تتداول الأوساط السياسية والإعلامية، خلال الساعات الماضية، أنباءً عن احتمال إنهاء مهمة مبعوث الرئيس الأميركي دونالد ترامب إلى العراق، مارك سافايا، بعد سلسلة مواقف وبيانات وتغريدات كثّف فيها رسائله تجاه الداخل العراقي، وخصوصاً في ملفات السلاح والسيادة والإصلاح والدعم الأميركي.
الجدل بدأ بعد ظهور سافايا في فيديو “سيلفي” إلى جانب رئيس الوزراء محمد شياع السوداني خلال مناسبة عيد ميلاده، في مشهد غير مألوف لدبلوماسي، قبل أن تتوالى رسائله السياسية العلنية بوتيرة لافتة، وصولاً إلى تصريحات مباشرة بشأن مستقبل العراق الأمني والسياسي.
بعد إعلان نتائج الانتخابات، هنّأ المبعوث الأميركي الشعب العراقي على نجاح الانتخابات البرلمانية، مؤكداً أنهم “أثبتوا مرة ثانية التزامهم بالحرية وسيادة القانون وبناء مؤسسات دولة قوية”، ومشيداً بجهود رئيس الوزراء وحكومته على “حرصهم على إجراء الانتخابات في موعدها وبسلاسة”. وفي السياق ذاته، جدد سافايا أن الولايات المتحدة “تبقى ملتزمة بشكل قوي بدعم العراق وسيادته وجهوده في الإصلاح”.
لكن رسالته الأبرز جاءت في بيان مطوّل أصدره في 31 أكتوبر 2025، قدّم فيه رؤيته لمستقبل العراق، قائلاً إن “استقرار البلاد وازدهارها لن يتحققا ما لم تُحصر الأسلحة بيد الدولة وتكون القوات الأمنية موحدة تحت قيادة الحكومة المركزية”. وشدد على أن العراق “بحاجة إلى قوات تعمل تحت راية واحدة تمثل جميع العراقيين، فبدون هذه الوحدة ستبقى السيادة والتقدم في خطر”.
وأشار سافايا في البيان إلى أن الحكومة العراقية “اتخذت خلال السنوات الثلاث الماضية خطوات مهمة لتوجيه البلاد نحو المسار الصحيح سياسيًا واقتصاديًا”، معتبراً أن العراق “بدأ يستعيد مكانته كدولة ذات سيادة تقلّص من التأثيرات الخارجية، وتعمل على وضع السلاح بيد المؤسسات الرسمية، وفتح الأبواب أمام الاستثمارات لإعادة بناء البنى التحتية”. وأضاف أن “الطريق ما زال طويلاً، والعراق بحاجة إلى دعم متواصل للبقاء على هذا النهج”، مؤكداً أن “مستقبل الشعب العراقي والمنطقة يعتمد على عراق مستقل القرار، خالٍ من التدخلات الخارجية، ومكرّس لخدمة مواطنيه”.
وفي سياق متصل، دعا المبعوث الأميركي إلى “تعزيز التعاون بين الحكومة الاتحادية والإقليم لضمان الأمن والنمو الاقتصادي والتماسك الوطني”، معتبراً أن العراق “بلد محوري في المنطقة، ويجب أن يؤدي دوره الطبيعي في دعم السلام والاستقرار”.
وبتاريخ 7 تشرين الثاني، نشر سافايا تغريدة جديدة حملت خطاباً أكثر حدّة، قال فيها إن مستقبل العراق “يبدو مشرقاً بفضل شعبه الموهوب والنابض بالحياة”، لكنه شدد على ضرورة أن يمضي العراق نحو مستقبل “قوي ومستقل وخالٍ من الميليشيات المدعومة من الخارج”، مؤكداً استمرار دعم الولايات المتحدة لهذا المسار.
هذه الرسائل أثارت تفاعلاً داخل الساحة السياسية، ما دفع السياسي العراقي عزّت الشابندر إلى توجيه رسالة مفتوحة لسافايا، شكره فيها على تهنئته ودعم بلاده لسيادة العراق، لكنه انتقد “التدخلات الأميركية” في الملف العراقي، وخصوصاً في ما يتعلق باحتجاز الأموال، ومعاقبة المصارف، والتحكم بالعلاقات الخارجية، ومراقبة القادة السياسيين، والتأثير في نتائج العملية الديمقراطية. وختم الشابندر بالقول إن على سافايا إدراك “حجم ودقة مهمته” في التعامل مع الملف العراقي.
وتأتي كل هذه المواقف وسط تزايد التسريبات التي تتحدث عن احتمال إنهاء مهمة سافايا في بغداد، دون صدور تأكيد رسمي حتى اللحظة من واشنطن أو بغداد بشأن مستقبل المبعوث الأميركي ودوره في المرحلة المقبلة.
