عاد مقطع قصير التُقط في يوم الانتخابات داخل فندق الرشيد إلى التداول مجددًا، يظهر فيه وزير العمل أحمد الأسدي وهو يتوقف عند وزيرة المالية طيف سامي في لقاء خاطف، ليسألها عن أمرٍ لم تتضح تفاصيله آنذاك. ردّت الوزيرة بعبارة ساخرة، اكتفت فيها بكلمة “بكيفي”، قبل أن يواصل الطرفان طريقهما وسط ضجيج القاعة.
ذلك المشهد الذي مرّ عابرًا في ذلك اليوم عاد إلى الواجهة بقوة بعد تصريحات الأسدي الأخيرة بشأن صندوق الرعاية الاجتماعية، حين كشف عن تفاجئه بسحب مبالغ ضخمة من حساب الصندوق، رغم أنه كان يضم أكثر من تريليونين وخمسمئة وثلاثين مليار دينار. الوزير وجّه الاتهام إلى وزارة المالية ومصرف الرافدين، ملمحًا إلى احتمال استخدام تلك الأموال لتغطية رواتب الموظفين في فترات انخفاض أسعار النفط.
تسارع الأحداث، وظهور التضارب بين الروايات الرسمية، دفع كثيرًا من الناشطين إلى ربط فيديو الرشيد بالجدل الحالي، معتبرين أن ردّ “بكيفي” صار مفتاحًا رمزيًا لفهم العلاقة المضطربة بين الوزارتين في إدارة المال العام.
وزارة المالية خرجت لتقول إن الأموال لم تُسحب بل جرى تجميد الحساب وفق الإجراءات القانونية، وإن وزارة العمل لم تتابع رصيدها ولم تُجرِ المطابقة المصرفية، مشيرة إلى رصد فرق التدقيق استخدامات غير نظامية للحساب خلال السنوات الماضية.
في المقابل، أكدت وزارة العمل أن تصريحات الأسدي فُهمت خطأ، وأن رصيد صندوق الحماية ثابت ومثبت رقميًا، وأن حديث الوزير يتعلق بالسيولة المصرفية وليس بفقدان الأموال.
وسط هذا السجال، رسم الخبير الاقتصادي نبيل المرسومي صورة أكثر تعقيدًا للوضع المالي، متوقعًا أن خيارات الاستدانة الداخلية وصلت حدّها الأقصى، ومعها قد تضطر الحكومة إلى خفض قيمة الدينار، بما يفتح الباب أمام احتمالات وصول الدولار إلى 200 ألف دينار وتضخم يصيب المواد والخدمات.
ومع تصاعد التفسيرات وتراشق البيانات، عاد مقطع الرشيد يتنقّل بين الصفحات، وكأنه وثيقة رمزية تكثّف توترًا أعمق: سؤال خافت لم يُفهم، وردّ ساخر لخص جزءًا من العقلية المالية التي تحكم مفاصل الدولة، ليبقى المشهد مفتوحًا على مزيد من التأويل… ومزيد من الأسئلة التي لا تجد جوابًا واضحًا.
