فتحت منظمة الأمم المتحدة، اليوم الأربعاء تحقيقاً بشأن تقارير صحفية تحدثت عن طلب موظفين في البرنامج الإنمائي “رشاوى”٫ مقابل منح عقود مشاريع الإعمار لرجال الأعمال.
وأفاد برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، في بيان اطلعت عليه منصة “ايشان”، بأنه “استجابةً لما ورد في المقال الذي نُشرَ مؤخراً في صحيفة الغارديان البريطانية بشأن برنامج إعادة الاستقرار للمناطق المحررة التابع لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي في العراق، يود برنامج الأمم المتحدة الإنمائي التصريح بأننا نأخذ جميع الادعاءات على محمل الجد ونحقق فيها على وجه السرعة، وسنتخذ إجراءات حازمة ومناسبة إذا ثبت صحة أي من هذه الادعاءات”.
وتابع: “لا يتسامح برنامج الأمم المتحدة الإنمائي مطلقاً مع الاحتيال والفساد، وينطبق هذا على جميع موظفي برنامج الأمم المتحدة الإنمائي والموظفين غير التابعين له والموردين والشركاء المنفذين والأطراف المسؤولة”.
وأوضح البيان أن “عدم التسامح المطلق لا يعني عدم وجود مخاطر. لقد كان برنامج الأمم المتحدة الإنمائي شفافاً مع المانحين والشركاء وعامة الشعب بشأن المخاطر والتحديات التشغيلية التي تلت أعواماً من الصراع في العراق”.
ولفت إلى أنه “يتم تقييم أي ادعاء بالرشوة أو الفساد أو الاحتيال بشكل شامل، وحيث يكون ذلك مناسباً، يتم التحقيق فيه من قبل مكتب التدقيق والتحقيقات المستقل التابع لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي”.
وأشار إلى أنه “فيما يتعلق ببرنامج إعادة الاستقرار للمناطق المحررة وبناءً على تعقيد البرنامج ونطاق عمله الواسع ووفقاً لأفضل الممارسات ايضاً نفذ برنامج الأمم المتحدة الإنمائي سلسلة من إجراءات الرصد والمراقبة الإضافية إلى جانب البروتوكولات القياسية التي تشمل من بين أمور أخرى، إنشاء مركز خدمة عمليات متخصص لبرنامج إعادة الاستقرار للمناطق المحررة في عام 2015 لإدارة مسائل المشتريات والعمليات التشغيلية المعقدة، بما في ذلك توفير العناية الواجبة والرقابة”.
وأكمل البيان “يراقب فريق مخصص للتقييم والمتابعة منذ عام 2015 أثر ونتائج برنامج إعادة الاستقرار للمناطق المحررة ويعمل على إجراء عمليات التحقق بصورة مباشرة للمشاريع على الأرض، ويقدم الدعم لفرق المراقبة التابعة لجهات خارجية، إضافة الى مهام أخرى،، وجود محقق من مكتب التدقيق والتحقيقات المستقل مخصص لمراقبة هذا المشروع وهو المسؤول عن إجراء التحقيقات التي تتعلق بجميع الادعاءات التي تتعلق ببرنامج إعادة الاستقرار للمناطق المحررة بشكل شامل”.
وأشار إلى انه “تم إجراء عمليات تدقيق للمشاريع كل عام للفترة 2019-2022، وشملت عمليات التدقيق هذه مشاريع بكلفة تبلغ قيمتها أكثر من مليار دولار أمريكي من التخصيصات المالية المخصصة لمشاريع برنامج إعادة الاستقرار للمناطق المحررة، كما قام مكتب التدقيق والتحقيقات المستقل بتدقيق عمليات المكتب القطري بشكل شامل في عام 2023”.
وقال البيان، إن “جميع عمليات تدقيق مكتب التدقيق والتحقيقات المستقل متاحة للجميع المواطنين على موقعه الإلكتروني”.
وأوضح بالقول “إننا في برنامج الأمم المتحدة الإنمائي نعبر عن تصميمنا المستمر على اتخاذ إجراء بشأن حالات المخالفات، وبهذا الصدد فقد تعامل مكتب التدقيق والتحقيق المستقل وعلى مدى السنوات الثماني الماضية مع أكثر من 130 حالة متعلقة بعمل برنامج إعادة الاستقرار للمناطق المحررة، وتم تقديم هذه الحالات او القضايا من قبل موظفينا وجهات ثالثة من الهيئات الرقابية الخارجية الى مكتب التدقيق والتحقيقات المستقل، واتخذت إدارة برنامج الأمم المتحدة الإنمائي إجراءات سريعة استجابة لذلك”.
