اخر الاخبار

الموت جوعًا في غزة: وفيات يومية وأطفال ينامون على بطون فارغة

من شمال قطاع غزة، تحكي فاتن العمراني عن تجربة...

من دكاكين الصرافة في بغداد إلى وول ستريت: لماذا يتراجع الدولار؟

في الأزقة المكتظة لمناطق الصرافة في بغداد، كما في...

نادي برشلونة يعزي العراق بفاجعة الكوت: شعرنا بحزن عميق

  قدم نادي برشلونة الإسباني، اليوم الثلاثاء، تعازيه للشعب العراقي...

ذات صلة

الموت جوعًا في غزة: وفيات يومية وأطفال ينامون على بطون فارغة

شارك على مواقع التواصل

من شمال قطاع غزة، تحكي فاتن العمراني عن تجربة لم يعد يكفي وصفها بالقاسية، بل أصبحت تتجاوز حدود الاحتمال البشري. تقول إن كيس السكر بات شيئًا ثمينًا للغاية، وتضيف أنها اضطرت إلى استبداله بالعسل الأبيض، الذي كان متاحًا للجميع قبل الحرب، لكنه اليوم يُباع بأضعاف سعره، ما اضطرها إلى مزجه بالماء وتوزيعه على أفراد أسرتها كبديل عن الطعام. تضيف بأسى أن المنحل الذي كانت تشتري منه قُصف مؤخرًا، وأن العسل لم يعد متوفّرًا في القطاع، رغم أنه كان آخر ما تبقى لهم كغذاء يسد الرمق. زوجها المصاب بالسرطان، وأطفالها، وكبار السن في العائلة، جميعهم يعانون من تدهور غذائي لا يُحتمل.

فيما تصف المنظمات الدولية الوضع في غزة بالكارثي، تتزايد المؤشرات المحلية على أن المجاعة لم تعد خطرًا محتملاً بل واقعًا فعليًا. وزارة الصحة في غزة أعلنت وفاة أربعة أشخاص بينهم رضيعان صباح الثلاثاء وحده بسبب سوء التغذية ونقص حليب الأطفال والمياه الصالحة للشرب، وارتفع عدد الوفيات نتيجة هذه الظروف إلى 91 شخصًا منذ بدء الأزمة، بينهم 81 طفلًا.

المدير العام لوزارة الصحة د. منير البرش أعلن دخول قطاع غزة رسميًا في المرحلة الخامسة والأخيرة من المجاعة، محذرًا من أن الساعات القليلة المقبلة قد تشهد وفيات جماعية. التحذير ذاته أكده د. بسام زقوت من الإغاثة الطبية، مشيرًا إلى أن القطاع يشهد انهيارًا غذائيًا غير مسبوق يهدد النساء والأطفال بشكل خاص. في موازاة ذلك، تشير وكالة الأونروا إلى أن طفلًا من بين كل عشرة أطفال يعاني من سوء تغذية حاد وفقًا للفحوصات التي أجريت في عياداتها.

المفوض العام للأونروا فيليب لازاريني عبّر عن تلقيه يوميًا ما وصفها بالرسائل اليائسة من موظفين أمميين داخل غزة، مؤكدًا أن شاحنات الطعام تقف على بُعد أربعة كيلومترات فقط من القطاع، لكن الجيش الإسرائيلي يمنع دخولها منذ بداية شهر مارس. وقال مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية في الأمم المتحدة إن غزة “تُجَوَّع” عمدًا، ووصف الوضع بأنه الأسوأ على الإطلاق، مشيرًا إلى أن أكثر من مليوني فلسطيني نصفهم من الأطفال محاصرون في مساحة لا تتجاوز 11 في المئة من القطاع بسبب عمليات التهجير القسري وأوامر الإخلاء والقتال المتواصل.

في سياق متصل، بدأت تظهر أوبئة جديدة ناجمة عن تدهور الوضع الصحي والتغذوي، حيث أعلنت وزارة الصحة عن تسجيل 47 إصابة بمتلازمة غيلان باريه العصبية، بينها 18 إصابة لأطفال. هذا المرض النادر يؤدي إلى شلل تدريجي نتيجة تدمير الجهاز المناعي للأعصاب، وينتشر حاليًا نتيجة شرب المياه الملوثة وسوء التغذية وانعدام الدواء.

في مدينة غزة، يتفاقم أيضًا العطش. بلدية غزة قالت إن نصيب الفرد من المياه لا يتجاوز خمسة لترات يوميًا، وهو أقل بكثير من الحد الأدنى العالمي اللازم للشرب والطهي والنظافة. وتشير السلطات المحلية إلى أن الآبار العاملة لا تغطي سوى 12 في المئة من الاحتياجات، ما يجعل الأطفال على وجه الخصوص عرضة لأمراض قاتلة مرتبطة بالجفاف.

وفي مستشفى الشفاء، خرج قسم غسيل الكلى عن الخدمة بعد نفاد الوقود كليًا. مدير المستشفى د. محمد أبو سلمية أكد أن المستشفى تجاوز سعته السريرية بأكثر من 250 في المئة، وأن الطواقم الطبية تعاني من الإرهاق والجوع، بينما تعتمد المستشفيات على كميات ضئيلة من الوقود تصل بشكل متقطع من الجانب الإسرائيلي.

ورغم تزايد التحذيرات الدولية ومواقف الإدانة الصادرة عن عشرات الدول الغربية، يرى مراقبون أن صمت المجتمع الدولي على المجاعة المتفاقمة يعكس عجزًا أخلاقيًا وإخفاقًا سياسيًا في ترجمة التنديد إلى فعل. أما المفوض العام للأونروا، فوصف هذا الصمت بأنه تقاعس متواطئ، مشددًا على الحاجة إلى إرادة سياسية عاجلة لوقف الكارثة قبل أن تخرج تمامًا عن السيطرة.