في السنوات الأخيرة، ومع توسّع ظاهرة التسوّق الإلكتروني في العراق، برز تطبيق “بيور بلاتفورم” كواحد من أشهر المنصات التي روّجت لنفسها عبر الإعلانات والمؤثرين بوصفها “بوابة للشراء العالمي بخصومات كبيرة ونظام نقاط مجزية”. غير أن هذا البريق سرعان ما خفت، بعد أن تحوّل التطبيق إلى مصدر غضب واسع بين المستخدمين، إثر شكاوى متكررة عن تأخير الطلبات، واحتجاز أموالهم دون استرجاع، وسط صمت إدارة التطبيق واختفائها التدريجي عن المشهد.
الضجة الأخيرة حول “بيور بلاتفورم” تفجّرت بعد مقطع مصور نشره صانع المحتوى التقني حسين الجزائري على حسابه في “إنستغرام”، قال فيه بندم واضح: “قبل خمس سنوات صنعت فيديو مجاني لدعم تطبيق بيور بلاتفورم، وهذا شيء أأسف عليه”.
وأوضح الجزائري أنه في بدايات المشروع كان التطبيق يعمل بطريقة صحيحة ومنظمة، لكنه اكتشف لاحقًا أن الأمور انحرفت عن مسارها.
وأضاف: “بينما انشغلت عن الموضوع، وجدت أنهم يختلفون على الناس، تكلمت معهم بأسلوب حاد، وقلت لهم أنتم جشعين وحرامية، لأنهم أحرجوني أمام جماهيري”.
وأردف: “قالوا إن لديهم إشكالات قانونية، ورغم كل هذه الشكاوى، فإنهم لم يعطلوا خاصية الشراء حتى هذه اللحظة”.
الجزائري شدّد في الفيديو ذاته على أنه لا يمتلك أي علاقة حالية بإدارة التطبيق ولا يتحمل مسؤولية ما يحدث، داعيًا المشتركين إلى “سحب أموالهم فورًا”، وإن لم يكن لديهم رصيد داخل التطبيق فعليهم “حذفه نهائيًا”.
كما دعا من لم تُسترجع أموالهم إلى “التجمّع عبر مجموعات في فيسبوك ورفع دعوى قضائية جماعية لاسترداد الحقوق”.
تصريحات الجزائري وجدت صدى واسعًا بين العراقيين، وفتحت الباب أمام سيل من الشهادات من مستخدمين خسروا مبالغ متفاوتة. التعليقات التي انهالت على الفيديو كانت مليئة بالغضب واليأس، تكشف عن معاناة مئات المواطنين الذين وقعوا ضحية لتجربة “بيور بلاتفورم”.
كتب خالد الحسان قائلًا: “نفس الحالة عندي طلب صارله أكثر من 3 أشهر، لغيتة ودأنتظر الفلوس!!”. أما سلفر أنجل فعلّق بغضب: “من أسوأ الناس اللي اتعاملت وياهم بكل عمري… آخر أوردر كنسلته وحتى فلوسه ما رديتهم، كد ما تعبت نفسيتي”.
بينما روت شمس تجربة أكثر مرارة: “للأسف أنا أحد الناس اللي وقعوا بهذا الموضوع، بمبلغ ألف دولار بحسابي يمهم، ومو بس هيج، وإنما حتى حساب الشغل جان نسوي يمهم أوردرات، الحساب واصل 12 مليون، وبعد أشهر وصلونا جزء من الطلب اللي طالبينه من شهر 4”.
الصدمة لم تتوقف هنا، إذ قال المهندس مرتضى: “قبل 6 أشهر آخر طلب طلبته، جانو جدًا سريعين، بس هسه تفاجأت إنهم هيج جاي يسوّون”. أما كرار فعبّر عن حيرته: “ياخي شنو السبب اللي خلاهم يصيرون هيج؟ جان تطبيق حلو، آلاف الشباب جانت تطلب منهم وتتعامل وياهم، ليش هيج سوّوا؟ يعني متعاجزين يشتغلون؟”.
التعليقات امتدت أيضًا لتوثّق فترات المشكلة، إذ أشار محمد المختار إلى أن “المشكلة يمكن مستمرة من شهر 7 أو شهر 8 ولحد هسه”، فيما كتبت بدرية الحمد: “أكثر من 150 دولار بذمتهم ما مرجعيها لهسه صارلها 3 أشهر”.
أما فرح فذكرت تفاصيل قانونية لافتة: “أقمنا دعوى بالأمن الوطني والمحكمة، والفروع كلها مغلقة، قدمنا شكوى وننتظر الحكومة تتصرف”.
رغم تصاعد الغضب الشعبي، لا تزال إدارة التطبيق، التي لها مقرات في بغداد (مغلقة الآن)، تلتزم الصمت، دون إصدار أي توضيح رسمي أو بيان يشرح مصير أموال المستخدمين أو سبب تعطّل خدماتهم.
ماذا يدعي “بيور بلاتفورم”؟
يقدّم تطبيق “بيور بلاتفورم” (Pure Platform) نفسه بوصفه منصة تسوّق عالمية متكاملة، تتيح للمستخدمين شراء منتجات من متاجر دولية بأسعار مخفّضة، مع إمكانية جمع نقاط مكافآت تُعرف باسم Kidus Points يمكن تحويلها إلى خصومات على المشتريات المقبلة. ويؤكد القائمون عليه أنّ التطبيق يعمل كجسر بين العلامات التجارية الكبرى والمستهلكين في الشرق الأوسط، عبر واجهة استخدام سهلة، وخيارات دفع متعددة تشمل البطاقات الإلكترونية والمحافظ الرقمية، مع وعودٍ بشحنٍ سريع وتتبّع مباشر للطلبات.
بحسب ما يعلنه التطبيق في موقعه الرسمي، فإن “بيور بلاتفورم” يسعى إلى “جعل التسوق أكثر عدالة وشفافية”، من خلال منح المستخدمين فرصة كسب النقاط والمكافآت عن كل عملية شراء أو تفاعل داخل المنصة، إضافة إلى تنظيم حملات تخفيضات دورية بالتعاون مع متاجر عالمية. كما يزعم أنه يلتزم بأعلى معايير حماية الخصوصية، ويمنع بيع بيانات المستخدمين أو مشاركتها، مؤكدًا أن هدفه الأساسي هو “تقديم تجربة رقمية آمنة ومجزية تشجّع على الثقة في التجارة الإلكترونية”.
