نشرت صحيفة “فورين أفيرز” مقالاً يستعرض كتاباً مشتركاً أعدّه كل من هنري كيسنجر، وزير الخارجية الأمريكي الأسبق، وإريك شميدت، الرئيس السابق لمجلس إدارة شركة جوجل، وكريغ موندي، المستشار الأول السابق للرئيس التنفيذي لشركة مايكروسوفت.
الكتاب الذي يحمل عنوان “الذكاء الاصطناعي والأمل والروح البشرية”، يناقش كيف أصبح الذكاء الاصطناعي محوراً لسباق عالمي محموم بين الدول.
يُشير المقال إلى أن الكثير من الدول باتت مهووسة بـ”الفوز في سباق الذكاء الاصطناعي”، وهو هوس له مبرراته بحسب المقال، فالدول باتت ترى أن التفوق في الذكاء الاصطناعي قد يمنح ميزة تكتيكية حاسمة في أي صراع مستقبلي.
ويضيف المقال أن الرغبة الطبيعية لأي جهة تملك ذكاءً اصطناعياً متقدماً يضمن عدم وصول هذا النوع من التكنولوجيا إلى منافسيها، وفي الوقت نفسه، ستفترض تلك الجهة أن منافسيها سيعملون على اتخاذ الخطوة ذاتها لضمان تفوقهم.
أما في حالات السلم، فإن الذكاء الاصطناعي المتقدم قد يكون قادراً على تقويض برامج المنافسين بطرق غير مرئية، كتعطيل تقدمهم التكنولوجي أو استغلال وسائل الإعلام في تلك الدول لإغراقها بمعلومات مضللة.
مثل هذا السيناريو قد يؤدي إلى زعزعة الاستقرار وإثارة المعارضة الجماهيرية داخل الدول المستهدفة.
يحذر الكتاب من أن الحروب عبر التاريخ كانت تُخاض ضمن فضاء يمكن فيه للطرفين المتحاربين تحديد قدرات ومواقع بعضهما البعض، هذا الوضوح، الذي منح شعوراً بالأمان النفسي وضبط النفس، بدأ يتلاشى مع تطور مفهوم “الحرب الخاطفة” في عصر الحروب الرقمية.
“نموذج جديد للحرب”
في الحروب الرقمية حيث لم تعد الجغرافيا عائقاً أمام المهاجمين، ولم يعد الهجوم بحاجة للتضحية بالقوة التدميرية للحفاظ على القدرة على الحركة، ما أدى إلى تفضيل الهجوم على الدفاع. ومع ذلك، فإن عصر الذكاء الاصطناعي قد يُعيد التوازن من خلال تعزيز الدفاعات السيبرانية لتضاهي سرعة ودقة الهجمات.
كما سيُحدث الذكاء الاصطناعي نقلة نوعية أخرى. على سبيل المثال، ستكون الطائرات المسيّرة (الدرونز) سريعة للغاية وذات قدرة على الحركة بشكل لا يمكن تخيله.
وعندما يتم استخدام الذكاء الاصطناعي ليس فقط لتوجيه طائرة مسيّرة واحدة، بل لإدارة أساطيل منها، ستتشكل أسراب من الطائرات المسيّرة تتحرك في انسجام تام ككتلة متكاملة واحدة، متقنة في تزامنها. وستتمكن هذه الأسراب المستقبلية من التفكك وإعادة التشكيل بسهولة في وحدات بأحجام مختلفة، تماماً كما تُبنى قوات العمليات الخاصة من وحدات قابلة للتكيف وقادرة على القيادة الذاتية.
من جهة أخرى، سيوفر الذكاء الاصطناعي دفاعات متطورة لمواجهة هذه التطورات، فبينما قد يكون إسقاط أسراب الطائرات باستخدام الذخائر التقليدية أمراً غير عملي، فإن أنظمة الدفاع القائمة على الذكاء الاصطناعي التي تستخدم طاقة الفوتونات والإلكترونات بدلاً من الذخيرة قد تحدث ثورة في الدفاعات العسكرية، بقدرات مشابهة للعواصف الشمسية التي تتلف الدوائر الكهربائية للأقمار الصناعية المكشوفة.
ووفق المقال، فإن الدّقة ستكون السمة الأبرز لأسلحة الذكاء الاصطناعي، حيث سيُتيح الجمع بين العلم والحرب أدوات أكثر فعالية وفتكاً، لكن الحروب المستقبلية قد لا تُحسم بإرهاق الخصم أو استنزاف موارده، بل بتحييد القدرات التكنولوجية التي تحمي الأصول البشرية والبنية التحتية.
ويشير المقال إلى العامل الحاسم هو القوة النفسية للإنسان (أو الذكاء الاصطناعي) الذي يتعين عليه أن يقرر في لحظة قد تؤدي إلى دمار شامل.
المصدر: بي بي سي عربي