اخر الاخبار

مسؤول بحكومة المعارضة السورية يثير الجدل: كينونة المرأة لا تتناسب مع المناصب الكبيرة

  أثار تصريح المتحدث الرسمي باسم الإدارة السياسية التابعة لإدارة...

التقويم الجامعي يحدد موعد الامتحانات النصف سنوية والعطلة الربيعية

تنطلق مطلع الأسبوع المقبل الامتحانات النصفية لطلبة الجامعات الحكومية...

طقس العراق: أمطار وغبار وتراجع بالحرارة بدءا من الجمعة المقبلة

توقعت هيئة الأنواء الجوية، اليوم الأربعاء، تفاصيل حالة الطقس...

الاحتلال يستهدف مستشفيين في غزة

أفادت وسائل إعلام فلسطينية اليوم الأربعاء، بأن الجيش الإسرائيلي...

مستشار للسوداني: واشنطن اشترطت حلَّ فصائل المقاومة.. قريباً سنطبّق هذا الشرط

أكد مستشار رئيس الوزراء، إبراهيم الصميدعي، وجود شرط أمريكي...

ذات صلة

بشار الأسد.. محطات في حياة الطبيب الذي لم يكن مخططا له أن يكون رئيسا

شارك على مواقع التواصل

كثيرة هي المحطات الرئيسية الكبرى في حياة الرئيس السوري بشار الأسد، لكن ربما كان لحادث مروري، وقع على بعد آلاف الكيلومترات من المكان الذي كان يعيش فيه، التأثير الأكبر على حياته.

إذ لم يكن من المخطط أن يتولى بشار الأسد الرئاسة خلفا لوالده لولا وفاة شقيقه الأكبر باسل في حادث سيارة قرب دمشق مطلع عام 1994، ليتم بعدها إعداد طبيب العيون، الذي كان يتلقى علومه في لندن آنذاك، لكي يكون وريثا للحكم في سوريا ويقود لاحقا البلاد خلال حرب دموية قبل أن تتمكن المعارضة أخيرا من دخول العاصمة دمشق صباح 8 ديسمبر كانون الأول 2024.

فما هي المحطات الأساسية في حياة بشار الأسد؟ وكيف تحول من طالب يدرس الطب إلى رئيس يُوصف حكمه بالسلطوي وتُتهم قواته، بارتكاب مجازر وجرائم حرب؟

ولد بشار الأسد عام 1965 لحافظ الأسد وأنيسة مخلوف.

جاءت ولادة بشار في فترة كانت عائلته وسوريا بل ومنطقة الشرق الأوسط بأكملها تشهد الكثير من التطورات الدرامية.

ففي تلك الفترة كان الخطاب القومي العروبي يهيمن على حكومات العديد من بلدان الشرق الأوسط، خاصة في مصر التي كان يحكمها الرئيس جمال عبد الناصر.

دمشق كانت أيضا تروج للقومية العربية خاصة في ظل حكم حزب البعث الذي تولى الحكم بعد فترة قصيرة من فشل الوحدة بين مصر وسوريا التي استمرت بين عامي 1958 و1961.

وكما كان الحال في مصر وأغلب البلدان العربية في تلك الفترة، لم يكن الحكم في سوريا ديمقراطيا ولم يعرف انتخابات تعددية، بينما اتخذ سياسات اقتصادية وسياسية عادت بالنفع على فئات فقيرة ومهمشة في المجتمع.

كانت الطائفة العلوية التي تنتمي إليها عائلة الأسد من بين هذه الفئات المهمشة في سوريا، بل يرى البعض أنها كانت من بين الفئات الأكثر تهميشا.

ولعبت الأوضاع الاقتصادية الصعبة للعلويين، الذين يقدر عددهم حاليا بنحو 12 في المئة من إجمالي عدد السكان، دورا في مشاركتهم بأعداد كبيرة داخل صفوف الجيش السوري بدءا من النصف الثاني من القرن العشرين.

كان الأسد الأب من أبرز العسكريين الذين صعد نجمهم في تلك الفترة بدعمه لحزب البعث، وصولا إلى تقلده منصب وزير الدفاع عام 1966.

وفي عام 1970 انفرد حافظ الأسد بالسلطة ليتولى في العام اللاحق منصب الرئيس، الذي احتفظ به حتى وفاته عام 2000، وهو الأمر الذي كان استثنائيا في تاريخ سوريا في النصف الثاني من القرن العشرين الذي شهد الكثير من الانقلابات العسكرية، منذ الاستقلال عن فرنسا.

وخلال تلك الفترة، شهدت سوريا الكثير من الأحداث الكبيرة كحرب أكتوبر/تشرين الأول 1973، والحرب الأهلية في لبنان، والمواجهات بين الحكومة السورية والإخوان المسلمين خاصة في حماة عام 1982، والحرب العراقية الإيرانية التي وقفت دمشق خلالها إلى جانب طهران، في ظل العداء بين حافظ الأسد وصدام حسين.

