في تغيّر طرأ على السياسة الداخلية للكيان الصهيوني، قد نشهد خلال الأيام القليلة المقبلة، رضوخ حكومة المتطرف بنيامين نتنياهو لصفقة مع فصائل المقاومة، تنهي آلة القتل العشوائية في فلسطين ولبنان.
هذا التحول، يأتي بفعل الخسائر التي تعرض لها الكيان الصهيوني خلال حربه، منذ بدء عملية طوفان الأقصى، سواء في الجبهة الداخلية، أو جنوب لبنان، وفقدانه أعداداً كبيرة من الجنود والضباط، فضلاً عن تدمير آلياته ودباباته.
وبعد مسرحية الرد على الهجوم الإيراني، والتي فضحت سلطة الاحتلال في تخوفها من تهديدات طهران، وجد نتنياهو نفسه أمام خيار واحد، وهو الرضوخ لصفقة قد توقف عدوانه على غزة ولبنان.
وفي وقت سابق من اليوم، أعلن وزير دفاع الكيان، يوآف غالانت أنه يجب تقديم “تنازلات مؤلمة” لتأمين استعادة الأسرى في قطاع غزة، مشيرا إلى أن العمليات العسكرية وحدها لن تحقق أهداف الحرب.
وقال غالانت: “لا يمكن تحقيق جميع الأهداف من خلال العمليات العسكرية وحدها، للقيام بواجبنا الأخلاقي بإعادة رهائننا إلى منازلهم، سيتعين علينا تقديم تنازلات مؤلمة”.
وتأتي هذه التصريحات التي تعبر عن تغييرات في موقف الكيان من الحرب توجه رئيس جهاز الاستخبارات الإسرائيلي “الموساد”، دافيد برنياع، إلى العاصمة القطرية الدوحة، اليوم الأحد، للقاء مدير الاستخبارات المركزية الأميركية، وليام بيرنز، ورئيس الوزراء القطري، محمد بن عبد الرحمن بن جاسم آل ثاني.
ويأتي هذا الاجتماع بالتزامن مع إحياء إسرائيل ذكرى مرور عام على أحداث السابع من أكتوبر حسب التقويم العبري، ووسط ضغوط متزايدة من عائلات الأسرى التي خرجت في مظاهرة جديدة، مساء أمس السبت، في تل أبيب.
وطالب المتظاهرون نتانياهو بمنح فريق التفاوض تفويضا واسعاً للتوصل إلى اتفاق شامل، يضمن إطلاق سراح جميع الأسرى في عملية تبادل واحدة.
وجاء في بيان سابق من مكتب رئاسة الوزراء، أن الجولة الجديدة من المحادثات ستتناول الإمكانيات المختلفة لتحريك عجلة المفاوضات لإطلاق سراح الأسرى على خلفية التطورات الأخيرة في المنطقة.
وأعلنت الولايات المتحدة وقطر، الخميس، استئناف المفاوضات بشأن وقف لإطلاق النار في غزة.
فيما قال وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن من الدوحة، إن الوسطاء يبحثون خيارات جديدة بعد أشهر من المراوحة في مساعي التوصل إلى هدنة استنادا إلى مقترح أميركي.
وفشلت أشهر من المفاوضات بوساطة قطر ومصر والولايات المتحدة في وقف القتال بين حماس وإسرائيل، باستثناء هدنة لمدة أسبوع واحد بدأت أواخر نوفمبر.
أكثر من شهر مر، وجنود الاحتلال ما زالوا عند الحدود اللبنانية الجنوبية، ولم يحتلوا أي بلدة أو قرية، بسبب المواجهة الشرسة مع “أبناء هاشم”، اللقب الذي أُطلق على مقاومة لبنان.
في العام 1982، احتاج جيش الاحتلال الصهيوني إلى ثلاثة أيام فقط، للوصول من الحدود بين لبنان وفلسطين، إلى مشارف العاصمة بيروت.
أمّا اليوم، فلم يستطع جنود الاحتلال الصهيوني، رغم دباباتهم وقصفهم بطائراتهم الحديثة، أن يتقدموا داخل الأراضي اللبنانية، ولم يسيطروا على أي بلدة في الجنوب.
وقال رئيس أركان جيش الاحتلال: “يمكن إنهاء الحرب على جبهة لبنان لأنه تم القضاء على القيادة العليا لحزب الله”، التصريح الذي يلمح إلى قرب إنهاء الحرب البرية، دون أن تحقق أياً من أهدافها.
حزب الله قال في في وقت سابق: “تؤكد غرفة عمليات المقاومة الإسلامية، أن جيش العدو لم يتمكن من إحكام سيطرته بشكل كامل أو احتلال أي قرية من قرى الحافة الأمامية في جنوب لبنان”.
حزب الله، ورغم تعرض أغلبية قياداته إلى اغتيالات شنتها غارات صهيونية، أدت إلى استشهاد الأمين العام للحزب، السيد حسن نصر الله، وخليفته السيد هاشم صفي الدين، وبقية القيادات العسكرية، إلا أنه ما زال صامداً في الميدان، لم يتمكن منه العدو، ولم يهزهم بأي هجوم.
على الأرض، ما زال سلاح أبناء هاشم، يقتل جنود الاحتلال، ورغم تكتم جيش العدو عن إظهار الإحصائيات بعدد القتلى، لكن الصور تظهر ما يتعرض له الصهاينة على جنوب لبنان.
ويتقدم جنود الاحتلال إلى لبنان، وهم مُجهّزين بأحدث الأسلحة والتقنيات، ولكنهم يُصدمون بالمقاومة التي يصر عليها المقاتلون في حزب الله.
فضلاً عن الأرض التي لا تهدأ بمقاومة المقاتلين في حزب الله، فإن السماء في الأراضي المحتلة، تمطر يومياً صواريخ قادمة من جنوب لبنان.