغل أي ثغرة ينفذ من خلالها لشن غاراته على مواقع داخل البلد.. وهذه النية، تعمل الحكومة على مواجهتها داخلياً عبر استنفار أمني، وخارجياً، عبر القنوات الدبلوماسية للضغط على “غدّة الشرق” ومنع الاحتلال من توسيع الحرب.
البيان الحكومي، كان واضحاً وصريحاً وتحدث عن ضربة “وشيكة” يريد الكيان أن يشنها على العراق، حتى اضطر القائد العام للقوات المسلحة محمد شياع السوداني، أن يوجّه الدفاعات الجوية بالتصدي لأي هدفٍ معادٍ.. وفي نفس الوقت، توعّد مسؤولي القواطع بالمحاسبة القانونية، إذا انطلقت من قواطعهم، مسيّرات صوب الكيان، في إشارة ضمنية لم يعلنها البيان بصراحة.
مخاطبة برلمانية للحكومة والفصائل
حتى مجلس النواب، لديه نفس المخاوف التي جاءت ببيان الحكومة، ولكنه دعا إلى “التسلّح” بعلاقات العراق مع المجتمع الدولي، وتخفيف “الانفعالات”.
النائب ياسر وتوت، عضو لجنة الأمن والدفاع النيابية قال لـ “إيشان”، إن “المجلس الوزاري مخاوفه مبررة، لأن هناك تصعيداً قد حصل في الأيام الماضية وهو واضح من خلال توجيه الفصائل ضرباتها على الكيان الصهيوني، وبالتالي كان هناك دور واضح من الحكومة الأمريكية بعدم استهداف العراق”.
وأضاف: “على ما يبدو أن الكيان عندما قدم شكوى لمجلس الأمن، يريد أن يتخذها ذريعة لأي عمل قد يقوم به في المستقبل”، وهذا الرأي اتفق عليه الحكومة والبرلمان والمقاومة والقواعد الشعبية.
وتوت، يرى أن الموضوع “خطر، وعلى الجميع أن يدرك الخطورة”، وقال: يجب ألا تكون تصرفاتنا انفعالية وأن نتصرف بحكمة واتزان عالٍ، ونحاول أن نحشد المجتمع الدولي، ولا نجعله يتخلى عن العراق، بعدما عقد اتفاقيات وشراكات مع دول كبيرة مؤثرة بالقرار السياسي والدولي”.
وأضاف، أن “العراق يحتاج إلى تفعيل دبلوماسيته، والفصائل يجب أن تهدئ ضرباتها الموجهة للكيان الصهيوني، لأن ارتداداتها ستكون كبيرة وقد تكون كارثية.. وعلى الجميع أن يدرك خطورة الموضوع، وألا ننجر خلف حرب ستكلفنا الكثير”.
“الحق السماوي”
المقاومة لم تهدئ من ضرباتها، بل شنّت قصفاً بعد يوم واحد على الأراضي المحتلة، وهي تعتقد بأن شرعيتها “تستمدها من القوانين السماوية، وليس الأنظمة أو الحكومات”.
عباس الزيدي، القيادي في كتائب سيد الشهداء يقول لـ “إيشان”: “لن يصدر قرار دولي باستهداف العراق، لأن الأمم المتحدة، لا يمكن أن تكون مظلة لتسويق القرارات، أو تمضية السياسة الصهيوأمريكية في العالم”، متسائلاً: “هل التزم الكيان الصهيوني بالشرعية الدولية وقرارات الأمم المتحدة أو محكمة العدل الدولية؟”.
ويرى الزيدي، أن “المجتمع الدولي لم يعطِ الضوء الأخضر لإسرائيل في ضرب العراق”، مبيناً أن “أول من ضرب الشرعية الدولية، هو الكيان الصهيوني بمساعدة أمريكا”.
ولم يمتثل الكيان الصهيوني إلى كل المخاطبات الدولية، رغم أن نتنياهو قد صار “مجرم حرب” بعدما أوغل جيشه بقتل المدنيين في غزة ولبنان، حتى أصدرت الجنائية الدولية، أمر قبض بحقه.
تقف المقاومة حائط صد، وتقول إنه “لا يمكن لأحد أن يقف حائلاً بين المقاومة وعملها، على اعتبار أن حق المقاومة مكفول في الأنظمة والقوانين الدولية والسماوية”، حسب ما يعبّر الزيدي، الذي يؤكد أن “المقاومة تستمد شرعيتها من عملها وأهدافها ومن حقها السماوي، ومرجعياتها الدينية ولا تستمدها من الأنظمة أو الحكومات”.
“المجتمع الدولي لن يتخلى عن العراق”
ورغم التأكيدات، بأن الكيان يتحين الفرصة لقصف العراق، إلا أن توسيع العلاقات مع المجتمع الدولي، سيكون سلاحاً دفاعياً، يمنع الكيان الصهيوني من أن يشن غاراته على بلد الرافدين، حسب الآراء الحكومية والسياسية والبرلمانية.
عائد الهلالي، وهو من فريق مستشاري رئيس الوزراء، يقول لـ “إيشان”: “لم يتبين هناك قرار دولي بضرب العراق لغاية الآن، وكل ما في الأمر هي شكوى تقدم بها الكيان الصهيوني ضد العراق أمام مجلس الأمن، وهذه الشكوى ما هي إلا ذريعة تهدف لتبرير عدوان يخطط له الكيان الصهيوني منذ وقت على العراق”.
وأكد الهلالي، أن “المجتمع الدولي لن يتخلى عن العراق، وهناك ثلاثة أسباب، أولها؛ وجود قوات التحالف الدولي على أرض العراق ضمن اتفاقية تعاون أمني مشترك، وثانيها، أن العراق تربطه مصالح مشتركة مع الدول الدائمة العضوية في مجلس الأمن الدولي، وثالثها؛ إجراءات العراق في منع استخدام أراضيه للاعتداء على أي طرف”.
وتابع قائلاً: “ليس من مصلحة المجتمع الدولي السماح للكيان بضرب العراق، كونه يعد خرقاً واضحا لكل الاتفاقات الدولية ويتعارض مع الدور الريادي الذي يلعبه العراق إقليمياً ودولياً”.
ومع كل هذه الآراء، يتفق الخبير الأمني، سرمد البياتي، الذي يشدد على أهمية توجيهات السوداني التي جاءت في البيان، ويراها “واضحةً” للجميع.. الأولى بما يتعلق بالدفاعات الجوية، والثانية، بما يخص استخدام الأراضي العراقية.
ويقول البياتي لـ “إيشان”، إن “بيان المجلس الوزاري للأمن الوطني، وتوجيهات السوداني، مهمة جدا، وتعامل رئيس الوزراء بمهنية مع الواقع الحالي على الأرض، وأعطى توجيهات واضحة خاصة بموضوع الدفاع الجوي، والقطعات الأمنية الماسكة للقواطع”.
وأضاف: “أتوقع ألا يتخلى المجتمع الدولي عن العراق، لأن التحالف الدولي موجود على أرض العراق، والبيان الصادر مهم وإعلان حالة تأهب لمواجهة أي خطر قد يحدث، وما يحصل في الجو أو على الأرض”.
وتبقى التخمينات جميعها واردة التحقق، لأن الكيان قد يتجاهل دعوات العراق ويشن غاراته عليه، أو يجبره المجتمع الدولي على عدم قصف “القبلة الجديدة للعالم” المتمثلة ببلاد الرافدين.