ويمكن القول إن حافظ الأسد قمع معارضيه، ولم يشهد حكمه أي انتخابات ديمقراطية. كما تمكن في الوقت ذاته من المناورة وعقد صفقات براغماتية سمحت له بالنجاة من العديد من التحديات والتغيرات الدولية. فعلى سبيل المثال، كانت سوريا من بين أبرز حلفاء الاتحاد السوفيتي في الشرق الأوسط، لكن هذا لم يحل دون انضمامها إلى معسكر الولايات المتحدة في حرب الخليج الثانية ضد العراق مطلع عام 1991.

في ظل كل هذه الأحداث سلك الابن بشار لنفسه طريقا بعيدا عن السياسة والجيش.

فبعد تخرجه في جامعة دمشق في ثمانينيات القرن الماضي، سافر إلى بريطانيا لمواصلة دراسته الطب؛ إذ التحق بمستشفى “ويسترن لندن لأمراض العيون” ليتخصص في هذا المجال.

 كان بشار الأسد سعيدا بالحياة في لندن بمختلف مظاهرها، وكان -على سبيل المثال- من المعجبين بالمغني الإنجليزي فيل كولينز.

وفي لندن تعرف بشار على زوجته المستقبلية، أسماء الأخرس، التي يعود أصولها إلى مدينة حمص.

كانت أسماء تدرس علوم الكمبيوتر في جامعة كينغز كوليدج ولاحقا قُبلت لدراسة ماجستير إدارة الأعمال في جامعة هارفارد الأمريكية العريقة، لكن حياتها كانت بصدد اتخاذ منحى مختلف.

وفاة الوريث

بينما بدا أن حياته بشار وأسماء ستكون هادئة نسبياً، جاء القدر مختلفاً.

كان ترتيب بشار بين أبناء حافظ الأسد هو الثاني بعد الابن الأكبر باسل، الذي كان يُنظر إليه كوريث الأب.

“الوريث” باسل درس الهندسة وكان شغوفا برياضة الفروسية وفاز بالعديد من الألقاب المحلية.

وفي يناير/كانون الثاني 1994، أودى حادث مروري بحياة باسل الأسد ما أحدث تغييرا كبيرا في حياة الشقيق بشار.

اُستدعي بشار من بريطانيا على الفور، لتبدأ لاحقا عملية إعداده ليصبح رئيسا مستقبليا لبلاده، بداية من انضمامه للجيش وصولا إلى تلميع صورته إعلاميا تمهيدا لدوره المقبل.

في يونيو/حزيران عام 2000 توفي حافظ الأسد. وبعد وفاة الأب ُنصّب الابن ذي الـ34 عاما رئيسا للجمهورية، عقب تعديل مادة في دستور البلاد كانت تشترط ألا يقل عمر الرئيس عن 40 عاما.

أدّى الرئيس الشاب اليمين الدستورية أمام البرلمان في صيف عام 2000 ، مستخدما لغة جديدة؛ إذ تحدث عن “الشفافية والديمقراطية ومسيرة التطوير والتحديث والمساءلة، والفكر المؤسساتي”.

وبعد أشهر من توليه رئاسة سوريا، تزوج بشار الأسد من أسماء الأخرس لينجبا ثلاثة أبناء هم حافظ وزين وكريم.

وبدأ الرئيس الشاب يتحدث عن عزمه القيام بإصلاحات سياسية ورفع القيود عن وسائل الإعلام. وهكذا تسلل التفاؤل إلى قلوب قطاع كبير من السوريين، الذين رأوا في الرئيس الطبيب وزوجته ذات الثقافة الغربية، دليلا على أن البلاد مقبلة على مرحلة جديدة عنوانها التغيير.

وشهدت سوريا بالفعل نوعا من النقاشات وهامشا من حرية التعبير في أوساط المثقفين بشكل لم يكن مألوفا من قبل، لتنتج المرحلة حراكا مدنيا أطلق عليه اسم “ربيع دمشق”.

“ربيع دمشق” لم يستمر طويلا ففي عام 2001 عادت أجهزة الأمن لاعتقال المعارضين الذين جهروا بآرائهم.

ورغم إجرائه بعض الإصلاحات الاقتصادية التي سمحت بمساحة أكبر للقطاع الخاص في الاقتصاد السوري، شهدت السنوات الأولى من حكم بشار الأسد، صعود نجم ابن خاله رامي مخلوف، الذي أسس إمبراطورية اقتصادية، رأى فيها معارضون تجسيدا للمزج بين المال والسلطة.

