حبيب القريشي/ محلل سياسي وخبير قانوني
المجد للرافضين
الليكود ونتنياهو وسموتريتش وبن غفير هم أكثر من يعارض وقف الحرب، لأنهم يرون فيها أفضل فرصة لتحقيق حلم “إسرائيل الكبرى”. وهذه ليست مجرد رغبة أو طموح شخصي، بل إرادة شعبية عند الصهاينة في كل الأراضي المحتلة. حتى اليسار المعارض والمنافس لهم لا يختلف عن هذه الرغبة، وإن كان يتبناها عبر سياسة “القضم الصامت” للأرض والتطبيع الهادئ.
ولذلك، في كل فرصة للتوصل إلى اتفاق يفضي إلى إطلاق سراح الرهائن أو الأسرى في غزة، يُقدم هذا الفريق على فعل تصعيدي خطير خارج الأراضي المحتلة لتحقيق أهداف، منها إطالة أمد الحرب وحالة الطوارئ، وقتل الرهائن لصناعة سردية جديدة للمظلومية بعد أن فقد الاحتلال أي تعاطف جماهيري أو نخبوي، خصوصًا في الغرب.
إن أكثر من يريد قتل الرهائن هو هذا الفريق، لكي يصبحوا “قميص عثمان” يرفعه نتنياهو في المحافل الدولية.
هذا الفريق غيّر العقيدة الإسرائيلية القائمة على “أهمية الفرد الإسرائيلي مقابل الوجود الإسرائيلي”، كما غيّر عقيدة الحروب القصيرة ونظرية “النفس القصير” للكيان. وقد ينتهي الأمر بتغيير اسم “جيش الدفاع” إلى “جيش الهجوم” أو “وزارة الحرب والفتوحات والغزوات”، باعتبار أنهم يرون أن لديهم أراضي يجب فتحها في العراق والسعودية والأردن وسوريا ومصر.
وكل ذلك نتيجة عقيدة فاسدة لدى بعض الشعوب والقادة العرب جعلت من الكيان حليفًا، وجعلت من الشيعة وإيران وحلفائهم العدو، بحجة احتلالهم لخمس عواصم عربية كما أقنعتهم الدعاية الإسرائيلية.
(يقول فاروق الشرع في مذكراته الرواية المفقودة: ذهبنا إلى صدام حسين لإقناعه بعدم الهجوم على إيران، لأن هذا الهجوم سوف يخدم إسرائيل ويجعل القضية العراقية–الإيرانية أهم من القضية الفلسطينية–الإسرائيلية، فتتشتت الجهود العربية والإسلامية بين قضيتين. لكن جواب عزت الدوري وطارق عزيز كان صادمًا، إذ اعتبرا أن الخطر الأكبر على فلسطين والعرب هم الفرس، حسب تعبيرهم).
هذا التفكير الطائفي الغبي جعل العرب يفرحون باستشهاد قادة حزب الله، ويسعون لإسقاط سوريا بيد جماعات إرهابية تافهة تستجدي التطبيع والحماية الإسرائيلية. ودول عربية اعتبرت أن “الخطر الإيراني والمد الشيعي” أكبر من خطر دولة الاحتلال، فعقدت اتفاقيات منعتها حتى من قطع العلاقات أو طرد السفراء الصهاينة، رغم قتل أكثر من 100 ألف فلسطيني، وتجريف قطاع غزة بالكامل، وتشريد مليوني عربي فلسطيني، واحتلال ربع مساحة سوريا، وقتل حكومة عربية بكاملها في اليمن، وصولًا إلى قصف الدوحة اليوم.
ولن تنتهي استهانة دولة الاحتلال بهذه الأمة الخائفة المرتعبة من طقوس دينية يمارسها جزء من العالم الإسلامي، إذ تُصوَّر بأنها تهدد دينهم ووجودهم. فمن يخشى على الأمة ووجودها من “طقس” لطائفة، لن يصمد أمام الصواريخ الدقيقة لدولة الاحتلال.
المجد للثابتين
المجد للرافضين لزومبيات العصر
والخزي للمطبعين والمتخاذلين.