اخر الاخبار

على حدود العراق.. مناورات إيرانية لعمليات الرد السريع

  أعلنت السلطات الإيرانية، اليوم السبت، إطلاق المرحلة الأولى من...

تقرير بريطاني يتحدث عن “حرب مائية” أهلية وإقليمية

حذرت صحيفة "تيلغراف" البريطانية، من حدوث ما وصفته بـ"عملية...

ذات صلة

خمس سنوات على الغياب.. حين ثُلمَ العراق بجماله وفقدت إيران لمعة عين ثورتها

شارك على مواقع التواصل

 

“إن الاعتداء الغاشم بالقرب من المطار الدولي بما مثله من خرق سافر للسيادة العراقية، وانتهاك للمواثيق الدولية، أدى إلى استشهاد عدد من أبطال معارك الانتصار على الإرهابيين الدواعش، إن هذه الوقائع وغيرها تنذر بأن البلد مقبل على أوضاع صعبة جداً”… المرجع الديني الأعلى السيد علي السيستاني..
زهاء خمس سنوات وجرح الشهداء قادة النصر لم يندمل وما زال الألم يعتصر قلوب العراقيين والمسلمين جميعاً من جراء ما آلت إليه الجريمة الأمريكية الشنيعة قرب مطار بغداد الدولي بحق “قليل من الآخرين” نذروا حياتهم لأجل الوطن والقضية الإسلامية.
حادثة فجع العراقيون بها عام 2020 تمثلت باغتيال الشهيدين القائدين نائب رئيس هيئة الحشد الشعبي أبو مهدي المهندس وقائد فيلق القدس الجنرال الحاج قاسم سليماني ورفاقهما، في تعد سافر وغادر بعد أن فشلت أيادي الإرهاب والاحتلال من النيل منهما في سوح المعارك.
في مطار بغداد
في الساعة الثانية عشرة وثلاث وثلاثون دقيقة من صباح يوم الجمعة الموافق 3/1/2020 طائرة سفر آيرباص سورية تابعة لأجنحة الشام من طراز A320 تهبط في مطار بغداد الدولي على المدرج المقابل للبوابة 23 لصالة سامراء.
عند حلول الساعة الثانية عشرة وتسع وثلاثين دقيقة صباحا يفتح باب الطائرة بالتزامن مع دخول مركبتين عبر بوابة الشحن الجوي K1، حيث وقفت المركبتان بشكل متعاكس ليصعد إلى الطائرة اثنان من وفد الاستقبال بينما كان جمال العراق بانتظار فارس كرميان داخل إحدى المركبتين.
عند تحرك الموكب إلى خارج المطار وبينما تسير المركبات قرب الحاجز الأمني أقدمت ثلاث طائرات مسيرة من طراز MQ – 9 REAPER ، كانت قد دخلت الأجواء العراقية في وقت سابق، على قصف العجلات بثلاثة صواريخ من طراز Hellfire يزن كل واحد منها 45 كغم.
اصوات انفجارات مجهولة تهز شوارع العاصمة بغداد اعتقد للوهلة الأولى أنها ناتجة عن هجوم بصواريخ كاتيوشا لتظهر بعدها صور أولية لمركبتين تشتعل النيران فيهما قرب مطار بغداد الدولي لتشتعل مواقع التواصل الاجتماعي وسط تضارب الأنباء عن تفاصيل الحادث والشخصيات المستهدفة لكن سرعان ما تبدل الوضع واتسع الأمر لتعلن مديرية إعلام الحشد الشعبي استشهاد أبو مهدي المهندس والحاج قاسم سليماني وثلة من رفاقهما بغارة أميركية قرب المطار.
“تحقيقات مستمرة”
حتى اللحظة، لا تزال التحقيقات مستمرة بحادثة المطار، التي وقعت في الثالث من كانون الثاني عام 2020، ولم يكشف أسم “الغادر” بهما ومن يقف خلفه، فكل المؤشرات تشير إلى أن هناك من وشى بهما، وأعطى معلومات دقيقة، للجانب الأمريكي، الذي لم يهلمها، ولم يضع في حساباته، ردود الأفعال، فكل ما فعله الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب، هو منح الضوء الأخضر لقصف موكب سليماني القادم من سوريا، حيث كان في انتظاره أبو مهدي المهندس.
اعتقد كثيرون أن استشهاد المهندس وسليماني لن يكون ثمنه أقل من “فوضى أمنية وسياسية واجتماعية كبيرة”، خصوصاً وأن عدداً من المتواجدين داخل ساحة التحرير أيام تظاهرات تشرين آنذاك، قد هتفوا داخل نفق التحرير “فرحين” بنبأ مقتل المهندس وسليماني، ليزيد الأمر تعقيداً قيام وزير الخارجية الأمريكي السابق مايك بومبيو بمشاركة فيديوهات الاحتفال بالضربة الأمريكية، الأمر الذي جعل الكثيرين يعتقدون أن “فصائل الحشد الشعبي ستنزل للشارع وستثأر لمقتل قائدها الميداني، ليتصاعد الخوف جدياً من حدوث اشتباكات داخل ساحة التحرير، وهو ما لم يحصل، لتمر أولى ساعات استشهاد المهندس وسليماني، بسلام على شوارع وأمن بغداد.