وتزامنت نهاية “ربيع دمشق” مع حقبة دولية جديدة تشكلت عقب هجمات الحادي عشر من سبتمبر/أيلول 2001 وما أعقبها من حروب أمريكية في أفغانستان والعراق.

كانت حرب العراق عام 2003 سببا في التدهور الكبير للعلاقات بين بشار الأسد وحكومات غربية، فالرئيس السوري كان من المعارضين لغزو العراق الذي قادته الولايات المتحدة، وهو ما قد أرجعه البعض إلى خشيته من أن تكون سوريا هي المحطة التالية للغزو الأمريكي، ليلقى مصيرا مشابها لمصير صدام حسين.

واشنطن بدورها اتهمت دمشق بغض الطرف عن عمليات تهريب الأسلحة إلى المسلحين المعارضين للاحتلال الأمريكي للعراق، بل والسماح بدخول المتطرفين إلى العراق عبر الحدود الطويلة بين البلدين.

وفي نهاية عام 2003 وافق الكونغرس على قانون “محاسبة سوريا” الذي سمح بفرض عقوبات على دمشق لعدة أسباب من بينها ما وُصِفَ “دعم الإرهاب”.

قانون “محاسبة سوريا”، لم يكن متعلقا فقط بدور حكومة بشار الأسد في العراق، بل كان مرتبطا بالوجود السوري في لبنان، وهو البلد الذي سيكون هو الآخر، سببا في زيادة الضغوط الدولية على الأسد.

ففي فبراير/شباط عام 2005 اغتيل رئيس الوزراء اللبناني السابق رفيق الحريري، الذي كان آنذاك من أبرز المناوئين للسيطرة السورية على لبنان.

وعقب الاغتيال، الذي وقع جراء انفجار ضخم في وسط بيروت، وُجِهت أصابع الاتهام صوب سوريا وحلفائها. واشتعلت في لبنان مظاهرات عارمة تزامنت مع الضغوط الدولية على دمشق ما أدى إلي الانسحاب السوري من لبنان بعد نحو 30 عاما من دخول القوات السورية إليه.

إقليميا، شهد العقد الأول من حكم الأسد الابن تعزيزا في علاقات بلاده مع إيران، فضلا عن تحقيق تقارب مع كل من قطر وتركيا، وهو ما سيتغير لاحقا. أما علاقته بالسعودية، فقد عرفت محطات من المد والجزر، رغم الدعم الذي قدمته الرياض للرئيس الشاب بداية حكمه.

وبشكل عام سار الأسد الابن على خطى الأب فيما يتعلق بممارسة المناورات في السياسة الخارجية، مع عدم الزج بسوريا في أي مواجهات مسلحة مباشرة.

وبعد عشر سنوات من تسلمه السلطة، كان بشار الأسد يمارس الحكم بنهج وصف بـ”السلطوي”، وأحل عناصر موالية له محل شخصيات بارزة من الحرس القديم. كذلك استمرت السلطات في قمع المعارضين وسط غياب للحرية السياسية أو التعددية.

في شهر ديسمبر/كانون الأول عام 2010 كانت أسماء الأسد تجري مقابلة مع صحفية تعمل لصالح مجلة “فوغ”، تحدثت فيها عن أن منزلها يُدار بـ “طريقة ديمقراطية”.

وفي اليوم ذاته، أقدم بائع الخضراوات التونسي محمد البوعزيزي على إضرام النار في نفسه، احتجاجا على صفعه من قبل شرطية، لتشتعل انتفاضة شعبية في تونس، تطيح بحكم الرئيس زين العابدين بن علي.

انتفاضة تونس نقلت بشكل غير متوقع روح الثورات، إلى العديد من البلدان العربية، كمصر وليبيا واليمن والبحرين وصولا إلى سوريا.

المقابلة التي نشرتها مجلة “فوغ” تحت عنوان “زهرة في الصحراء” في مارس/آذار 2011، قبل أن تعود وتسحبها لاحقا، جاء فيها أن سوريا “بلد يخلو من التفجيرات والتوترات وعمليات الاختطاف” وهو الأمر الذي سيتغير خلال الأشهر المقبلة.

ففي منتصف مارس/آذار، تظاهر ناشطون قرب سوق الحميديّة في دمشق، لكن بعدها بأيام قليلة انطلقت مظاهرات مطالبة بالديمقراطية في مدينة درعا جنوبي البلاد، بعد اعتقال أطفال، كتبوا شعارات منددة بالأسد على جدران المدينة – واستمرت تلك المظاهرات.

انتظر الأسد مرور أسبوعين على اشتعال شرارة الاحتجاجات السورية قبل أن يتوجه بخطاب للشعب السوري ألقاه أمام أعضاء البرلمان، ووعد فيه بإحباط ما أسماه بالمؤامرة التي تستهدف بلاده، رغم اعترافه بوجود حاجات لم تلب لدى قطاعات واسعة من الشعب.

