تتزايد المخاوف من أثر بحيرات الأسماك المتجاوزة على الأمن المائي في العراق، في وقت تعيش فيه البلاد واحدة من أشدّ سنوات الجفاف، وتعتمد بشكل متزايد على ما تبقى من الخزين المائي المحدود. وتُعد هذه البحيرات أحد أبرز أشكال التجاوز على الأنهر والمبازل، لما تسببه من فاقد كبير عبر التبخر والتلوث وامتصاص التربة.
10 آلاف بحيرة أزيلت و9 آلاف لا تزال قائمة
قال غزوان السهلاني، معاون مدير عام الهيئة العامة لتشغيل مشاريع الري والبزل، في تصريح خاص لمنصة “إيشان”، إن عدد البحيرات المتجاوزة التي أزيلت منذ 6 تشرين الثاني 2022 وحتى اليوم بلغ 10 آلاف بحيرة في عموم العراق وعلى امتداد حوضي دجلة والفرات.
وأكد السهلاني أن التجاوزات تعود للظهور مرة بعد أخرى، موضحاً أن أصحاب البحيرات يعيدون إنشاءها بعد الإزالة، فيما يلجأ آخرون إلى إنشاء بحيرات جديدة، رغم الإجراءات القانونية المتخذة بحقهم.
وأضاف أن عدد البحيرات المتجاوزة المطلوب إزالتها حالياً يصل إلى 9 آلاف بحيرة بمساحة تقارب 65 ألف دونم، بينها ثلاثة آلاف بحيرة في ميسان وحدها بمساحة تقارب 30 ألف دونم. وتتصدر محافظات ميسان وصلاح الدين وكركوك وديالى أعداد التجاوزات، بينما تسجل المحافظات الأخرى أرقاماً أقل، مع استمرار الحملات في جميعها بمساندة القوات الأمنية.
وفي وقت سابق من اليوم، أعلنت وزارة الموارد المائية، استمرار حملة إزالة التجاوزات بأنواعها كافة على المنظومة المائية وبحيرات الأسماك، مشيرة إلى تجفيف 1020 بحيرة في ناحية الإسحاقي جنوبي صلاح الدين، إضافة الى أكثر من 340 بحيرة قيد التجفيف.
جفاف وتجاوزات وملوثات
يربط مرصد العراق الأخضر بين التجاوزات الداخلية وبين شح المياه القادم من تركيا التي تتحكم بنحو 20 سداً على نهري دجلة والفرات، بخزين يقارب 80 مليار متر مكعب. وبحسب المرصد، لا يتلقى العراق اليوم سوى 35% من استحقاقه المائي، ما يجعل أي فقد إضافي عاملًا ضاغطًا على الموارد.
ويقدّر المرصد أن عدد بحيرات الأسماك بعد فيضان 2019 بلغ 20 ألف بحيرة، لم يُعالج منها إلا 11 ألفاً، بينما لا تزال 9 آلاف بحيرة قائمة وتمثل عبئاً مباشراً على الحصة المائية بسبب التبخر والتلوث وصعوبة السيطرة على المخلفات.
ويرى مختصون أن 70% من بحيرات الأسماك في العراق متجاوزة، وأن المشكلة الأساسية لا تتعلق فقط بكميات المياه التي تُضخ ثم تعاد إلى النهر، بل بفاقد التبخر العالي نتيجة المساحات المكشوفة، وامتصاص التربة لكميات كبيرة، إضافة إلى التلوث الناتج عن الأعلاف والمخلفات الدوائية.
ويؤكدون أن هذه التجاوزات تُفاقم خطر الجفاف في وقت تعتمد فيه البلاد على خزين مائي منخفض، وسط غياب حلول مستدامة لقطاع تربية الأسماك خارج إطار الأنهر.
