بعد يوم على مقتل 7 جنود إسرائيليين جنوبي لبنان، تلقت تل أبيب صدمة أخرى، بمقتل 6 جنود آخرين دفعة واحدة، وهذه المرة كان الخطر قادما من “كابوس الكيان”، أو “الورقة المهمة” التي يعتمدها المقاتلون لمواجهة التفوق الجوي للاحتلال.
الستة قتِلوا في اشتباك من مسافة صفر، على يد مقاتلين من حزب الله كمنوا داخل مبنى قُصِفَ قبل دخول القوة، بحسب صحيفة يديعوت أحرونوت العبرية، والتي أشارت إلى أن الجيش الإسرائيلي يعتقد أن مقاتلي حزب الله خرجوا من نفق ثم غادروا.
“الورقة المهمة”
طوال عام، واصل خبراء الأمن الإسرائيليين دق ناقوس الخطر بأن التهديد الأعظم الذي تواجهه إسرائيل يكمن في الواقع في الشمال في لبنان، حيث طور حزب الله نظام أنفاق متطورا.
وبعد اغتيال قادة الصف الأول من الحزب، أكد خبراء أن أنفاق حزب الله هي الورقة المهمة التي يجب أن تظل صندوقا أسود كما هي الحال في أنفاق قطاع غزة، لمواجهة الاحتلال، وما إن أعاد الحزب ترتيب أوراقه، حتى ظهرت نتائج الرهان على الأنفاق.
وبحسب خبراء عسكريين، فإن شبكاتِ أنفاقِ حزب الله تؤمن وسيلةَ انتقالٍ محمية وآمنة، وتعمل بالخطوط الأمامية للمواجهة، وتُستخدم بأغلبها للعمليات التكتيكية لنصب الكمائن.
وساهمت شبكاتُ الأنفاق تلك في إنشاء توازن بين باطن الأرض والسماء، لمواجهة التفوق الجوي الإسرائيلي، ما جعل القتال عموديا أكثر منه أفقيا، وتضمن له حريةَ المناورة بشكلٍ أخطبوطي تحت الأرض.
تطور الأنفاق
لقد طور حزب الله، على مدى العقدين الماضيين، شبكة من الأنفاق تمتد لأكثر من 100 ميل في الطول التراكمي في جميع أنحاء جنوب لبنان.
وبخلاف الإعلام العسكري لدى حماس، الذي أطلق حملةً دعائية للأنفاق، لم يتبع حزبُ الله هذا الأسلوب بل كان متكتما جدا، وهو ما عزز قناعةَ الخبراء بعدم امتلاك إسرائيل معلوماتٍ كافية عنها.
وفقاً لتقرير نشرته “فوكس نيوز” فإن حزب الله بدأ في حفر أنفاقه بعد حرب لبنان الثانية في عام 2006 بالتنسيق الوثيق بين إيران وكوريا الشمالية بعد أن استمدت طهران “الإلهام” من بيونغ يانغ والأنفاق التي طورتها في أعقاب الحرب الكورية.
وخلص التقرير إلى أن حزب الله، بنى نوعين من الأنفاق عبر جنوب لبنان، “أنفاق هجومية وأنفاق للبنية التحتية”.
ووجد التقرير أن بعض أنفاق حزب الله قادرة أيضًا على نقل مركبات رباعية الدفع ودراجات نارية و”مركبات صغيرة” أخرى، رغم أنه لم يحدد عدد المسلحين الذين يمكن أن تستوعبهم.
وقال التقرير إن الأنفاق مجهزة “بغرف قيادة وتحكم تحت الأرض ومستودعات أسلحة وإمدادات وعيادات ميدانية وأعمدة مخصصة تستخدم لإطلاق الصواريخ من جميع الأنواع”، مشيرًا إلى أنه يمكن إطلاق أسلحة مثل الصواريخ والصواريخ أرض-أرض والصواريخ المضادة للدبابات والصواريخ المضادة للطائرات من “أعمدة” في الأنفاق. “هذه الأعمدة مخفية ومموهة ولا يمكن اكتشافها فوق الأرض”.
تطورت أنفاق حزب الله من الشكل البدائي المعروف بقطر ضيق يكفي لتحرك الأفراد إلى أنفاق متطورة ومؤهلة لتنقل الشاحنات. وهذا ما يمكن استنتاجه من مقارنة بسيطة بين نموذج لنفق يعود لـ”حرب تموز 2006″ وفره حزب الله في مجمع سياحي للحزب الله في مليتا في جنوب لبنان عام 2010، وفيديو يعرض نموذجا للأنفاق الحديثة للحزب نشره هذا الأخير بعنوان “جبالنا خزائننا” في آب 2024.
تشعبات تصل إلى إسرائيل
وذكر تقرير سابق لصحيفة “ليبراسيون” الفرنسية أن حزب الله لديه شبكة أنفاق سرية أكثر تطورا من تلك التي لدى حماس، جُهزت كأنفاق قتالية.
وقالت الصحيفة إن الحزب يمتلك أنفاقا يبلغ طولُها مئات الكيلومترات، ولها تشعباتٌ تصل لإسرائيل، وربما أبعد من ذلك، وصولا للأراضي السورية.