إطلاق قوات الأمن النيران على المتظاهرين في درعا، أذكى المظاهرات في المدينة، لتنتشر حركة الاحتجاجات الداعية إلى تنحي الأسد في مدن عدة على مستوى البلاد، وهو ما قابلته السلطات باللجوء إلى العنف لقمع المتظاهرين، متحدثة عن وجود “مخربين ومندسين تحركهم جهات خارجيّة”.

ولم تمض بضعة أشهر حتى تحول الأمر إلى مواجهات مسلحة، بين القوات الحكومية وفصائل حملت السلاح في مناطق عدة بالبلاد.

ومع تواصل الصراع، بدأت تقديرات الأمم المتحدة لضحايا الحرب السورية، تتزايد بشكل كبير من عشرات الآلاف من الأشخاص إلى مئات الآلاف مع زيادة حدة المواجهة، في ظل تدخل قوى إقليمية ودولية في الصراع.

روسيا وإيران وجماعات مسلحة موالية لطهران، شاركت إلى جانب قوات الأسد، بينما دعمت تركيا ودول خليجية فصائل مسلحة.

ورغم أن المظاهرات المناوئة للأسد رفعت شعارات الحرية والديمقراطية دون تفرقة بين أبناء الشعب السوري على اختلاف مذاهبهم، وجد الخطاب الطائفي، الذي كان حاضرا بشكل ما قبل اندلاع الانتفاضة، طريقه إلى ما يجري في البلاد، مع اتهام قطاع من المعارضة الحكومة بموالاة العلويين على حساب الأغلبية من السنة، بينما تبنت حكومة الأسد بدورها خطابا يصف المعارضين بالإرهابيين.

ثم جاء التدخل الإقليمي في الصراع، ليذكي حديث الطائفية.

وهكذا بدأت فصائل إسلامية معارضة، تتبنى خطابا طائفيا معاديا للعلويين، بينما توافدت على سوريا فصائل مسلحة شيعية موالية لإيران، على رأسها حزب الله اللبناني، لدعم حكومة دمشق.

في ظل هذه الأجواء كان الجار العراقي يشهد سيطرة فصيل جهادي متطرف يتبنى تفسيرا متشددا للشريعة الإسلامية، حمل اسم تنظيم “داعش” في مناطق واسعة من الأراضي العراقية قبل أن يستغل الحرب المشتعلة في سوريا لفرض سيطرته على مدن سورية ويتخذ من مدينة الرقة السورية عاصمة له.

شهدت الفترة من بين عامي 2018 و2020 إبرام اتفاقات برعاية قوى إقليمية ودولية، دشنت وضعا تسيطر فيه القوات الحكومية على الجزء الأكبر من سوريا، بينما تقاسمت المعارضة المسلحة الإسلامية والجماعات المسلحة الكردية، السيطرة على مناطق واسعة في شمال وشمال شرقي البلاد.

منحت هذه الاتفاقات الأسد المزيد من الثقة؛ فالرجل الذي كانت علاقاته الخارجية قد تضررت بشكل كبير منذ بدء الانتفاضة، بات يعود تدريجيا للساحة العربية، وهو ما تجسد باستعادته مقعد سوريا في جامعة الدول العربية عام 2023، بعد سنوات من تعليق عضويتها فيها.

كما استقبل في عواصم عربية كانت قد قطعت علاقاتها الدبلوماسية معه، في حين عرفت دمشق إعادة فتح سفارات عربية عدة فيها.

ورغم الأزمات الاقتصادية التي كانت تعصف بسوريا مع بداية العقد الثالث من حكم الأسد، إلا أن الرئيس السوري بدا وكأنه نجا من أكبر تحدٍ واجه حكمه، وبدت منطقة الشرق الأوسط على موعد مع مرحلة من الهدوء النسبي، بعد سنوات من صراعات داخلية دامية.

مؤخرا بعد أن وافق حزب الله على وقف لإطلاق النار، تحولت أنظار العالم بشكل درامي إلى سوريا.

إذ شنت فصائل مسلحة سورية تقودها هيئة تحرير الشام، في اليوم ذاته الذي بدأ فيه تطبيق وقف إطلاق النار في لبنان، هجوما مباغتا على مدينة حلب، لتسيطر عليها قي وقت قياسي وتواصل تقدمها بشكل متسارع، لتسيطر على حماة، قبل ان تتمكن من السيطرة على دمشق لتسقط حكم الأسد.

وهكذا فإن بشار الذي حاربت قواته على مدار 13 عاما انهارت في أيام ما وضع نهاية لحكم آل الأسد الذي استمر 54 عاما.