اخر الاخبار

“قرار تاريخي”.. العراق يدعو العالم للقبض على نتنياهو وتسليمه للجنائية الدولية

أصدرت الحكومة العراقية، بياناً بشأن إصدار مذكرة اعتقال بحق...

العراق يطلب من الجامعة العربية عقد جلسة طارئة لمواجهة “تهديدات الكيان”

قدمت الحكومة العراقية، اليوم الخميس، طلباً لعقد جلسة لمجلس...

الاتحاد الأوروبي “يدعم” اعتقال نتنياهو: قرارات الجنائية ملزمة

اعتبر الممثل الأعلى للاتحاد الأوروبي للشؤون الخارجية والأمنية جوزيب...

مواطنون يتساءلون: ما جدوى فرض حظر التجوال خلال التعداد السكاني؟

في الدقيقة الأولى من يوم أمس الأربعاء، دخل حظر...

ذات صلة

صدام حسين يفكر بمساجد “هوليودية” ومآذن على شكل صواريخ

شارك على مواقع التواصل

بعد عقد ونصف، على استيلاء صدام حسين على مقاليد البلاد بالحديد والنار، خرجت البلاد خلالها بثمانية أعوام من الحرب العراقية – الإيرانية، أعقبها اجتياح الكويت، ثم الانسحاب منه مهزوما، ومن ثم وجدت البلاد نفسها واقعة تحت العقوبات الدولية.

خلال تسعينات القرن الماضي، فترة ما يُعرف اختصارا بالحصار، توجه نظام حزب البعث العربي في العراق، صاحب التوجهات العلمانية، بأمر من صدام للدخول في “حملة إيمانية”، تماشيا مع ظروف البلاد القاهرة تحت العقوبات، والمآسي التي خلفتها حربا الخليج الأولى والثانية.

الرئيس “الدكتاتور” عمل طوال سنين حكمه على تثبيت أثره من خلال آلاف الصور وعشرات النصب والتماثيل التي تدل على شخصه، فضلا عن المشاريع العمرانية الهائلة التي تحمل اسمه. وخلال “الحملة الإيمانية”، توجه نحو بناء المساجد الضخمة والهائلة، والتي لم يُكتب لها أن تكتمل، مثل مسجدي الرحمن ومسجد مطار المثنى.

خلال هذه الفترة يتحدث المهندس المعماري البارز، معاذ الآلوسي، عن تصاميم معمارية لبناء مساجد، اتخذت أشكالا غريبة مستوحاة من أفلام ألف ليلة وليلة الهوليودية، وأخرى على شكل أقراص فضائية طائرة، أو مآذن على شكل صواريخ حربية.

يقول الآلوسي: 

في يوم في منتصف الثمانينات تم استدعاء ثلة من المعماريين، الى القصر للإطلاع على تصاميم جوامع مصممة من قبل شباب معماريين في خدمة ضباط الاحتياط، ما ادهشني هو جميع الشباب اتخذوا مسارا واحدا واستلهموا ادوات القتل لترميز المحبة والسلام التي يدعو لها الدين الاسلامي والاديان الاخرى، فأخذتني الحمية وتدخلت بما قد يفسر بالاحتجاج ومن دون العلم بان منهاج العمل والفلسفة الواجب اتباعها في التصاميم هي من وضع الرئيس نفسه، لم اعرف مسبقا الى ان اطلعني مدير الندوة وهو معماري من معارفي مجند حديثا برتبة عالية في الجيش.  قد اكون متطرف وسلفي في اعداد تصاميم الجوامع، الابنية التراثية الوحيدة التي لا يمكن تحديثها هي الجوامع، والسبب بسيط جدا، هل تم تحديث مناسك الصلاة، وكيفية التعبد في الاسلام، هل يصح للمعماري ان يكون مفتيا ويحدّث الاشارات والايماءات الموجودة اصلا في تصاميم الجوامع. 

هل يمكن أن يكون الجامع على هيئة مثلث؟  او مدور؟ اين جدار المحراب؟ الممتد ليوفر الأجر العظيم، في التقرب إليه لأكبر عدد ممكن، ومما يجعلهم في التسابق لاحتلال الأقرب للزيادة في الأجر، عدم استقامته دعوة صريحة  الى المفاضلة، بين الحاكم والمحكوم، المفاضلة في الإسلام تكون بالتقوى ليس بالمحل الذي يصلي فيه المتعبد.

الجوامع في بغداد لها نمط هندسي مميز، تختلف عن جوامع العالم أجمع، فهي نحتية فريدة، وبمقياس إنساني قبل أن يجري الإستيراد الخاطئ لأساليب غير معروفة في العراق.

 فمنذ تشييد جامع أم الطبول، استوردت عمارة غريبة عن بغداد الحاضرة، لينتهي بجامع أم القرى والرحمن، وآخرها تسقيف مراقد الائمة في كربلاء.  كل هذه الأمثلة كانت خروجاً عن التواصل والتسلسل الفكري الطبيعي. صنّف أبو المعالي محمود شكري الآلوسي في كتابه الصادر “جوامع بغداد” الجوامع إلى مساجد جامعة، ومساجد منها ضرار، وأخرى للتقوى، ووصف قيماً معمارية ودينية أساسية في تشييد الجوامع، وبين ما هو ضروري ومستحب، وما هو غير مرغوب أو مقبول في التنظير لبناء المساجد

كانت مديرية الأوقاف في العراق مسؤولة عن تشييد الجوامع في العراق، وفنيوها هم من حافظ على هذا النمط المتميز. وبدلا من الإضافة إلى تراث عريق واختيارات سابقة جرى بتر هذا السياق على نحو قاس في الحملة الرحمانية.

 في النهاية حصلت بغداد على حملة رحمانية غريبة، ومساجد مستنسخة من أفلام ألف ليلة وليلة الهوليودية، جُرب فيها أنواع جديدة من الإيمان والتعبد، صلاة داخل بحيرات، وأطباق طائرة، ومآذن تشبه صواريخ موجهة، وساعات مرفوعة دقّاقة، وزخرفة دخيلة بنهج عشوائي، جامع على هيئة رخ يهم بالإقلاع منسوخ وممسوخ حرفياً من مبنى  شركة طيران “تي دبليو اي” في مطار كندي للمعمار “سارانين” في نيويورك، جوامع كأنها مدن ألعاب.

لقد طنش الجميع وابتهجوا وسعدوا بالإسلام الجديد في العراق الجديد، يتسابق المؤمن على احتلال المسجد الفلاني قبل أخيه المؤمن الثاني مقتسمين الغنيمة، وعلى عينك يا أبو المعالى محمود شكري الآلوسي، صاحب كتاب مساجد بغداد الذي كتبه في أوائل القرن الماضي، كأنه استشف ما ستؤول إليه مساجد بلده. هل تحلحل في قبره احتجاجا ونكداً؟