“كأنه يوم من أيام محرم”، يقول أبو أنور، الرجل الخمسيني وهو يقطع الطريق متوجها لمجلس عزاء، أقيم على روح نصر الله، في منطقة الصالحية وسط مدينة الناصرية.
شوارع مدينة الناصرية بدت صباح اليوم الأحد خالية، إثر تعطيل الدوام في محافظة ذي قار حدادا على فقد الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله.
“حينما استيقظت اليوم، سألتني زوجتي: هل استشهد فعلا نصر الله؟ قلت لها أنا لا أصدق ذلك أيضا”، يتنهد أبو أنور ويكمل طريقة.
“صالح بعد صالح”
على بعد حي سكني واحد، يقيم أكبر موكب لعزاء الشور في مدينة الناصرية مجلس عزاء ليومين متتاليين بدءا من التاسعة من صباح اليوم.
وجاء في التعزية التي نشرها الموكب الذي ينأى بنفسه عن المشاركة بالقضايا السياسية: “اسفنا على أهل الحق صالح بعد صالح”.
وأضاف: “بقلوب تمتلئ بحزن محمد وآل محمد صلوات الله عليهم اجمعين ننعى ذريتهم الذي ارتقى شهيداً دفاعاً عن أهم قضية لنصرة الإنسان والإيمان فصار رمزاً للثائرين الأحرار بل من أهمهم في التاريخ الحديث جناب السيد حسن نصر الله رحمة الله عليه وبذلك نقيم مجلس العزاء (الفاتحة) في حسينية عزاء الناصرية الموحد وليومين متتاليين الأحد والاثنين”.
“هبّوا يا انصار الحسين لنصرة المظلوم”
يشار إلى أن موكب العزاء الموحد كان قد افتتح أبوابه قبل أيام لجمع التبرعات للشعب اللبناني، بعد الفتوى التي أطلقتها المرجعية العليا المتمثلة بمرجع الطائفة، علي السيستاني لـ”بذل كل جهد ممكن” لمساعدة لبنان، وجاء في بيان الموكب: “امتثالاً للمرجعية الرشيدة في النجف الاشرف وكل احرار العراق وانتصارا للضمير الانساني ومن اجل لبنان بلد الشجعان وشهدائها وجرحاها والمظلومين فيها.. أبواب حسينية عزاء الناصرية الموحد مفتوحة لاستقبال كل المواكب والمنظمات والفرق الانسانية للتبرع بالدعم اللوجستي للشعب اللبناني الجريح”.
“هبّوا يا انصار الحسين لنصرة المظلوم”، نداء أطلقته حسينية العزاء الموحد.
مجلس عزاء آخر أقيم في مجمع تينة، في مركز مدينة الناصرية، فضلا عن مجالس العزاء التي أقيمت في الأقضية الأخرى كقضاء الإصلاح وسوق الشيوخ.
أما جامعة العين الأهلية، فأقامت وقفة عزاء في العاشرة من صباح اليوم، شارك في الأساتذة والطلبة.
ويستعد أهالي الناصرية لتشييع موحد في الساعة الخامسة من عصر اليوم، انطلاقا من بداية طريق “ياحسين”، وصولا إلى خطوة الإمام علي.
أما الشاب محمد صباح، هو طالب في جامعة العين، قال إنه سيشارك في التشييع الموحد مساء اليوم: “صوته يتردد برأسي منذ إعلان استشهاده: كما أعدكم بالنصر دائما، أعدكم مجددا”، وتساءل محمد: “مَن يعدنا بالنصر بعد الآن؟”.
فيما يستذكر أحمد جبار، الشاب الثلاثيني ذكريات قديمة عن تأثير نصر الله في جيله، يقول: “أمر لا يمكن استيعابه، إنها سنوات طويلة وعشرة عمر، أتذكر بعد 2003، حينما اقتنينا الهواتف، كنا جميعا نضع عبارته الشهيرة (وصلتني رسالتكم) نغمة للتنبيه على وصول الرسائل في هواتفنا”.
وفي مساء يوم أمس، شهدت عدة محافظات عراقية احتجاجات غاضبة على اغتيال نصر الله، أبرزها ما شهدته العاصمة بغداد حينما حاول المحتجون اقتحام المنطقة الخضراء باتجاه السفارة الأمريكية.
المئات في الناصرية، شاركوا ليلة أمس في مسيرة عفوية، رفعوا خلالها نعشا رمزيا للراحل، وهتفوا بأهزوجة: “نموت وما نتراجع.. والله المذهب ما ننطيه”.
يشار إلى أن العراق أول دولة عربية تعلن الحداد على نصرالله، إذ أعلن مكتب رئيس الوزراء محمد شياع السوداني، السبت، الحداد 3 أيام في البلاد.