ورحّب برنامج الأمم المتحدة الإنمائي بـ”كل الراغبين بالتدقيق في مشاريعنا وبرامجنا – ونحن كمؤسسة عامة فإننا ملزمون بأن نخضع لمساءلة شركائنا والمواطنين والإعلام”.
وبيّن أنه في عملنا في العراق ضمن برنامج إعادة الاستقرار للمناطق المحررة، فإننا لدينا مجموعة صارمة من الإجراءات لإدارة المخاطر التي ترافق العمل في مثل هذه البيئة الصعبة، ونواصل تعزيز هذه الإجراءات بالتعاون الوثيق مع مكاتب التقييم والتحقيق المستقلة”، متابعاً “مرة أخرى فإننا نعبر عن تمسكنا بالتزامنا القوي بدعم حياة ملايين الأشخاص في العراق و الحفاظ على ثقة الجميع من الذين يعملون معنا”.
وقدّم البرنامج لمحة عما أنجزه برنامج إعادة الاستقرار للمناطق المحررة، قائلاً: “في عام 2015، وبناءً على طلب حكومة العراق وبمساعدة مجتمع المانحين الدولي، أنشأ برنامج الأمم المتحدة الإنمائي في العراق برنامج إعادة الاستقرار للمناطق المحررة لتنفيذ برنامج يتسم بالخطى الثابتة والمتسارعة للقيام بأنشطة إعادة الإعمار التي قدمت الفائدة الى ملايين المواطنين العراقيين حتى الآن”.
وختم بالقول: “مكّن البرنامج من عودة ما يقرب من خمسة ملايين عراقي نازح من أصل ستة ملايين والذين كان من الممكن أن يظلوا عالقين في مخيمات النازحين لسنوات طويلة لولا هذه المشاريع الهادفة، ومن خلال إنجاز أكثر من 3,600 مشروع أصبحت المجتمعات العراقية التي يسكن فيها حوالي 8.3 مليون شخص، قادرة الآن على الحصول على الخدمات الأساسية التي تمت إعادة بنائها أو تأهيلها بما في ذلك المدارس والمستشفيات وشبكات المياه والكهرباء والإسكان والطرق”.
ويوم أمس كشفت صحيفة “الغارديان” البريطانية، عن تفاصيل صادمة تتعلق بطلب موظفين لدى الأمم المتحدة في العراق رشاوى مقابل منح عقود المشاريع إلى رجال الأعمال.
وقالت الصخيف؛ في تقرير لها ترجمته “ايشان”، إن “المبلغون عن تلك المخالفات يدعون أن مبالغ كبيرة تضيع بسبب الفساد في العراق حيث يفشل المانحون في تتبع الإنفاق على إعادة الإعمار”.
وتضيف، أن “برنامج الأمم المتحدة الإنمائي أطلق برنامج إعادة الإعمار بقيمة 1.5 مليار جنيه إسترليني بعد هزيمة تنظيم داعش في العراق ولكن تم إهدار الكثير”، كما يدعي المطلعون.
ونقلت الصحيفة عن مصادرها قولهم، إن “الموظفين العاملين في الأمم المتحدة في العراق يطالبون برشاوى مقابل مساعدة رجال الأعمال على الفوز بعقود مشاريع إعادة الإعمار بعد الحرب في البلاد”.
تلك الرشاوى المزعومة هي واحدة من عدد من ادعاءات الفساد وسوء الإدارة التي كشفت عنها “الغارديان” في مرفق تمويل تحقيق الاستقرار، وهو مخطط لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي تم إطلاقه في عام 2015 ويدعمه 1.5 مليار دولار من 30 مانحا، بما في ذلك المملكة المتحدة”.
وتشير إلى أنه “منذ الغزو الذي قادته الولايات المتحدة عام 2003، ضخ المجتمع الدولي مليارات الدولارات من المساعدات إلى العراق، بعد عشرين عاما، لا تزال البلاد تعاني من ضعف الخدمات والبنية التحتية، على الرغم من كونها رابع أكبر منتج للنفط في العالم وتولد رقما قياسيا قدره 115 مليار دولار من عائدات النفط في العام الماضي”.
وبحسب الصحيفة، فإن برنامج الأمم المتحدة الإنمائي قال في بيان له إن لديه “آليات داخلية تمنع وتكتشف الفساد وسوء الإدارة، مدعومة بإجراءات امتثال قوية وضوابط داخلية”.
لكن المقابلات مع أكثر من عشرين من موظفي الأمم المتحدة الحاليين والسابقين والمقاولين والمسؤولين العراقيين والغربيين تشير إلى أن الأمم المتحدة تغذي ثقافة الرشوة التي تغللت المجتمع العراقي منذ الإطاحة بصدام حسين في عام 2003، وفق الغارديان.
