فيما تشهد الساحة السياسية العراقية دورة انتخابية جديدة، برز استخدام الطائفية كأداة دعاية باقية، مع إعادة وزارة الداخلية تحذيرها من تحوّل هذه الممارسات إلى خطابٍ يمسّ تماسك المجتمع، مقرونة باتخاذ إجراءات قانونية، ما يطرح تساؤلاً جوهريًا حول مدى شمول هذه الإجراءات للمرشحين السياسيين ضمن الكتل.
لطالما لعب الخطاب الطائفي دورًا ملموسًا في الحملات الانتخابية العراقية منذ عام 2005. فقد ظهرت تحركات انتخابية تصبغ نفسها بلبوس عسكري، طائفي أو مؤسساتي، خاصة تلك التي دعمت مرشحين من خلفيات دينية أو مناطقية، خدمة لرسائل موجهة إلى شرائح بعينها من الناخبين.
قانون واضح
تنص المادة 7 من الدستور العراقي على تحريم “التمييز أو التحريض الطائفي أو العنصري”، وتُجاز فيه التدابير القانونية ضد من تسول له نفسه استغلال هذه الورقة الخطيرة.
ويعتبر قانون العقوبات العراقي، رقم 111 لسنة 1969 (المعدل)، أداة قانونية رادعة عبر نصوصه: المواد 210–212 تعاقب على نشر “معلومات كاذبة، تحرض على العنف، أو تنشر خطاب كراهية”، والمادة 434 تجرّم “الإهانة العلنية” بما في ذلك الخطاب الطائفي والتحريض على الآخرين.
أما مشروع القانون الأخير لحرية التعبير فقد وضّح أن “أي خطاب طائفي يصل إلى حد التحريض على التمييز أو العنف يُحرّم قانونًا”، ما يعيد تشكيل الإطار التشريعي بشكل أكثر وضوحًا.
الطائفية محتوى هابط
وباشرت وزارة الداخلية العراقية، أمس الجمعة، باتخاذ الإجراءات القانونية، ضد كل من يحرض على الطائفية أو يثير خطاب الكراهية في البلاد.
وقال مصدر في الوزارة، لمنصة “إيشان” إن “لجنة المحتوى الهابط في وزارة الداخلية، باشرت باتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة بحق عدد من المحرضين على الطائفية والكراهية”، مبينا أن “اللجنة عازمة على اتخاذ إجراءات صارمة وحازمة ضد كل من يروّج لمثل هذه الخطابات”.
هل تشمل المرشحين “الطائفيين”؟
في خضم التحذيرات المتكررة من تصاعد خطاب الكراهية، يبرز تساؤل جوهري: هل تشمل إجراءات وزارة الداخلية ضد الطائفية بوصفها “محتوى هابطًا”، المرشحين الانتخابيين الذين يروّجون لمثل هذه الخطابات؟ أم أن هذه الإجراءات ستقتصر على الأفراد غير المرتبطين بأحزاب نافذة أو غير المدعومين سياسياً؟
تبقى الإشارة إلى “كل من يروّج” مفتوحة على تأويلات: هل تتساوى كتلة انتخابية ذات تمثيل برلماني مع فرد أعزل ينشر منشورًا على منصات التواصل؟ وهل ستطبّق الوزارة تلك الإجراءات على مرشحين لطالما استخدموا الخطاب الطائفي وسيلة دعاية انتخابية فعالة؟ أم أن هذه الصرامة ستُمارس على الحلقة الأقل شئنا، بينما تُستثنى منها الشخصيات المدعومة من أحزاب السلطة؟