اخر الاخبار

طيران في سماء بغداد.. العراق يحتفل بيومه الوطني باستعراض “جوي مميز”

تستعد وزارة الدفاع العراقية، عبر قيادة القوة الجوية وطيران...

إعلام عبري: جنود إسرائيليون يصعدون إلى سفن “أسطول الصمود”

أفادت هيئة البث الإسرائيلية مساء اليوم الأربعاء بأن جنودا...

وزير البيئة: منع لصق الدعاية الانتخابية على الأشجار والحدائق

أصدر وزير البيئة هه لو العسكري، اليوم الأربعاء، تعليمات...

الولايات المتحدة تفرض عقوبات جديدة على إيران

فرضت الولايات المتحدة عقوبات جديدة متعلقة بإيران شملت عددا...

ذات صلة

ضجة الحلة تعيد الجدل: حينما أقال “شيخ الكاولية” محافظ واسط

شارك على مواقع التواصل

 أثار مقطع مصوّر من محافظة بابل ضجّة واسعة على منصات التواصل الاجتماعي، بعد أن أظهر حفلاً خاصاً في مدينة الحلة يتوسطه عدد من الراقصات اللواتي قيل إنهن من الكاولية أو الغجر، في مشهد ذكّر العراقيين بما كان يُعرف بحفلات البساتين التي اشتهرت لعقود طويلة من الزمن.

وشهد المقطع انتقادات حادة اعتبرت هذه الحفلات عادة سيئة أو امتهاناً للآخرين، لا تتناسب مع مكانة رجال العشائر، ما دفع عشيرة البوعلوان إلى إصدار اعتذار رسمي.

العشيرة قالت إن ما حصل “لا يعبّر عن قيم ومبادئ هذه العشيرة”، معلنة البراءة مما جرى، ومؤكدة أن الحادثة لن تتكرر وأن العشيرة ستضع حداً لأي محاولة للزج باسمها في مواقف مشابهة.

وتعيد هذه الواقعة إلى الأذهان ظاهرة اجتماعية كانت رائجة في مناطق ريفية وعشائرية بالعراق.

إذ كان بعض رجال العشائر المتمكنين مالياً يستقدمون فرق الكاولية لإحياء المناسبات في المزارع والبساتين، كنوع من الاستعراض والوجاهة الاجتماعية.

هذا النوع من الرفاه لم يكن متوفراً لجميع السكان، إذ إنه كان يقتصر على المتمكنين مادياً، وهم طيلة تاريخ العراق كانوا قلة، منذ زمن الإقطاعيين، وصولاً إلى زمن البعثيين.

والكاولية هم مجموعة من الغجر الذين يسكنون في قرى، وتجمعات بشرية عادة ما تكون منعزلة على أطراف المدن والبلدات. وكانت مهنتهم الرئيسة هي إقامة الحفلات وتجهيز الراقصات والعازفين.

ومن مشاهير الكاولية في الوسط الفني بالعراق، حمدية صالح، وغزلان، وهند طالب، وملايين، وصبيحة ذياب، وساجدة عبيد.

خلال النظام السابق، كان الكاولية يحظون بمعاملة خاصة، إذ كانت الحصة التموينية تصل إليهم قبل غيرهم، بحسب القيادي البعثي طالب السعدون. هذه المعاملة الخاصة لأن معاقلهم كانت تأوي رجال البعث الذين يمضون لياليهم هناك.

شيخ الكاولية

يذكر طالب السعدون، القيادي البعثي ومحافظ واسط الأسبق، في مقابلة متلفزة، قصة تتعلق بالكاولية أدت إلى إقالته.

قال السعدون: “انقطع طريق العمارة بسبب مجموعة تمتهن التسليب، أصدرت أمراً إلى المنطقة بأن أي مركبة تتعرض للتسليب، سنقوم بهدم بيوت المنطقة”.

وأضاف: “بعد أيام دخل إلي أحد وجوه تلك المنطقة، وأبلغني بأن السلطات تريد هدم منازلهم جراء تعرض مركبة للتسليب قرب المنطقة. وأقسم بأن الكاولية هم من يقومون بهذه العمليات. سألته أي كاولية؟ فأجابني: ألا تعرفها؟ أليست سياراتكم (سيارات السلطة) كل ليلة عندهم؟”.

وأردف قائلاً: “رفعت هاتفي، وأمرت باعتقال شيخ الكاولية. ثم أمرت بالهجوم على قرية الكاولية، في أطراف محافظة واسط، وأمرت الجرافات بتهديم تلك البيوت وقد نفذت ذلك”.

وقال السعدون: “صارت حياتي جحيم بعد ذلك”.

وتابع: “أرسل بطلبي علي مجيد، وزير الداخلية. حينما ذهبت إلى لقائه لم يستقبلني، وخلال وجودي هناك، رأيت كاولية الكوت يخرجون من مكتب الوزير. عرفت فيما بعد أن مجيد تعهد للكاولية بأنه سيلبني ويهينني أمامهم”.

وزاد: “لم يمض أسبوعين على تلك الحادثة، حتى صدر أمر نقلي، وجاءت البرقية بيد عريف شرطي”.
واختتم قائلاً: “أما المحافظ الذي جاء بعدي، فكانت الأوامر وضاحة له بشأنهم، إذ أعيد بناء مجمع سكني كامل لهم، وشُيّد كل ما خربته الجرافات، وبنوا لهم مدرسة”.

وزير الكاولية

لا تزال المقاطع المصورة التي وثقت حفلات علي حسن مجيد مع الكاولية مبثوثة على منصات التواصل. كان مجيد، ابن عم رئيس النظام الأسبق صدام حسين، والقيادي البعثي الذي تولى مناصب رفيعة آنذاك، يقيم الليل كله في هذه الحفلات. وهو الأمر ذاته الذي كان يفعله نجل صدام الأكبر، عدي. وكل ذلك خلال فترة الحصار التي أنهكت البلاد.

بحسب السياسي آراس الحبيب، فإن علي حسن المجيد، حينما تم اعتقاله بعد سقوط النظام السابق عام 2003، كان نائماً وسط امرأتين اثنتين من الكاولية.

الكاولية بعد 2003

ومع مرور الوقت تراجعت هذه الظاهرة بشكل كبير، لأسباب عديدة، أبرزها تصاعد الخطاب الديني بعد 2003، وتغيّر الذائقة الاجتماعية نحو حفلات أكثر رسمية، فضلاً عن الضغوط الأمنية والانتقادات الأخلاقية المتزايدة.

القرى التي كانت مخصصة للكاولية، في أطراف صلاح الدين والأنبار والديوانية وذي قار، والبصرة، لم تبق على حالها بعد سقوط النظام السابق، إذ إن الكثير من الغجر هاجروا أماكنهم القديمة، ومنهم غير مهنته التي أصبت وصما يلاحقهم.

اليوم، ينظر الكثيرون إلى مثل هذه الحفلات بوصفها ممارسات لم تعد مقبولة اجتماعياً، إذ بات المجتمع العراقي أكثر حساسية تجاه ما يعتبره انتهاكاً للأعراف أو القيم العشائرية.