وقتها، أعلنت إيران الحداد على قائد فليق القدس، وقال المرشد الإيراني علي خامنئي إن “الانتقام الشديد ينتظر المجرمين”، لتدعو السفارة الأمريكية في بغداد كافة رعاياها لمغادرة العراق “على الفور”.
تظاهرات الصدر
وعلى إثر الضربة الأمريكية، أمر زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر جيش المهدي “بالاستعداد للدفاع عن العراق”، ووصف الضربة بأنها “تستهدف الجهاد والمعارضة والروح الثورية الدولية”.
وكتب في تغريدة على موقع تويتر في الثالث من كانون الأول 2020″ أنا كمسؤول عن المقاومة الوطنية العراقية، أدعو جميع المجاهدين، لا سيما (جيش المهدي) و (لواء اليوم الموعود)، وكذلك الفصائل (الوطنية) و (المنضبطة) الأخرى تحت قيادتنا، أن تكون مستعدة للدفاع عن العراق”.
من هو المهندس
أما أبو مهدي المهندس الذي استشهد معه، فهو جمال جعفر محمد علي آل إبراهيم، وهو من مواليد عام 1954 في البصرة القديمة، التحق بكلية الهندسة التكنولوجية في بغداد في العام 1973 وتخرج منها عام 1977 وعمل كمهندس مدني في المنشأة العامة للحديد والصلب في البصرة.
وقد حصل على شهادة البكالوريوس في العلوم السياسية ودرس الدكتوراه في الاختصاص نفسه.
وقد انخرط المهندس في النشاط السياسي في مرحلة مبكرة من حياته فانضم إلى حزب الدعوة الاسلامية وهو في الدراسة الثانوية، وفي عام 1980 غادر إلى الكويت بعد تسلم صدام حسين الحكم في العراق حيث تعرض حزب “الدعوة الإسلامية” في تلك الفترة للكثير من التضييق والاعتقالات في صفوفه. كما تم إعدام المرجع الديني محمد باقر الصدر وقتها، أبرز مؤسسي حزب الدعوة.
وفي الكويت مارس نشاطاً سياسياً وأمنياً معارضا للرئيس العراقي صدام حسين ضمن ما سماه بـ”خلايا فرع حزب الدعوة” حتى منعته الحكومة الكويتية من مزاولة نشاط سياسي على أراضيها.
بعد اجتياح تنظيم داعش الإرهابي أجزاء واسعة من شمال العراق وغربه، تولّى المهندس جمع فصائل مسلحة عدة بدعم إيراني، كي يقفوا بصورة أساسية بوجه التهديدات الأمنية التي مثلها الإرهاب في بغداد وأطرافها.
ويرى مراقبون أن المهندس كان القائد “الحقيقي” الذي عمل بجد لتطوير “الحشد”، ولعب دورا وصف بـ” المؤثر” في قيادة العمليات العسكرية ضد “الدولة الإسلامية”، حيث دأب على الحضور كقائد ميداني لساحات المعارك التي قادها الحشد الشعبي على الأرض، والتي شابتها لاحقا اتهامات بوقوع ما وصف بـ”التجاوزات والانتهاكات”.
كما عرف المهندس بعلاقاته الوثيقة التي تمتد لعقود مع إيران عرف أيضا كواحد من أهم المقربين من قائد فيلق القدس الإيراني قاسم سليماني حيث أعتبر المهندس مستشاراً شخصياً لسليماني، وكانا يظهران سويا في كثير من المناسبات .
وحول طبيعة العلاقة بينه و بين الأخير، قال المهندس في أحد اللقاءات الصحفية باللغة الفارسية التي يتقنها” أفخر أن أكون جنديا لدى الحاج قاسم سليماني وهي نعمة إلهية”. كما هو حال سليماني، كان المهندس يحتفظ بلحية بيضاء وشعره الأبيض.
لقد عمل الرجلان معا عن كثب وضمن أهداف استراتيجية عدت مشتركة تخص “جهاز الأمن العسكري” المعروف بـ”قوات القدس” والذي تولى الجنرال قاسم سليماني قيادته منذ العام 1998 وكذلك الجناح الخارجي لعملياته. وقد قضى الرجلان معا حيث أنهت غارة أمريكية حياتهما بعدما استهدفت موكبهما على طريق مطار بغداد.