من المفترض، أن تنتهي قصة منصب رئيس البرلمان، يوم السبت المقبل، بإجماع لم يكن ليحدث لولا تغييرات طارئة وسريعة وقعت في المواقف السياسية، خلال الأيام الماضية، بعد أن تراجع الحلبوسي عن خياراته الصارمة بأن يكون خليفته من حزبه “تقدم”، وعودة نجم رئيس البرلمان الأسبق محمود المشهداني إلى اللمعان من جديد.
وحدد البرلمان العراقي يوم السبت المقبل موعدا لانتخاب رئيسه الجديد، بعد اتفاق حزب “تقدم” وكتلة “الصدارة” تقديم محمود المشهداني مرشحاً لرئاسة البرلمان، بعد أن انضمت الأخيرة إلى حزب الحلبوسي في ظروفٍ لا يُعرف الكثير عنها حتى الآن، بل أنها صدمت معظم أوساط المراقبين للشأن السياسي، لا سيما وأن المشهداني بات مدعوماً من “تقدم” عقب انسحاب من طلال الزوبعي، ليبقى المشهداني مرشحاً منفرداً بمواجهة سالم العيساوي.
والمشهداني (75 عاماً)، كان قد ترأس مجلس النواب العراقي من عام 2006 إلى عام 2009، وطُرح اسمه لرئاسة البرلمان بعد إقالة الحلبوسي من قبل المحكمة الاتحادية بدعوى التزوير، إلا أنه لم يمرر من جراء عدم إتمام الاتفاقات السياسية، في حين أنه ظلّ مرشح القوى الشيعية، بالرغم من أن المنصب للقوى السنية، وفق العرف الذي تأسست عليه حكومات ما بعد الاحتلال الأميركي، وقد دافع زعيم حزب الدعوة نوري المالكي، بجدية بالغة لأجل تسلم المشهداني رئاسة البرلمان لكنه لم يفلح.
يؤكد القيادي في تحالف “عزم” حيدر الملا أن الحلبوسي أعلن تبنيه المشهداني رئيسا لمجلس النواب “بعد أن أغلقت الأبواب جميعها أمامه”. ويبدو هذا التعليق هو الأقرب للواقع، لا سيما بعد أن انسحب المرشح الأقوى داخل تقدم لمنصب رئيس البرلمان، شعلان الكريم.
وخلال الأشهر الأربعة الماضية، أخفق البرلمان في أربع محاولات لانتخاب بديل للحلبوسي بسبب عدم التوافق على مرشح واحد، في ظل التشظي السني وإصرار الإطار التنسيقي على ترشيح شخصيات جديدة أو الإبقاء على محسن المندلاوي، النائب الأول لرئيس البرلمان رئيساً بالوكالة.
في السياق، أكد عضو ائتلاف دولة القانون عائد الهلالي، تبني قوى الإطار التنسيقي بالإجماع دعم النائب محمود المشهداني لمنصب رئاسة مجلس النواب، مبيناً في تصريحٍ صحفي، أن “قوى الإطار التنسيقي اتخذت قرارا قاطعا وبالإجماع دعم المشهداني للمنصب، والقرار جاء لرغبة قوى الإطار التنسيقي لإنهاء هذا الملف الذي طال أمده بسبب الخلافات بين القوى السنية لعدم التوافق على تقديم شخصية محددة لهذا المنصب”.
وبرغم الاتفاق المريح بين “تقدم والصدارة”، وأحزاب قوى “الإطار التنسيقي”، إلا أعضاء من حزب “تقدم” يخشون انقلاب المشهداني مدعوماً من المالكي ضد الحلبوسي، وقد يتلقى الأخير طعنة بالغة التأثير على الحزب الذي تأثر كثيراً بفقدان زعيمه منصب رئيس البرلمان على خلفية فضيحة التزوير.
وقال أحد أعضاء حزب “تقدم” لـ”إيشان“، إن “المخاوف من انقلاب المشهداني على الحلبوسي بعد جلسة يوم السبت، حقيقية، بل أنها تمثل أكثر الحالات وضوحاً في المستقبل”، مشيراً إلى أن “الحلبوسي يتوقع الانقلاب، وقد يستثمره لاستعراض مظلوميته لجمهوره في المناطق السنية، ويجد في ذلك زيادة في شعبيته، وقد يستفيد منه في الانتخابات التشريعية المقبلة”.
وأعلن تحالف “تقدم”، اليوم الاثنين، ترشيح محمود المشهداني لتولي منصب رئيس مجلس النواب، داعياً في بيان، إلى أنه “دعم هذا الترشيح لحسم هذا الاستحقاق وإنهاء التعطيل وتفعيل دور مجلس النواب وإتمام ورقة الاتفاق السياسي التي صوَّت عليها مجلس النواب ضمن البرنامج الحكومي وما تضمنته من تشريعات وقوانين تخدم الشعب وتحقق العدالة وتعزز دور مؤسسات الدولة والنظام الديمقراطي”.
من جانبه، وجد المراقب للشأن السياسي محمد التميمي، أن “شعلان الكريم كان مثيراً للجدل، بالنسبة لتحالف الإطار التنسيقي، وما أن انتهى وجوده كمرشح قوي ومدعوم من حزب تقدم، فقد باتت الأوضاع أكثر هدوءاً”، موضحاً لـ”إيشان” أن “الإطار التنسيقي لديه علاقة طيبة مع محمود المشهداني، وهو ما يجعل فوزه أقرب، أما بالنسبة لحزب تقدم، فإنه يشعر بالخذلان، ويبدو أنه وافق على المشهداني بعد أن عصفت به المشاكل والخسارات السياسية”.